صوتها ذكره بأكرمان وحسنية، فمازج حنان الأرض أشواق السماء في قلبه، فقال برقة مشعشعة بالندى: عليك بالانتظار حتى مطلع الفجر، والله يتولاك برحمته. - هل أستطيع الانتظار هنا؟
فابتسم ابتسامة لم ترها، وقال: خلق العراء للهاربين! أين تذهبين؟ - أريد أن أبعد عن المدينة. - ولكنك وحيدة ولعلك جميلة!
فلاذت بالصمت، فقال: لعل الله يعينك بيدي إن شئت؟
فقالت بامتنان: ما أريد إلا أن تيسر لي السفر.
فتساءل بقلق: عهد الله إنك لم تخلفي وراءك أذى لإنسان؟
فقالت بصوت متهدج وقد اطمأنت إليه: إني مظلومة، غادرت داري لأقتل نفسي، ثم خفت أن يلقاني الله غاضبا. - لماذا يا ابنتي؟
فنشجت باكية، فهتف مخاطبا السماء: إنك أعلم أين تضع رحمتك. - بريئة ومظلومة. - ما أحب أن أتطفل على سر قلبك.
فاستسلمت قائلة: إنك من العباد الطيبين وإليك أبوح بسري.
وراحت تحكي حكايتها، فقاطعها متسائلا: أأنت صاحبة الحلم؟
فهتفت متسائلة: كيف عرفت ذلك؟ - عرفته من شريكك في نفس المكان، وسمعته بعد ذلك من المنادين. - عقلي عاجز عن متابعتك، هل تعرف شريكي في الحلم؟ - المنادون يرددون اسمه في كل مكان، إنه نور الدين بياع الروائح العطرية.
Página desconocida