قال بتوسل: إنه يحبك يا شهرزاد. - الكبر والحب لا يجتمعان في قلب، إنه يحب ذاته أولا وأخيرا. - للحب معجزاته أيضا. - كلما اقترب مني تنشقت رائحة الدم. - السلطان ليس كبقية البشر. - لكن الجريمة هي الجريمة .. كم من عذراء قتل، كم من تقي ورع أهلك، لم يبق في المملكة إلا المنافقون.
فقال بحزن: ثقتي بالله لم تتزعزع قط. - أما أنا فأعرف أن مقامي في الصبر كما علمني الشيخ الأكبر.
فقال دندان باسما: نعم الأستاذ ونعم التلميذة.
الشيخ
يقيم الشيخ عبد الله البلخي في دار بسيطة بالحي القديم .. تنطبع نظرته الحالمة في قلوب الكثيرين من تلاميذه القدامى والمحدثين، وتنطبع بعمق أبدي في قلوب المريدين .. العبادة الكاملة عنده مقدمة ليس إلا؛ فهو شيخ الطريق، وقد بلغ منه مقام الحب والرضا .. عندما غادر خلوته إلى حجرة الاستقبال أقبلت عليه زبيدة ابنته المراهقة والوحيدة، وقالت بسرور: المدينة فرحانة يا أبي.
فتساءل دون مبالاة: ألم يصل بعد الطبيب عبد القادر المهيني؟ - لعله في الطريق يا أبي، لكن المدينة فرحانة؛ لأن السلطان رضي بشهرزاد زوجة له، وعدل عن سفك الدماء.
لا شيء يخرجه من هدوئه .. الرضا في قلبه لا ينقص ولا يزيد .. وزبيدة ابنة وتلميذة ولكنها ما زالت في أول الطريق .. وسمعت على الباب طرقا فمضت قائلة: جاء صديقك لزيارته المعتادة.
دخل الطبيب عبد القادر المهيني، فتعانقا، ثم اقتعد شلتة إلى جانب صديقه .. ودارت المناجاة كالمعتاد على ضوء مصباح في كوة .. قال عبد القادر: عرفت - لا شك - الخبر السعيد.
فقال باسما: عرفت ما يهمني معرفته.
فقال الطبيب: الحناجر تدعو لشهرزاد بينا أنك أنت صاحب الفضل الأول.
Página desconocida