واجتمع الحاكم عباس الخليجي بالشيخ عبد الله البلخي والطبيب عبد القادر المهيني والمفتي، وقال لهم: إنكم صفوة حينا، وأريد أن أسترشد بآرائكم فيما يقع لنا، فما تشخيصكم له وما العلاج الذي تقترحونه؟
وقال الطبيب: ما هي إلا عصابة من الأشرار تعمل بحرص ودهاء، فنحن في حاجة إلى مزيد من السهر على الأمن.
وتفكر قليلا ثم واصل: ونحن في حاجة أيضا إلى إعادة النظر في توزيع الزكاة والصدقات.
فقال الحاكم: أعتقد أن المسألة أخطر مما تفترض، ما رأيك يا شيخ عبد الله؟
فأجاب الرجل باقتضاب: ينقصنا الإيمان الصادق! - ولكن الناس مؤمنون.
فقال بأسى: كلا .. الإيمان الصادق أندر من العنقاء.
عند ذاك قال المفتي بصوت خشن: ثمة من يمارس علينا السحر الأسود، ولا أتهم إلا الشيعة والخوارج!
13
وسيق إلى السجون جميع من حامت حولهم الشبهات .. ضجت دور كثيرة بالشكوى .. ولأول مرة يفيق فاضل صنعان من يأسه .. عجب لنفسه وتساءل: أما زال في قلبه متسع للتأمل والندم؟! عاودته ذكريات قديمة كما تهفو نسائم على نار متأججة .. ومضى يفكر في توجيه عبثه إلى متجه جديد .. غير أن صاحب الطاقية تمثل له بنظرته المحذرة وهو يتساءل: ألم تشف بعد من دائك القديم؟
فاجتاحه الغيظ، ولكنه كظم نفسه بذل، وقال: إن تهريب هؤلاء سيكون قمة العبث! - تذكر اتفاقنا.
Página desconocida