Las Grandes Clases de al-Sha'rani
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Editorial
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Año de publicación
1315 هـ
على فقير قط إلا، وأنا خال من جميع النسب، والعلوم، والمعارف أنتظر بركات ما يرد علي من رؤيته، أو كلامه، وذلك لأن من دخل على شيخ بحظ انقطع بحظه عن بركات رؤيته، ومجالسته، وأدبه، وكلامه، وكان رضي الله عنه يقول: رأيت في بعض سياحتي شيخا توسمت فيه الخير فقلت له: عظني بكلمة فقال همتك احفظها فإن الهمة مقدمة الأشياء فمن صلحت له همته وصدق فيها صلح له ما وراء ذلك من الأعمال والأحوال، وكان يقول: أحسن الناس حالا من أسقط عن نفسه رؤية الخلق، وراعى سره في الخلوات مع الله واعتمد عليه في جميع الأمور، وكان رضي الله عنه يقول: أرواح الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، في حال الكشف، والمشاهدة، وأرواح الأولياء في القربة، والاطلاع وكان رضي الله عنه يقول: فقدت قلبي منذ عشرين سنة مع الله تعالى، وتركت قولي للشيء كن فيكون منذ عشرين سنة أدبا مع الله عز وجل قال بعضهم معناه أنه كان يرجع إلى قلبه ثم يرجع بقلبه إلى الله ومعنى تركت قولي للشيء كن فيكون أنه كان مجاب الدعوة كلما دعا أجيب ثم ارتفع عن ذلك إلى الله تعالى فصار بمراد الله لا بمراده فترك الدعاء، وكان يقول: كان عندنا رجل أخذ في التقلل حتى وقف على نواة ثم صار قوته الماء، وقيل له: إذا جاع الفقير أيش يعمل؟ قال يصلي قيل: فإن لم يقدر قال ينام قيل له: فإن لم يقدر ينام قال: إن الله تعالى لا يخلي فقيرا عن إحدى ثلاث إما قوى، وإما غذاء، وإما أخذ والله أعلم.
ومنهم أبو الحسين خير النساج
رضي الله تعالى عنه
أصله من أسر من رأى، إلا أنه أقام ببغداد وصحب أبا حمزة البغدادي ولقي السري السقطي، وهو من أقران النوري، وعمر طويلا على ما قيل مائة وعشرين سنة وتاب في مجلسه الخواص، والشبلي، وكان أستاذا لجماعة، ومن كلامه رضي الله عنه: الصبر من أخلاق الرجال، والرضا من أخلاق الكرام، وكان رضي الله عنه يقول: العمل الذي يبلغ فيه العبد إلى الغايات هو رؤية التقصير، والعجز، والضعف، وكان رضي الله عنه يقول: قص موسى يوما في بني إسرائيل فزعق واحد من القوم فانتهره موسى عليه السلام فأوحى الله تعالى إليه يا موسى بطيبي باحوا، وبوجدي صاحوا فلم تنكر علي عبادي؟
ومنهم أبو حمزة الخراساني
رحمه الله تعالى آمين
يقال إن أصله من نيسابور من محلة ملقاباذ صحب مشايخ بغداد، وهو من أقران الجنيد رضي الله عنه، وسافر مع أبي تراب النخشبي وأبي سعيد الخراز، وكان من أفتى المشايخ، وأدينهم، وأورعهم مات سنة تسع وثلاثمائة، وكان الإمام أحمد رضي الله عنه إذا عرضت عليه مسألة تتعلق بطريق القوم يقول له: ما تقول في هذه المسألة يا صوفي، وكان يقول: بقيت محرما في عباءة أسافر ألف فرسخ كل سنة كلما تحللت أحرمت جديدا سنين عديدة. قلت: وعري البدن للفقير إشارة للتجرد بالباطن عن الكون، وقوله كلما تحللت أحرمت أي كلما ملت إلى شهوة جددت توية، والله أعلم.
ومنهم أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن أبي بكر الصنجي
رضي الله عنه
كان من كبار أهل البصرة مكث في سرب في داره لم يخرج منه ثلاثين سنة، وكان اجتهاده متواليا لا يفتر حتى أخرجه أهل البصرة منها فخرج إلى السوس، ومات بها، وقبره هناك ظاهر يزار، وكان عالما بعلوم القوم، وبالأصول وكان صاحب ورع ولسان، وكان رضي الله عنه يقول: السماع بالتصريح جفاء، والسماع بالإشارة تكليف وألطف السماع ما يشكل إلا على مستمعه، وكان رضي الله عنه يقول لا يقطعك شيء عن شيء إلا إذا كان القاطع أتم، وكمل، وأعلى عندك فإن كان مثله أو دونه فلا يقطعك فالحكم لما غلب على القلب، والسلام وكان يقول: ابتلى الخلائق بأسرهم بالدعاوي العريضة في المغيب فإذا أظلتهم هيبة المشهد خرسوا، وانقمعوا وصاروا لا شيء، ولو صدقوا في دعاويهم لبرزوا عند المشاهدة كما برز نبينا محمد صلى الله عليه وسلم للشفاعة دون غيره، ويقول: أنا لها أنا لها، ولم ترعه هيبة الموقف لما كان عليه من قدم الصدف، وكان يقول: الغريب هو البعيد عن وطنه، وهو مقيم فيه لقلة جنسه رضي الله عنه.
ومنهم أبو جعفر أحمد بن حمدان بن علي بن سنان
رحمه الله تعالى
هو من كبار مشايخ نيسابور صحب أبا عثمان ولقي أبا حفص، وهو أحد الخائفين الورعين جاور بمكة في آخر عمره وعشرين سنة متوالية نعى بموت أبي بشر سنة سبع، وثمانين، وثلاثمائة، وكان بمكة، وكان أوحد مشايخ الحرم في وقته، ومات أبو جعفر بن
Página 88