Las Grandes Clases de al-Sha'rani
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Editorial
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Año de publicación
1315 هـ
الأولياء على اختلافها تكون من أربعة أسماء الأول والآخر والظاهر والباطن، وكل فريق له منها اسم فمن فني عنها بعد ملابستها فهو الكامل التام فأصحاب اسمه الظاهر يلاحظون عجائب قدرته، وأصحاب اسمه الباطن يلاحظون ما يجري في السرائر وأصحاب اسمه الأول شغلهم بما سبق، وأصحاب اسمه الآخر متربصون بما يستقبلهم. فكل يكاشف على قدر طاقته إلا من تولى الحق تعالى تدبيره، وكان رضي الله عنه يقول: إذا سئل عن المعرفة: للخلق أحوال ولا حال لعارف لأنه محيت رسومه، وفنيت هويته لهوية غيره وعييت آثاره لآثار غيره فالعارف طيار والزاهد سيار.
وكتب يحيى بن معاذ إلى أبي يزيد إنني سكرت من كثرة ما شربت من كأس محبته فكتب إليه أبو يزيد رضي الله عنه غيرك شرب من بحور السماوات والأرض، وما روي بعد، ولسانه خارج يقول هل من مزيد.
ودخل إبراهيم بن شيبة الهروي يوما على أبي يزيد فقال له: أبو يزيد وقع في خاطري أني أشفع لك إلى ربي عز وجل فقال: يا أبا يزيد لو شفعك الله في جميع المخلوقين لم يكن ذلك كثيرا، إنما هم قطعة طين فتحير أبو يزيد من جوابه ودخل على أبي يزيد عالم بلده وفقيهها يوما فقال: يا أبا يزيد علمك هذا عمن وممن ومن أين؟ فقال أبو يزيد علمي من عطاء الله وعن الله ومن حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من عمل بما يعلم ورثه الله علم ما لم يعلم " فسكت الفقيه. وسئل أبو علي الجوزجاني رضي الله عنه عن الألفاظ التي تحكي عن أبي يزيد فقال رحمه الله أبو يزيد نسلم له حاله ولعله بها تكلم على حد غلبة أو حال سكر ومن أراد أن يرتقي إلى مقام أبي يزيد فليجاهد نفسه كما جاهد أبو يزيد فهناك يفهم كلام أبي يزيد والله تعالى أعلم.
ومنهم أبو محمد سهل بن عبد الله
رحمه الله
ابن يونس بن عيسى بن عبد الله بن رفيع التستري رضي الله عنه: هو أحد أئمة القوم ومن أكابر علمائهم المتكلمين في علوم الإخلاص والرياضات وغيوب الأفعال. صحب خالدا ومحمد بن سوار وشاهد ذا النون المصري عند خروجه إلى مكة في سنة ثلاث وسبعين ومائتين ومات سهل سنة ثلاث وثمانين ومائتين، ومن كلامه رضي الله عنه الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا وإذا انتبهوا ندموا وإذا ندموا لم تنفعهم الندامة، وكان رضي الله عنه يقول: ما طلعت شمس ولا غربت على أهل الأرض إلا وهم جهال الله إلا من يؤثر الله على نفسه وزوجته ودنياه وآخرته، وأدنى الأدب أن يقف عند الجهل وآخر الأدب أن يقف عند الشبهة، وكان يقول: إن الله مطلع على القلوب في ساعات الليل والنهار، فأيما قلب رأى فيه حاجة إلى سواه سلط عليه إبليس، وكان يقول: يلزم الصوفي ثلاثة أشياء حفظ سره وصيانة فقره وأداء فرضه، وكان رضي الله عنه يقول الله: قبلة النية والنية قبلة القلب والقلب قبلة البدن والبدن قبلة الجوارح والجوارح قبلة الدنيا، وكان يقول: من سلم من الظن سلم من التجسس، ومن سلم من التجسس سلم من الغيبة ومن سلم من الغيبة سلم من الزور ومن سلم من الزور سلم من البهتان، وكان يقول: لا يستحق الإنسان الرياسة حتى يصرف جهله عن الناس ويحمل جهلهم ويترك ما في أيديهم ويبذل ما في يده لهم، وكان يقول: من أخلاق الصديقين ألا يحلفوا بالله لا صادقين ولا كاذبين، ولا يغتابون ولا يغتاب عندهم ولا يشبعون بطونهم وإذا وعدوا لم يخلفوا، وكان رضي الله عنه يقول: الفتنة على ثلاثة أقسام فتنة العامة دخلت عليهم من صناعة العلم، وفتنة الخاصة دخلت عليهم من تأخير الحق الواجب إلى وقت آخر، وأكل الحلال، وكف الأذى، واجتناب المعاصي، والتوبة وأداء الحقوق.
وكان يقول: من أحب أن يطلع الناس على ما بينه وبين الله فهو غافل، وكان يقول لقد أيس العلماء في زماننا هذا من هذه الثلاث خصال، ملازمة التوبة ومتابعة السنة وترك أذى الخلق، وكان يقول: العيش على أربعة أقسام عيش الملائكة في الطاعة، وعيش الأنبياء عليهم الصلاة والسلام في العلم، وانتظار الوحي وعيش الصديقين في الاقتداء، وعيش سائر الناس عالما كان أو جاهلا زاهدا كان، أو عابدا في الأكل والشرب والضرورة للأنبياء عليهم الصلاة والسلام والقوام للصديقين، والقوت للمؤمنين، والمعلوم للبهائم، وكان رضي الله عنه يقول: ما عمل عبد بما أمره الله تعالى عند فساد الأمور وتشويش
Página 66