Las Grandes Clases de al-Sha'rani
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Editorial
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Año de publicación
1315 هـ
سلامة دينك وكان يقول: كم من شخص يظهر الزهد في الدنيا والله مطلع على قلبه أنه محب لها، وكان رضي الله عنه يقول كتمان الفقر مطلوب لأنه من الأعمال الصالحة وذلك من أشد ما يكون على النفس وكان رضي الله عنه بقول: الجهاد عشرة فجهاد العدو واحد وجهاد النفس تسعة وكان رضي الله عنه يقول: إنما عرفوا لأنهم أحبوا أن لا يعرفوا، وكان يقول: ائتوا الصلاة قبل النداء ولا تكونوا كالعبد السوء لا يأتي للصلاة حتى يدعى إليها، وكان رضي الله عنه يقول: ما عليك أضر من علم لا تعملي به وكان يقول: شرار من مضي عام أول خير من خياركم اليوم، وكان رضي الله عنه يقول: أن الزمان الذي يحتاج الناس فيه إلى مثلنا لزمان سوء. ولد رضي الله عنه في الكوفة سنة سبع ومائة وسكن مكة وتوفي فيها سنة ثمان وتسعين ومائة ودفن بالحجون وهو ابن إحدى وتسعين سنة رضي الله عنه.
ومنهم شعبة بن الحجاج
رضي الله تعالى عنه ورحمه
كانوا يسمونه أمير المؤمنين في الرواية والحديث: وكان رضي الله عنه يقول: والله أن الشيطان صار يلعب بالقراء كما يلعب الصبي بالجوز فكيف بغير القراء، وكان قد عبد الله تعالى حتى جف جلده على عظمه فليس بينهما لحم، وكان يصوم الدهر كله، وكان يعيب على من يلبس ثوبا بثمانية دراهم ويقول هلا اشتريت قميصا بأربعة وتصدقت بأربعة فقيل له إنا مع قوم نتجمل لهم، فقال: أيش نتجمل لهم، وكان إذا مر بسائل يذهب إلى البيت فيخرج له كل ما وجده، وكان يقول: لأصحابه: لولا سؤالي للمحاويج والفقراء ما جلست مع أحد وكانت ثيابه شعبة لونها لون التراب، وكان إذا حك جلده انتثر منه التراب، وكان رضي الله عنه إذا لم يجد شيئا عيه للسائل أعطاه حماره ومشى، وكان إذا قعد في زورق أعطى الأجرة عن جميع من فيه، وقوموا حمار شعبة وسرجه ولجامه بسبعة عشر درهما، وقوموا ثيابه فلم تساو عشرة دراهم، وهي قميص وإزار ورداء وأرسل له المهدي ثلاثين ألف درهم ففرقها في المجلس ولم يأخذ منها درهما، وإن أهله لمحتاجون إلى رغيف. توفي رضي الله عنه بالبصرة وهو ابن سبع وتسعين سنة، سنة ستين ومائة، والله أعلم.
ومنهم مسعر بن كدام بكسر الكاف
رضي الله عنه
وكان يقول: إن لله تعالى عبادا لو يعلمون بما ينزل القدر لاستقبلوه استقبالا حبا لربهم ولقدره، فكيف يكرهونه بعد ما وقع، وكان إذا فتح المصحف ورأى فيه قصة قوم عذبهم الله يقول: إلهي قد دخلت رحمتهم قلبي فإن شئت فاغفر لي وإن شئت عذبني وكان يقول لا تقعدوا فراغا فإن الموت يطلبكم وكان ينشد الشعر عقب الصلاة، ويقول: إن النفس تكون هكذا وهكذا وسئل رضي الله عنه من أفقه أهل المدينة فقال: أفقههم أتقاهم لله عز وجل، وكان لا ينام كل ليلة حتى يقرأ نصف القرآن فإذا فرغ من ورده لف رداءه ثم هجع هجعة خفيفة، ثم يثب مرعوبا كالرجل الذي ضل منه شيء عزيز فهو يطلبه فيستاك ثم يتطهر ويستقبل القبلة إلى الفجر، وكان رضي الله عنه يجتهد في إخفاء عمله وكان يقول: أشتهي أن أسمع صوت باكية حزينة وقيل له أتحب أن يخبرك الرجل بعيوبك فقال: إن كان ناصحا فنعم وإن كان يريد أن ينقصني فلا وكان رضي الله عنه إذا خطر على باله يوم القيامة يبكي حتى يرثي له الحاضرون، وكان رضي الله عنه يخدم أمه ويقول: لولا أمي ما فارقت المسجد إلا لما لا بد منه، وكان رضي الله عنه: إذا دخل بكى وإذا خرج بكى وإذا صلى بكى وإذا جلس بكى. ودخل عليه سفيان الثوري رضي الله عنه في مرض موته فقال له: ما هذا الجزع يا مسعر والله لوددت أني مت الساعة فقال له مسعر رضي الله عنه إنك إذن لواثق بعملك يا سفيان لكني والله كأني على شاهق جبل لا أدري أين أهبط فبكى سفيان رضي الله عنه وقال: أنت أخوف لله عز وجل مني يا أخي، وكان سفيان إذا حدث عنه يقول: أخبرني أبو سلمة بقول يستحي أن يقول مسعر وكان في جبهته مثل ركبة العنز من السجود، وكان يقول: لا ينبغي أن يثني علي عالم وهو يقبض جوائز السلطان ويبني بيته بالآجر. وطلبت أمه بعد العشاء شربة ماء فخرج فجاء بالكوز فوجدها نامت فبقي الكوز على يده إلى الصباح ينتظر استيقاظها. ولما طلبه أبو جعفر المنصور ليوليه القضاء قال له: مهلا يا أمير المؤمنين إن أهلي يطلبون حاجة بدرهم فأقول لهم أنا أشتري لكم فيقولون لا نرضى بشرائك فإذا كان أهلي لا يرضون بشرائي لهم حاجة بدرهم يوليني أمير المؤمنين القضاء فأعفاه وقال
Página 49