Las Grandes Clases de al-Sha'rani
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Editorial
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Año de publicación
1315 هـ
يمشي على العصا فقيل له في ذلك فقال لأذكر أني مسافر من الدنيا، وكان يقول من شهد الضعف من نفسه نال الاستقامة، وكان يقول من غلبته شدة الشهوة للدنيا لزمته العبودية لأهلها، ومن رضي بالقنوع زال عنه الخضوع وكان يقول من أحب أن يفتح الله تعالى عليه بنور القلب فعليه بالخلوة وقلة الأكل وترك مخالطة السفهاء وبغض أهل العلم الذين لا يريدون بعلمهم إلا الدنيا، وكان يقول لا بد للعالم من ورد من أعماله يكون بينه وبين الله تعالى وكان يقول لو اجتهد أحدكم كل الجهد على أن يرضي الناس كلهم عنه فلا سبيل له فليخلص العبد عمله بينه وبين الله تعالى، وكان يقول لا يعرف الرياء إلا المخلصون، وكان يقول لو أوصى رجل لأعقل للناس صرف إلى الزهاد، وكان يقول: سياسة الناس أشد من سياسة الدواب، وكان يقول العاقل من عقله عقله عن كل مذموم، وكان يقول: لو علمت أن الماء البارد ينقص مروءتي ما شربته، وكان يقول أصحاب المروءات في جهد، وكان يقول: من أحب أن يختم الله له بخير فليحسن الظن بالناس، وكان يقول: مكثت أربعين سنة أسأل إخواني الذين تزوجوا عن أحوالهم في تزوجهم، فما منهم أحد قال رأيت خيرا قط، وكان يقول ليس بأخيك من احتججت إلى مداراته، وكان يقول من علامة الصادق في أخوة أخيه أن يقبل علله ويسد خلله ويغفر زلله، وكان يقول: من علامة الصديق أن يكون لصديق صديقه صديقا، وكان يقول: ليس سرور يعدل صحبة الإخوان ولا غم يعدل فراقهم، وكان يقول لا تشاور من ليس في بيته دقيق، وكان يقول: لا تقصر في حق أخيك اعتمادا على مروءته ولا تبذل وجهك إلى من يهون عليه ردك.
وكان يقول: من برك فقد أوثقك ومن جفاك فقد أطلقك وكان يقول: من نم لك نم عليك ومن إذا أرضيه قال فيك ما ليس فيك، كذلك إذا أغضبته قال فيك ما ليس فيك وكان يقول: من وعظ أخاه سرا فقد نصحه وزانه ومن وعظه علانية فقد فضحه وشانه وكان يقول من سامى بنفسه فوق ما يساوي رده الله تعالى إلى قيمته، وكان يقول: من تزين بباطل هتك ستره وكان يقول: التكبر من أخلاق اللئام، وكان يقول: القناعة تورث الراحة، وكان يقول أرفع الناس قدرا من لا يرى قدره، وأكثرهم فضلا من لا يرى فضله، وكان يقول من كتم سره ملك أمره وكان يقول ما ضحك من خطأ رجل إلا ثبت صوابه، في قلبه وكان يقول: الإكثار في الدنيا إعسار والإعسار فيها إيسار، وكان يقول الانبساط إلى الناس مجلبة لقرناء السوء والانقباض عنهم مكسبة للعداوة، فكن بين المنقبض والمنبسط، وكان يقول ما أكرمت أحدا فوق قدره إلا نقص من مقداري بقدر ما زدت في إكرامه، وكان يقول: لا وفاء لعبد، ولا شكر للئيم، وكان يقول: صحبة من لا يخاف العار عار يوم القيامة، ومن عاشر اللئام نسب إلى اللؤم، وكان: يقول من يسمع بأذنه صار حاكيا ومن أصغى بقلبه صار واعيا، ومن وعظ بفعله كان هاديا وكان يقول: من الذل حضور مجلس العلم بلا نسخة. وعبور الماء بلا فوطة وعبور الحمام بلا قصعة، وتذلل الرجل للمرأة لينال من مالها شيئا، وكان يقول: مداراة الأحمق غاية لا تدرك، وكان يقول: من ولي القضاء ولم يفتقر فهو لص، وكان يقول ينبغي للفقيه أن يكون معه سفيه لسافه عنه وكان رضي الله عنه يقول من خدم خدم.
وكان رضي الله عنه من أكرم الناس.
قدم من اليمن بعشرة آلاف دينار فضرب خباءه خارج مكة، فكان الناس يأتونه فما برح حتى فرقها كلها وما سأله أحد شيئا إلا احمر وجهه حياء من السائل، وكان رضي الله عنه يخضب لحيته بالحناء حمراء قانية وتارة يصفرها اتباعا للسنة، وكان كثير الأسقام منها البواسير وكانت دائما تنضح الدم، ولا يجلس للحديث إلا والطشت تحته يقطر الدم فيه، قال يونس بن عبد الأعلى ما رأيت أحدا لقي من السقم ما لقي الشافعي رضي الله عنه، وكان مقتصدا في لباسه وكان نقش خاتمه كفى بالله ثقة لمحمد بن إدريس وكان ذا هيبة وكان أصحابه لا يتجرؤن أن يشربوا الماء وهو ينظر إليهم هيبة له، وكان يتشح بالرداء ويتكئ على الوسادة وتحته مضربتان، وكان يقول أحب لكل مسلم أن يكثر من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وكان يقول في قوله صلى الله عليه وسلم: " ليس منا من لم يتغن بالقرآن " قال يترنم به يترنم به، وكان يقول كلما رأيت رجلا من أصحاب الحديث كأني رأيت رجلا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يقول لو رأيت
Página 44