Las Grandes Clases de al-Sha'rani
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Editorial
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Año de publicación
1315 هـ
خرج من الدنيا.
وكان رضي الله عنه يقول عليكم بالخبز والملح، فإنه يذهب شحم الكلى ويزيد في اليقين، وكان رضي الله عنه يقول: أحسن أحوال العبد مع الله موافقته، فإن أبقاه في الدنيا لطاعته كان أحب إليه وإن أخذه كان أحب إليه، وكان يقول ما من عبد أعطي من الدنيا شيئا فابتغى إليه شيئا ثانيا إلا سلبه الله تعالى حب الخلوة معه وبدله بعد القرب بعدا وبعد الأنس وحشة.
وصلى الغداة بوضوء العشاء أربعين سنة رحمه الله والله أعلم.
ومنهم أبو بشر صالح المري
رضي الله تعالى عنه
كان رضي الله عنه يبكي كبكاء الثكلى، ويجأر جؤار الرهبان حتى كأن مفاصله تتقطع، وكان يمكث مبهوتا إذا رأى المقبرة اليومين والثلاثة لا يعقل ولا يتكلم ولا يأكل ولا يشرب، وكان يسمع كلام الموتى ويكلمهم ويكلمونه بالمواعظ رضي الله عنه.
ومنهم أبو المهاجر بن عمرو القيسي
رضي الله تعالى عنه
واسمه رباح وكان يقول لي: نيف وأربعون ذنبا قد استغفرت الله عز وجل عن كل ذنب مائة ألف مرة وما ثم إلا عفوه ومغفرته وكان يقول: لا تجعل لبطنك على عقلك سبيلا إنما الدنيا أيام قلائل، وكان لا يأكل دائما إلا سد الرمق، وكان يقول مثقال ذرة من لحم يقسي القلب أربعين صباحا، وكان يقول: إزالة الجبال من مواضعها أهون من إزالة محبة الرياسة إذا استحكمت في النفس، وكان يقول رحم الله أقواما زاروا إخوانهم في قبورهم وهم في محاريبهم، وكان يقول: إياك أن تقف على حوانيت الصيارفة فإنها مواضع الربا، وكان يقول: إذا قال الرفيق قصعتي فليس برفيق حتى يقول قصعتنا، وكان يقول لما التقى موسى بالخضر عليهما السلام قال لموسى: تعلم العلم لتعمل به لا لتعلمه لغيرك، فيكون عليك بوره ولغيرك نوره وكان يقول: كما لا تنظر الأبصار الضعيفة إلى شعاع الشمس، كذلك لا تنظر قلوب محبي الدنيا إلى نور الحكمة، وكان يقول لا يبلغ الرجل إلى منازل الصديقين، حتى يترك زوجته كأنها أرملة أولاده كأنهم أيتام ويأوى إلى منازل الكلاب.
وكان رضي الله عنه لا يزيد في أكله وإدامه على الخبز والملح ويقول لنفسه أمامك الشواء والفرش في الدار الآخرة رضي الله عنه، وكان يقول: عليك بمجالس الذكر وحسن الظن بمولاك وكفى بهما خيرا رضي الله تعالى عنه.
ومنهم عطاء السلمي
رضي الله تعالى عنه
غلب عليه الحزن والخوف حتى مكث أربعين سنة على فراشه لا يقدر أن يقوم ولا يخرج من البيت، وكان يومئ بالصلاة على فراشه، ورأى مرة التنور وهو يسجر فغشي عليه، وكان رضي الله عنه يبكي الثلاثة أيام بلياليهن لا يرقأ له دمع، وكان إذا بكى رؤي حوله بلل يظن أنه من أثر الوضوء وإنما هي دموعه، وكان إذا خرج إلى جنازة يغشى عليه في الطريق مرات، ويخر من على الدابه لم يرجع. وكانت كل بلية نزلت بالناس يقول هذا كله من أجل عطاء لو مات استراح الناس منه رضي الله تعالى عنه.
ومنهم عتبة بن أبان الغلام
رضي الله تعالى عنه
وسمي بالغلام لأنه كان في العبادة كأنه غلام رهبان لا لصغر سنه وقال عتبة الغلام رضي الله عنه جاءني عبد الواحد بن زيد رضي الله عنه فقال: ما زال فلان يصف من قلبه منزلة لا أعرفها من قلبي فقلت لأنك تأكل مع خبزك تمرا فقال: فإذا تركت التمر وصلت إليها فقلت له نعم فجعل عبد الواحد يبكي، وكان عتبة يأوي إلى المقابر والصحارى ويخرج إلى السواحل فيقيم فيها، فإذا كان يوم الجمعة دخل البصرة فيشهد الجمعة ثم يأتي إخوانه فيسلم عليهم، وكان قد غلب عليه الحزن، وكانوا يشبهونه في الحزن بالحسن البصري رضي الله عنه.
مات رضي الله عنه شهيدا في قتال الروم وكان يهجع بعد العشاء شيئا يسيرا، ثم يقوم إلى الصباح وكان يلبس الشعر تحت ثيابه إلا يوم الجمعة، وكان يلبس كساءين أغبرين يتزر بواحدة منهما ويرتدي بالآخرى، وكان له بيت مغلق لا يفتحه إلا ليلا فلما مات فتحوه فوجدوا فيه قبرا محفورا وغلا من حديد رضي الله عنه.
ومنهم سفيان بن سعيد الثوري
رضي الله تعالى عنه
وكانوا يسمونه أمير المؤمنين في الحديث. ولد رضي الله عنه سنة سبع وتسعين وخرج من الكوفة إلى البصرة سنة خمس وخمسين ومائة وتوفي رضي الله عنه بالبصرة سنة إحدى وستين ومائة وكان رضي الله عنه عالم الأمة وعابدها وزاهدها وكان رضي الله عنه يقول: لا ينبغي للرجل أن يطلب العلم والحديث حتى يعمل في الأدب عشرين سنة، وكان يقول إذا فسد العلماء فمن يصلحهم،
Página 40