Las Grandes Clases de al-Sha'rani
الطبقات الكبرى المسماة بلواقح الأنوار في طبقات الأخيار
Editorial
مكتبة محمد المليجي الكتبي وأخيه، مصر
Año de publicación
1315 هـ
وكان يقول: أغنى الأغنياء من أبدى له الحق حقيقة من حقه، وأفقر الفقراء من ستر الحق حقه عنه، وكان رضي الله عنه يقول: الخالي من الأنس والشوق فاقد المحبة، وكان رضي الله عنه يقول: من خرج إلى الخلق قبل وجود حقيقة تدعوه إلى ذلك فهو مفتون، وكل من رأيته يدعي مع الله حالا لا يكون على ظاهره منه شاهد فاحذره، وكان رضي الله عنه يقول: إذا ظهر الحق لم يبق معه غيره، وكان يقول: من تحقق بعين العبودية نظر أفعاله بعين الرياء وأحواله بعين الدعوى، وأقواله بعين الافتراء، وكان رضي الله عنه يقول: ما وصل إلى صريح الحرية من بقي عليه من نفسه بقية، وكان رضي الله عنه يقول: شاهد مشاهدته لك، ولا تشاهد مشاهدتك له، كان رضي الله عنه يقول: القريب مسرور بقربه، والمحب معذب بحبه، وكان يقول: الفقر أمارة على التوحيد، ودلالة على التفريد، وحقيقة الفقر أن لا تشاهد سواه، وكان رضي الله عنه يقول: للفقر نور ما دمت تستره فإذا أظهرته ذهب نوره، وكان يقول: من كان الأخذ أحب إليه من الإعطاء فما يشم للفقر رائحة، وكان يقول: الإخلاص أن يغيب عنك الخلق في مشاهدة الحق، وكان رضي الله عنه يقول: من نظر إلى المكونات نظر إرادة، وشهوة حجب عن العبرة فيها، والانتفاع بها، وكان رضي الله عنه يقول: من عرف أحدا لم يعرف الأحد، والحق ما بان عنه أحد من حيث العلم، والقدرة، ولا اتصل به أحد من حيث الذات، والصفات، وكان يقول: من لم يصلح لمعرفته شغله برؤية أعماله، ومن سمع منه بلغ عنه، وكان يقول: من لم يخلع العذار لم ترفع له الأستار، وكان يقول: الحق لا يراه أحد إلا مات فمن لم يمت لم ير الحق، وكان يقول: في نهيهم عن صحبة الأحداث الحدث هو المستقبل للأمر والمبتلي في الطريق هو الذي لم يجرب الأمور، ولم يثبت له فيها قدم، وإن كان ابن سبعين سنة، وقيل أراد بالأحداث ما سوى الله تعالى من المخلوقات.
قلت: والمراد صحبتهم من غير إرشاد وتعليم، وإلا فإرشاد مثل هؤلاء هو المطلوب من كل فقير، وكان يقول: الإخلاص ما خفي على النفس درايته، وعلى الملك كتابته، وعلى الشيطان غوايته، وعلى الهوى إمالته، وكان رضي الله عنه يقول: إياكم والمحاكمات قبل إحكام الطريق، وتمكن الأحوال فإنها تقطع بكم عن درجات الكمال، وكان يقول: كل فقير لا يعرف زيادته، ونقصه في كل نفس فليس بفقير، وكان يقول: الفقر فخر، والعد غنم، والصمت نجاة، والإياس راحة، والزهد عافية، ونسيان الحق طرفة عين خيانة، وكان يقول: الحضور مع الحق جنة، والغيبة عنه نار، والقرب منه لذة والبعد عنه حسرة، والأنس به حياة، والاستيحاش منه موت، وكان يقول: طلب الإرادة قبل تصحيح التوبة غفلة، وكان يقول: من قطع موصولا بربه قطع به، ومن أشغل مشغولا بربه أدركه المقت في الوقت. ومكث رضي الله عنه سنة في بيته لا يخرج إلا للجمعة فاجمع الناس على باب داره، وطلبوا منه أن يتكلم عليهم فلما ألزموه خرج فرأى عصافير على سدرة في الدار فلما رأته في الدار فرت فرجع، وقال لو صلحت للحديث عليكم لم تفر مني الطيور ثم رجع، وجلس في البيت سنة أخرى ثم جاءوا إليه فخرج فلم تفر منه الطيور فتكلم على الناس، ونزلت الطيور تضرب بأجنحتها، وتصفق حتى مات منها طائفة، ومات رجل من الحاضرين، وكان يقول: كل بدل في قبضة العارف لأن ملك البدل من السماء إلى الأرض، وملك العارف من العرش إلى الثرى وكان الله تعالى قد أذل له الوحوش، ومر يوما على حمار، والسبع قد أكل نصفه، وصاحبه ينظر إليه من بعد لا يستطيع أن يقرب منه فقال لصاحب الحمار تعال فذهب به إلى الأسد، وقال له أمسك بأذن الأسد، واستعمله مكان حمارك فأخذ بأذنه، وركبه وصار يستعمله سنين موضع حماره حتى مات ، وقيل له مرة في المنام حقيقة سرك في توحيدك فقال: سري مسرور بأسرار تستمد من البحار الإلهية التي لا ينبغي بثها لغير أهلها إذ الإشارة تعجز عن وصفها وأبت الغيرة الإلهية إلا أن تسترها، وهي أسرار محيطة بالوجود لا يدركها إلا من كان وطنه مفقودا، وكان في عالم الحقيقة بسره موجودا يتقلب في الحياة الأبدية، وهو بسره طائر في فضاء الملكوت، ويسرح في سرادقات الجبروت، وقد تخلق بالأسماء، والصفات، وفني عنها بمشاهدة الذات هناك قراري، ووطني، وقرة عيني، ومسكني، والحق تعالى في غنى عن الكل قد أظهر في وجودي بدائع قدرته، وأقبل علي بالحفظ، والتوفيق، وكشف لي عن مكنون التحقيق فحياتي قائمة بالوحدانية، وإشاراتي إلى الفردانية فروحي راسخ في علم الغيب يقول لي مالكي يا شعيب كل يوم جديد على العبيد، ولدينا مزيد رضي الله عنه.
ومنهم أبو محمد عبد الرحيم المغربي القناوي
رضي الله تعالى عنه
Página 132