ولوامع الأسرار في شرح مطالع الأنوار

Qutb al-Din al-Razi d. 766 AH
86

ولوامع الأسرار في شرح مطالع الأنوار

لوامع الأسرار في شرح مطالع الأنوار

Géneros

Lógica

مضافا اليه ولا يحد الا بان يقترن البصر بالعدم فيكون احد جزئى البيان فكذا الإيجاب وقوع النسبة والسلب عدم وقوعها وعدم وقوع النسبة مشتمل على وقوع النسبة لا بمعنى انه جزئه بل من حيث ان تعقله موقوف على تعقل الوقوع فالإيجاب معتبر فى السلب على انه مرفوع لا على انه موضوع فلا تناقض اصلا واما انه لا يذكر الا بعد ذكر الإيجاب فلان الموجبة انما يعبر عنها باأفاظ والسالبة اذا اريد التعبير عنها ركب بينها وبين حرف السلب كقولنا زيد ليس هو قائما فان هو قائم هو الذي لو لا حرف السلب كان ايجابا على زيد فجاء السلب ورفع النسبة وتسمية القضايا الموجبة بالحملية والمتصلة والمنفصلة بطريق الحقيقة لتحقق معنى الحمل والاتصال والانفصال فيها واما السوالب فليست كذلك لأنا اذا قلنا زيد ليس بكاتب فقد رفعنا الحمل فكيف يتحقق الحمل وكذا فى سلب الاتصال والانفصال نعم انما سميت بها بطريق المجاز لمشابهتها اياها فى الاطراف او لكونها مقابلاتها او لأن لأجزائها استعداد قبول الحمل والاتصال والانفصال وتسمية المتصلة بالشرطية بطريق الحقيقة لما فيها من معنى الشرط واداته وتسمية المنفصلة بها بالمجاز للمشابهة بينهما فى الاجزاء او فى انتاج وضعها او رفعها فلئن قلت الحقيقة والمجاز اما باعتبار مفهومها الاصطلاحي فاطلاق اسمائها على السوالب والمنفصلة حقيقة كاطلاقها على السوالب والمنفصلة حقيقة كاطلاقها على الموجبات والمتصلة واما باعتبار مفهومها اللغوى فاطلاقها على الموجبات والمتصلة ليست حقيقة كاطلاقها على السوالب والمنفصلة اذ لا يراد بها فى هذا الفن مفهومها اللغوى وحيث لا ارادة ولا استعمال لا حقيقة ولا مجاز فنقول ذلك بحسب المفهوم اللغوى على معنى ان تلك الأسماء لو اطلقت واريد بها الموجبات والمتصلة كانت حقايق فيها ولو اريد بها السوالب والمنفصلة كانت مجازات وكان المصنف انما قال بطريق الحقيقة والمجاز ولم يقل حقيقة ومجاز اشارة الى هذا على ان المقصد الاقصى من هذا الكلام بيان المناسبة بين المفهومين تحقيقا للنقل فكانه قيل انما سميت القضية التي تنحل الى مفردين حملية اما فى الموجبة فلتحقق معنى الحمل واما فى السالبة فلمشابهتها اياها وكذلك فى البواقى نعم لا وجه لإيراد الحقيقة والمجاز فى البيان حينئذ ولما كانت الحملية متقدمة على الشرطية طبعا استحقت التقدم وضعا فلهذا وقع الشروع فى البحث عنها اولا قال الفصل الثاني فى اجزاء القضية وفيه بحثان اقول عنى بالقضية الحملية اذ الكلام مسوق لأجلها فهى انما يتم بمحكوم عليه وهو الموضوع ومحكوم به وهو المحمول ونسبة تربط المحمول بالموضوع ربط ايجاب او سلب وهى النسبة الحكمية وليست القضية مجرد معنى الموضوع والمحمول فانهما لو اجتمعا فى الذهن بدون الحكم لم يكن الحاصل قضية وقد شبهت بالمركبات الخارجية واجزائها باجزائها لأن طرفيها يشبهان المادة من حيث ان القضية معهما بالقوة كما ان مادة السرير كذلك والحكم بينهما يشبه الصورة لأنها تحصل بالفعل معه كصورة السرير والطرفين والحكم يشبهان المادة والصورة لأنهما يتقدمانه كهى عليها فهما جزءان ماديان والحكم جزء صورى ومعلوم انه اقوى الأجزاء وادخل فى الاعتبار فإنه الموجب والسالب والصادق والكاذب وبه مناط احكامها ولوازمها فاذا اريد ان يحازى باللفظ ما فى الضمير فبالأولى ان يدل عليه بلفظ ويسمى ذلك اللفظ رابطة فلئن قيل اجزاء القضية عند التفصيل اربعة الموضوع والمحمول والنسبة بينهما والحكم اى وقوعها اولا وقوعها فمدلول الرابط ان كان هو النسبة فلا بد من لفظ اخر يعبر به عن الحكم ليطابق الالفاظ والمعانى وان كان هو الحكم لم يستقم قول المصنف الرابط ما يدل على النسبة ولم يكن لفظة هو فى قولنا زيد ليس هو بكاتب رابطة اذ الحكم فيه السلب وهى لا يدل عليه مع تصريحهم فى الفرق بين الايجاب المعدول والسلب البسيط بانها رابطة فنقول مدلول الرابطة هو الحكم وقد صرح به الشيخ فى الشفاء حيث قال ليس مجموع معانى القضية معنى الموضوع والمحمول بل يحتاج الى ان يعتقد الذهن مع ذلك النسبة بين المعنيين بايجاب او سلب فعند محاذات المعانى بالألفاظ لا بد ان يتضمن ثلث دلالات والمصنف ايضا ساعد على ذلك لأنه لم يسم اللفظ الدال على مطلق النسبة رابطة بل الدال على نسبة تربط المحمول بالموضوع والنسبة ما لم يعتبر معها الوقوع او اللاوقوع لم يكن رابطة فان قيل لما كان معانى القضية اربعة لم يحصل محاذاتها الا باربعة الفاظ فنقول الدال على الحكم دال على النسبة فلا احتياج الى الدلالة عليها بلفظ اخر واما لفظ هو فرابط الإيجاب وكأنهم انما لم يعتبروا رابطة السلب استغناء بها مع حرف السلب ثم ان الرابطة ربما تترك اعتمادا على شعور الذهن بمعناها فانقسمت القضية باعتبارها الى قسمين لأنها ان ذكرت فيها فهى ثلاثية وان لم تذكر بل معها اضمرت فى النفس فهى ثنائية والرابطة اداة لدلالتها على النسبة الحكمية وهى غير مستقلة لكنها قد تكون فى صورة الكلمة وقد تكون فى صورة الاسم والأولى تسمى رابطة زمانية والاخرى غير زمانية واللغات مختلفة فى استعمالها والأقسام عند التفصيل تسعة لأن استعمال الرابطتين معا او الزمانية بدون غيرها او غير الزمانية بدونها مفروض فى المواد الثلاثة وعدم العثور على بعض الأمثلة لا يضر بالغرض قال الشيخ لغة اليونان توجب ذكر الرابطة الزمانية دون غيرها واما لغة العرب فربما تحذف الرابطة وربما تذكر والمذكور ربما كان فى قالب الاسم كقولك زيد هو حي وربما يكون فى قالب الكلمة وهى الكلمات الوجودية كقولنا زيد كان كذا او يكون كذا وقد غلب فى لغة العرب حتى انهم يستعملونها فيما ليس بزمانى كقوله تعالى وكان الله غفورا رحيما وفيما لا يختص بزمان كقولهم كل ثلاثة يكون فردا واما لغة العجم فلا يستعمل القضية خالية عنها اما بلفظ كقولهم هست وبود واما بحركة كقولهم چنين بالكسر او الفتح وفيما نقل عن لغة العرب نظر لان لفظة هو وهى وهما وهم وهن انما هى ضمائر وضعت عندهم لما تقدم ذكره عليها ولا دلالة لها على نسبة اصلا فضلا على النسبة الحكمية وانما تدل على مرجوع اليه متقدم فليس مدلول هو فى قوله زيد هو حي الا زيد فكيف يكون رابطة فان قلت المراد به الفصل والعماد فنقول الأمثلة التي اورده فيها ليست من مواضع الفصل يفصح عن ذلك تصفح كتابه على ان ضمير الفصل ايضا لا يدل عندهم على النسبة الحكمية بل على الفرق بين النعت والخبر واما الكلمات الوجودية فهى وان دلت على النسبة لكنها لا تدل على الحكم كما بينه فى المضارع الغائب ولأنها لو كان لها دلالة على الحكم لاحتمل الصدق والكذب وليس كذلك وايضا جعلها روابط هاهنا ينافى ما سبق منه فى الالفاظ من اخذها بازاء الأداة فقد ظهر ان ما اخذه رابطة فى لغة العرب ليس برابطة بل الرابطة عندهم حركة الرفع من الحركات الأعرابية وما يجرى مجريها لأنها دالة على معنى الفاعلية وهو الأسناد ثم ان كان التركيب من المعربات فالقضية ثلاثية كقولنا زيد قائم وان كان من المبنيات فهى ثنائية كقولنا هذا سيبويه ولذلك قالوا ان كلا منهما فى محل اسم مرفوع تنبيها على اضمار الرابطة فى النفس وقال ايضا القضية الثنائية قد اختصرت عن الواجب فيها الا ان يكون محمولها كلمة او اسما مشتقا كقولنا زيد يكتب او كاتب فلا يبعد ان يرتبط بنفسه لدلالتهما على النسبة الى موضوع ما بخلاف الاسم الجامد كقولنا زيد جسم فليس حاجة الكلمة او الاسم المشتق الى الرابطة حاجته لكن ذلك لا يوجب استغنائهما عن الرابطة لأنهما لا يدلان على موضوع معين بل على موضوع ما والحاجة الى الرابطة للدلالة على النسبة الى موضوع معين والرابطة المستعملة فى لغة العرب لا تفقد هذه الدلالة اذا كانت غير زمانية فانك اذا قلت زيد هو قائم يرجع هو الى زيد ويتناوله مشارا اليه واما اذا قلت زيد كان قائما لم يدل كان على تعيين زيد ولذلك تسمع من علماء لغتهم يقولون ان هاهنا اضمارا تقديره زيد كان هو فاذن مراتب القضايا ثلث ثنائية لم يدل فيها على نسبة اصلا وثلاثية تامة دل فيها على تعيين النسبة وثلاثية ناقصة دل فيها على النسبة لكن لا بالتعيين هذا محصل كلامه وقد جعل صاحب الكشف والمصنف الثلاثية التامة ما ذكرت فيها رابطة غير زمانية والثلاثية الناقصة ما ذكرت فيها رابطة زمانية او التي محمولها كلمة او اسم مشتق نقلا منه وهو غير مطابق اما اولا فلاستثنائه التي محمولها كلمة او اسم مشتق من الثنائيات واما ثانيا فلأنه قال بعد هذا الكلام بلا فصل وبالجملة فان الثلاثية هى التي يصرح فيها بالرابطة كقولنا الإنسان يوجد عدلا او قولنا الإنسان هو عدل ومن البين انه لا رابطة فى تلك القضية لأنها اداة ولا اداة فيها ولانحصارها فى الزمانية وغيرها وهما منتفيان نعم يتجه بعد ما مر وجوه من الاعتراض الأول ان المحمول اذا كان كلمة او اسما مشتقا يمتنع الارتباط بنفسه لان النسبة الرابطة هى النسبة الحكمية ويمتنع دلالتهما عليها وقد سبق بيانه الثاني ان الرابطة اما لفظة تدل على النسبة الى موضوع معين او الى موضوع ما فان كان الأول لم تكن الرابطة الزمانية رابطة وان كان الثاني لم يحتج الكلمة والاسم المشتق الى الرابطة اصلا الثالث ان المعتبر فى الرابطة ان كان قال الإمام القضية التي محمولها كلمة او اسم مشتق ثنائية فى اللفظ ثلاثية بالطبع لأن النسبة مدلول عليها تضمنا فذكرها يوجب التكرار وقد عرفت جوابه فان الزم التكرار بما فى المحمول من الضمير المستكن فجوابه ان ما يتضمنه المحمول من الضمير ضمير الفاعل موضعه اخر المحمول مقطوع بكونه اسما عند اهل العربية ودلالته على النسبة الى موضوع غير معين والرابطة بخلاف ذلك.

Página 116