ولوامع الأسرار في شرح مطالع الأنوار
لوامع الأسرار في شرح مطالع الأنوار
Géneros
فلأنه قوانين متعددة فلا يصدق عليه القانون الثاني ان التعريف دورى لأن معرفة طرق الاكتساب جزء من المنطق فيتوقف تحققه على معرفة طرق الاكتساب فلو كانت معرفتها مستفادة من المنطق توقف عليه فيلزم الدور لأنا نجيب عن الأول بأن المنطق قد يطلق ويراد به معلوماته كما يقال فلان يعلم المنطق وقد يطلق ويراد به نفس العلم والمراد هاهنا المعلوم فاندفع الإشكال وعن الثاني بأن المراد بالقانون القوانين المتعددة الا انها لما اشتركت فى مفهوم القانون وكان المقصود تعريف المنطق من حيث انه علم واحد عبر عنها به وعن الثالث بأنا لا نسلم ان معرفة طرق الاكتساب جزء المنطق وانما يكون كك ان لو لم يكن المراد بها جزئياته المتعلقة بالمواد على ما هى مستعملة فى ساير العلوم والمبنية على ذلك استعمال المعرفة فى ادراك الجزئيات وقوله الا نادرا لا دخل له في التعريف فقيل انه متعلق بجملة لا يعرض الغلط واعترض بان المفكر ان راعى القوانين المنطقية لم يقع الغلط له اصلا والا فغلطه يكون اكثريا لا نادرا وقيل انه متعلق بقوله فاحتج فان بعض الناس كالمؤيد بالقوة القدسية لا يحتاج اليه واورد بأنه لم يتوجه السؤال الثاني حينئذ ويمكن ان يوجه القولان اما الأول فلان لتحصيل العلوم مراتب يتفاوت كمالا ونقصانا وكما انه ينتهى فى الكمال الى حد لا يقع الخطاء اصلا كذلك فى جانب النقصان ينتهى الى حد ينبت جميع افكار الشخص عن مطالبه كما اذا كان متناهيا فى البلادة حتى لو قدر انه قد وقف على جميع القوانين المنطقية وعرض افكاره عليها أخطاء لبلادته وكان المصنف قد أومأ الى هذا المعنى فى اخر قسم المنطق من هذا الكتاب فليطالع ثمة واما الثاني فلأن العلوم النظرية على قسمين ما يتطرق فيه الغلط وما ليس من شانه ذلك وهى العلوم المنسقة المنتظمة التي ينساق الاذهان اليها من غير كلفة ومشقة كالهندسيات والحسابيات ولا احتياج لها الى المنطق انما هو الحاجة اليه للقسم الأول ولما كانت تلك العلوم قليلة بالقياس الى العلوم التي من القسم الأول استثناها بقوله الا نادرا على معنى ان الناس يحتاجون فى اكتساب العلوم النظرية الى المنطق الا نادرا فى بعض العلوم لا لبعض الناس حتى يرد ما ذكروا هذا على قاعدة القوم وقد اشار اليها صاحب الكتاب فى تحرير السؤال الأول وهى منظور فيها لأن تلك الامور ان كانت نظرية فهى محتاجة الى نظر والنظر مجموع حركتين حركة لتحصيل المبادى وحركة لترتيبها ولا شك ان تحصيل المواد وترتيبها محتاجان الى القوانين المنطقية وعدم وقوع الخطاء فيها لا ينافى ذلك وانما سمى هذا الفن منطقا لأن النطق يطلق على النطق الخارجى الذي هو اللفظ وعلى الداخلى وهو ادراك الكليات وعلى مصدر ذلك الفعل ومظهر هذا الانفعال ولما كان هذا الفن يقوى الأول ويسلك بالثانى مسلك السداد ويحصل بسببه كمالات الثالث لا جرم اشتق له اسم منه وهو المنطق قال فان قيل المنطق لكونه نظريا أقول بعضه ضرورى وبعضه نظرى يكتسب من الضرورى منه بطريق ضرورى كما يكتسب غير البين من الإشكال الأربعة من البين منها بطريق بين كما ستعرفه فاستغنى عن المنطق الآخر وتمكن بعض الناس نادرا من الاكتساب بدون المنطق لا ينافى الحاجة اليه
قد عورض فى أن المنطق غير محتاج اليه فى اكتساب العلوم النظرية وتقريرها ان يقال ما ذكرتم من الدليل وان دل على مطلوبكم لكن عندنا ما ينفيه وذلك من وجهين الأول لو افتقر اكتساب العلوم النظرية الى المنطق لزم الدور والتسلسل واللازم محال بيان الملازمة ان المنطق نظرى يعرض فيه الغلط لأنه لو كان ضروريا او نظريا لا يعرض فيه الغلط لم يقع فيه خلاف بين او باب الصناعة وحينئذ يفتقر اكتسابه الى قانون اخر وننقل الكلام اليه مرة بعد اخرى فان تناهت القوانين دار والا تسلسل ولما استلزم الدور التسلسل اقتصر عليه هذا توجيه على محازاة ما فى الكتاب والأحسن ان يقال المنطق ليس ضروريا والا لامتنع عروض الغلط فى الافكار لان المبادى الأول ضرورية فلو كان العلم بجميع طرق الانتقال ضروريا لم يمكن وقوع الغلط اصلا فيه فهو نظرى فيحتاج اكتسابه الى قانون اخر فان وجد فى سلسلة الاكتساب ما يفتقر الى ما يفتقر اليه لزم الدور والا لزم التسلسل لا يقال لا نسلم لزوم التسلسل لجواز الانتهاء الى قانون ضرورى لأنا نقول المنطق هو العلم بجميع طرق الانتقال من الضروريات الى النظريات فانها ان كانت تصورية فطريق الانتقال اليها القول الشارح وان كانت تصديقية فطريق الانتقال اليها الحجة فلا طريق انتقال الا وهو من المنطق فلو كان نظريا فاى طريق يفرض للانتقال يكون نظريا والا لزم خلاف المقدر الثاني لو كان المنطق محتاجا اليه فى اكتساب العلوم النظرية لما حصل الاكتساب بدونه والتالى باطل لأن كثيرا من العلماء والنظار مجردين عن هذه الآثار يكتسبون العلوم والمعارف مسيبين فى الافكار والمراد بالعلوم هاهنا التصديقات وبالمعارف التصورات بناء على ما سبق من ان المعرفة ادراك البسيط والعلم ادراك المركب وتقرير الجواب عن الأول انا لا نسلم ان المنطق لو كان نظريا يعرض فيه الغلط لزم التسلسل وانما يلزم لو كان نظريا بجميع اجزائه وهو ممنوع بل بعضه ضرورى وبعضه نظرى مستفاد من الضروري منه بطريق ضرورى كما يكتسب غير البين من الإشكال الأربعة من البين منها وهو الشكل الأول بطريق بين كالخلف والافتراض والعكس فان الخلف يرجع الى القياس الاستثنائي والعكس والافتراض الى قياس منتظم من الشكل الأول فانه يقال فى العكس مثلا متى صدقت القرينة صدقت صغراها مع عكس الكبرى وكلما صدقتا صدقت النتيجة ينتج انه متى صدقت القرينة صدقت النتيجة وكذلك فى الافتراض على ما ستطلع على تفاصيله ان شاء الله تعالى.
Página 16