8

Lawamic Anwar

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Editorial

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

Número de edición

الثانية

Año de publicación

1402 AH

Ubicación del editor

دمشق

كَلَّا وَلَا رَدُّ النُّصُوصِ تَعَمُّدًا حَذَرًا مِنَ التَّجْسِيمِ وَالتَّشْبِيهِ ... حَاشَا النُّصُوصِ مِنَ الَّذِي رُمِيَتْ بِهِ مِنْ فِرْقَةِ التَّعْطِيلِ وَالتَّمْوِيهِ. ثُمَّ إِنَّ الرَّأْيَ الْمَذْمُومَ هُوَ الرَّأْيُ الْمُجَرَّدُ الَّذِي لَا دَلِيلَ عَلَيْهِ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ وَلَا قِيَاسٍ جَلِيٍّ، بَلْ هُوَ خَرْصٌ وَتَخْمِينٌ، فَهَذَا الرَّأْيُ الَّذِي وَرَدَ التَّحْذِيرُ مِنْهُ وَالتَّنْفِيرُ عَنْهُ، وَأَمَّا الرَّأْيُ الْمُسْتَنِدُ إِلَى الِاسْتِدْلَالِ وَالِاسْتِنْبَاطِ مِنَ النَّصِّ وَحْدَهُ، أَوْ مِنْ نَصٍّ آخَرَ مَعَهُ فِي الْأَحْكَامِ، فَهَذَا مِنْ أَلْطَفِ فَهْمِ النُّصُوصِ وَأَدَقِّهِ، وَمَا وَرَدَ عَنِ السَّلَفِ مِمَّا يُشْعِرُ بِمَدْحِ الرَّأْيِ وَقَبُولِهِ، فَالْمُرَادُ بِهِ هَذَا، وَاللَّهُ أَعْلَمُ. [التَّعْرِيفُ الثالث في الرأي والتأويل وسبب انتشار البدع] (الثَّالِثُ) الرَّأْيُ مَصْدَرُ رَأَى رَأْيًا مَهْمُوزٌ، وَالْجَمْعُ آرَاءٌ، وَهُوَ التَّفَكُّرُ فِي مَبَادِئِ الْأُمُورِ وَنَظَرِ عَوَاقِبِهَا وَعِلْمِ مَا تَئُولُ إِلَيْهِ مِنَ الْخَطَأِ وَالصَّوَابِ، وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ عِنْدَ الْفُقَهَاءِ هُمْ أَهْلُ الْقِيَاسِ وَالتَّأْوِيلِ، كَأَصْحَابِ الْإِمَامِ أَبِي حَنِيفَةَ، وَأَبِي الْحَسَنِ الْأَشْعَرِيِّ. وَأَصْحَابُ الرَّأْيِ ضِدُّ أَصْحَابِ الظَّاهِرِ مِنْ دَاوُدَ وَابْنِ حَزْمٍ وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُمْ. وَأَصْحَابُ التَّأْوِيلِ ضِدُّ أَصْحَابِنَا مِنْ أَتْبَاعِ الْمَأْثُورِ، وَالْمُرُورِ كَمَا جَاءَ مَعَ التَّفْوِيضِ، وَاعْتِقَادِ التَّنْزِيهِ بِأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ. وَكَانَ سَبَبُ انْتِشَارِ الْبِدَعِ وَظُهُورِهَا، وَزِيَادَتِهَا وَنُشُورِهَا، الْمَأْمُونَ بْنَ هَارُونَ الرَّشِيدِ، وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ، وَكُنْيَتُهُ أَبُو الْعَبَّاسِ، سَابِعُ خُلَفَاءِ بَنِي الْعَبَّاسِ، وَأُمُّهُ (أَمَةٌ)، اسْمُهَا مَرَاجِلُ، وَلِيَ الْخِلَافَةَ سَنَةَ مِائَةٍ وَسَبْعِينَ، وَكَانَ مِنْ رِجَالِ بَنِي الْعَبَّاسِ - حَزْمًا وَعَزْمًا، وَحِلْمًا وَعِلْمًا، وَرَأْيًا وَدَهَاءً، وَشَجَاعَةً وَبَرَاعَةً، وَفَصَاحَةً وَسَمَاحَةً، إِلَّا أَنَّهُ كَانَ رَافِضِيًّا مُعْتَزِلِيًّا قَدَرِيًّا، فَهُوَ خَبِيثُ الِاعْتِقَادِ، كَبِيرُ الْفَسَادِ وَالْعِنَادِ. وَفِي سَنَةِ مِائَتَيْنِ وَإِحْدَى عَشَرَ أَمَرَ أَنْ يُنَادَى: بَرِئَتِ الذِّمَّةُ مِمَّنْ ذَكَرَ مُعَاوِيَةَ

1 / 8