Lawamic Anwar
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Editorial
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Número de edición
الثانية
Año de publicación
1402 AH
Ubicación del editor
دمشق
Géneros
Doctrinas y sectas
بِالْحَدِيثِ وَذِكْرُ الصَّالِحِينَ. قَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ أَبُو دَاوُدَ: كَانَتْ مَجَالِسُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ مَجَالِسَ آخِرَةٍ، لَا يُذْكَرُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ أَمْرِ الدُّنْيَا. قَالَ: وَمَا سَمِعْتُهُ ذَكَرَ الدُّنْيَا قَطُّ. وَقَالَ ثَعْلَبٌ فِي صِفَتِهِ: رَأَيْتُ رَجُلًا كَأَنَّ النَّارَ تَوَقَّدُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ. وَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ الْمَيْمُونِيُّ: مَا أَعْلَمُ أَنِّي رَأَيْتُ أَحَدًا أَنْظَفَ ثَوْبًا، وَلَا أَشَدَّ تَعَاهُدًا لِنَفْسِهِ فِي ثِيَابِهِ وَشَعْرِ رَأْسِهِ وَبَدَنِهِ مِنَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ. وَكَانَ يُحِبُّ الْفُقَرَاءَ، وَيُعْرِضُ عَنْ أَهْلِ الدُّنْيَا، وَكَانَ حَسَنَ الْخُلُقِ، دَائِمَ الْبِشْرِ، لَيِّنَ الْجَانِبِ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غَلِيظٍ، يُحِبُّ فِي اللَّهِ، وَيَبْغَضُ فِي اللَّهِ، وَيُحِبُّ لِمَنْ أَحَبَّهُ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ، وَيَكْرَهُ لَهُ مَا يَكْرَهُ لَهَا، لَا تَأْخُذُهُ فِي اللَّهِ لَوْمَةُ لَائِمٍ، حَسَنَ الْجِوَارِ، يُؤْذَى فَيَتَحَمَّلُ. وَكَانَ أَصْبَرَ النَّاسِ عَلَى الْوَحْدَةِ، فَكَانَ لَا يُرَى إِلَّا فِي مَسْجِدٍ أَوْ جِنَازَةٍ أَوْ عِيَادَةِ مَرِيضٍ، وَيَكْرَهُ الْمَشْيَ فِي الْأَسْوَاقِ. وَكَانَ يَقُولُ: الْخَلْوَةُ أَرْوَحُ لِقَلْبِي. وَكَانَ يُقَالُ: كَانَ ابْنُ مَسْعُودٍ ﵁ أَشْبَهَ النَّاسِ بِرَسُولِ اللَّهِ ﷺ هَدْيًا وَسَمْتًا، وَكَانَ أَشْبَهَ النَّاسِ بِهَدْيِ عَبْدِ اللَّهِ وَسَمْتِهِ عَلْقَمَةُ بْنُ قَيْسٍ، وَكَانَ أَشْبَهَ النَّاسِ بِعَلْقَمَةَ إِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ، وَكَانَ أَشْبَهَ النَّاسِ بِإِبْرَاهِيمَ مَنْصُورُ بْنُ الْمُعْتَمِرِ، وَكَانَ أَشْبَهَ النَّاسِ بِمَنْصُورٍ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ، وَكَانَ أَشْبَهَ النَّاسِ بِسُفْيَانَ وَكِيعُ بْنُ الْجَرَّاحِ.
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ يُونُسَ: وَكَانَ أَشْبَهَ النَّاسِ بِوَكِيعٍ الْإِمَامُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ. وَكَانَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ﵁ يُخَضِّبُ بِالْحِنَّاءِ خَضْبًا لَيْسَ بِالْقَانِي. وَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا شُبْهَةَ عِنْدَ أَئِمَّةِ الدِّينِ بِأَنَّ سَيِّدَنَا الْإِمَامَ أَحْمَدَ ﵁ إِمَامُ السُّنَّةِ، وَالصَّابِرُ فِي الْمِحْنَةِ، (مَاحِي) بِنُورِ السُّنَّةِ وَإِضَاءَةِ الْمُتَابَعَةِ وَسَنَا الْوِرَاثَةِ الْمُحَمَّدِيَّةِ أَيَّ مَذْهَبٍ أَثَرَ (الدُّجَى)، أَيْ ظُلْمَةِ الْبِدْعَةِ، يُقَالُ: دَجَا اللَّيْلُ دَجْوًا وَدُجُوًّا، أَظْلَمَ كَأَدْجَى وَتَدَجَّى، وَلَيْلَةٌ دَاجِيَةٌ أَيْ مُظْلِمَةٌ، وَدَيَاجِي اللَّيْلِ حَنَادِسُهُ، فَإِنَّ إِمَامَنَا وَسَيِّدَنَا الْإِمَامَ أَحْمَدَ ﵁ كَسَّرَ سَوْرَةَ أَهْلِ الْبِدَعِ، وَشَلَّ جُمُوعَهُمْ، وَرَدَّ كَيْدَهُمْ فِي صُدُورِهِمْ، وَأَبْقَى شَجَاهُمْ فِي نُحُورِهِمْ، (الشَّيْبَانِي) نِسْبَةً إِلَى أَحَدِ أَجْدَادِهِ شَيْبَانَ الْمَذْكُورِ فِي نَسَبِهِ، فَالْإِمَامُ أَحْمَدُ ﵁ مِنْ صَرِيحِ وَلَدِ إِسْمَاعِيلَ، وَمِنْ صَمِيمِ الْعَرَبِ، وَكَانَ أَبُو الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالِيَ سَرْخَسَ مِنْ أَبْنَاءِ الدَّعْوَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ، وَتُوُفِّيَ وَلَهُ ثَلَاثُونَ سَنَةً سَنَةَ تِسْعٍ وَسَبْعِينَ وَمِائَةٍ، وَلِلْإِمَامِ
1 / 63