Lawamic Anwar
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Editorial
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Edición
الثانية
Año de publicación
1402 AH
Ubicación del editor
دمشق
زَعَمَتِ الْفَلَاسِفَةُ أَنَّ لِلْحَيَوَانِ أَجَلًا طَبِيعِيًّا، قِيلَ: هُوَ فِي الْإِنْسَانِ أَنْ يَبْلُغَ مِائَةً وَعِشْرِينَ سَنَةً، وَمَوْتُهُ عِنْدَهُمْ بِتَحَلُّلِ رُطُوبَتِهِ، وَانْطِفَاءِ حَرَارَتِهِ الْغَرِيزِيَّتَيْنِ، وَأَجَلًا آخَرَ غَيْرَ الطَّبِيعِيِّ، اخْتِرَامُهُ بِحَسَبِ الْآفَاتِ، وَالْأَمْرَاضِ. وَلِرَدِّ هَذِهِ الْمَذَاهِبِ الْبَاطِلَةِ، وَالْعَقَائِدِ الْفَاسِدَةِ الْعَاطِلَةِ أُشِيرُ بِقَوْلِهِ: «وَلَمْ يَفُتْ» عَلَى الْمَقْتُولِ وَلَا غَيْرِهِ «مِنْ رِزْقِهِ» الْمَقْسُومِ لَهُ فِي عِلْمِ الْمَلِكِ الْحَيِّ الْقَيُّومِ شَيْءٌ، قَلَّ وَلَا جَلَّ «وَلَا» فَاتَهُ أَيْضًا مِنَ «الْأَجَلِ» الْمَحْتُومِ «شَيْءٌ» وَلَا لَحْظَةٌ وَاحِدَةٌ «فَدَعْ» أَيِ اتْرُكْ وَجَانِبْ «أَهْلَ الضَّلَالِ» مِنْ طَوَائِفِ الِاعْتِزَالِ، فَإِنَّهُمْ ضَلُّوا الطَّرِيقَ الْقَوِيمَ وَأَضَلُّوا عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ «وَ» دَعْ أَهْلَ «الْخَطَلِ» وَهُوَ، بِفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ، وَالطَّاءِ الْمُهْمَلَةِ - الْخِفَّةُ وَالسُّرْعَةُ وَالْكَلَامُ الْفَاسِدُ الْكَثِيرُ، وَهَذَا مُنَاسِبٌ لِحَالِ الْفَلَاسِفَةِ لِسُرْعَةِ كَلَامِهِمْ وَتَنْمِيقِهِ وَخِفَّتِهِ، وَتَزْوِيقِهِ مَعَ مَا فِيهِ مِنَ الِاضْطِرَابِ وَكَثْرَةِ الْخَطَأِ وَقِلَّةِ الصَّوَابِ وَالتَّنَاقُضِ وَالتَّحَكُّمِ بِالْعُقُولِ، وَالْخَوْضِ فِيمَا لَا يُعْلَمُ حَقِيقَتُهُ إِلَّا بِالتَّلَقِّي عَنِ الرَّسُولِ، فَكَمْ لَهُمْ مِنْ هَفْوَةٍ بَارِدَةٍ، وَمُقَالَةٍ فَاسِدَةٍ، فَدَعْ نُحَاتَةَ أَفْكَارِهِمْ وَنُحَالَةَ آرَائِهِمْ وَابْتِكَارِهِمْ، وَاكْرَعْ مِنَ الْمَنْهَلِ الْعَذْبِ الزُّلَالِ الصَّافِي، وَتَضَلَّعْ مِنَ الْغِذَاءِ الْهَنِيءِ الْمَرِيءِ الشَّافِي الَّذِي جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ عَنْ جِبْرِيلَ، عَنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا مَا قَذَفَتْهُ الْأَفْكَارُ مِنَ الْوَسَاوِسِ وَوَحْيِ الشَّيَاطِينِ.
تَتِمَّةٌ: فِي ذِكْرِ بَعْضِ مَا وَرَدَ فِي هَذَا الْفَصْلِ مِنَ الْأَخْبَارِ عَنِ النَّبِيِّ الْمُخْتَارِ ﷺ مَا تَعَاقَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ. رَوَى ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ، وَالْحَاكِمُ وَصَحَّحَهُ مِنْ حَدِيثِ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ﵄ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: " «لَا تَسْتَبْطِئُوا الرِّزْقَ، فَإِنَّهُ لَمْ يَكُنْ عَبْدٌ لِيَمُوتَ حَتَّى يَبْلُغَ آخِرَ رِزْقٍ هُوَ لَهُ، فَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، أَخْذِ الْحَلَالِ وَتَرْكِ الْحَرَامِ» " وَعَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: " «يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، فَإِنَّ نَفْسًا لَنْ تَمُوتَ حَتَّى تَسْتَوْفِيَ رِزْقَهَا، وَإِنْ أَبْطَأَ عَنْهَا، فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَجْمِلُوا فِي الطَّلَبِ، خُذُوا مَا حَلَّ وَدَعُوا مَا حَرُمَ» " رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ
1 / 350