308

Lawamic Anwar

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Editorial

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

Edición

الثانية

Año de publicación

1402 AH

Ubicación del editor

دمشق

Géneros
Hanbali
Imperios
Otomanos
أَحَقُّ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ بِالذَّمِّ كَمَا قَالَ الْإِمَامُ أَبُو مُحَمَّدٍ الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ عَنِ الْمَرْوَذِيِّ، قَالَ: قُلْتٌ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ، يَعْنِي الْإِمَامَ أَحْمَدَ ﵁: رَجُلٌ يَقُولُ عَنِ اللَّهِ أَجْبَرَ الْعِبَادَ عَلَى الْمَعَاصِي، فَقَالَ: هَكَذَا لَا نَقُولُ، وَأَنْكَرَ ذَلِكَ، وَقَالَ: ﴿يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي مَنْ يَشَاءُ﴾ [المدثر: ٣١] . وَأَنْكَرَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ أَيْضًا عَلَى مَنْ قَالَ جَبَرَ، وَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ جَبَلَ الْعِبَادَ. وَقَالَ الْمَرْوَذِيُّ: أَرَادَ قَوْلَ النَّبِيِّ ﷺ لِأَشَجَّ عَبْدِ الْقَيْسِ، يَعْنِي قَوْلَهُ: " «إِنَّ فِيكَ لَخُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا اللَّهُ - تَعَالَى - الْحِلْمَ، وَالْأَنَاةَ " فَقَالَ: أَخُلُقَيْنِ تَخَلَّقْتُ بِهِمَا أَمْ خُلُقَيْنِ جُبِلْتُ عَلَيْهِمَا؟ فَقَالَ: بَلْ خُلُقَيْنِ جُبِلْتَ عَلَيْهِمَا، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَبَلَنِي عَلَى خُلُقَيْنِ يُحِبُّهُمَا» "، وَذُكِرَ عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ الْفَزَارِيِّ قَالَ: قَالَ لِي الْأَوْزَاعِيُّ: أَتَانِي رَجُلَانِ فَسَأَلَانِي عَنِ الْقَدَرِ، فَأَحْبَبْتُ أَنْ آتِيَكَ بِهِمَا تَسْمَعَ كَلَامَهُمَا وَتُجِيبَهُمَا، قُلْتُ: رَحِمَكَ اللَّهُ أَنْتَ أَوْلَى بِالْجَوَابِ، قَالَ: فَأَتَانِي الْأَوْزَاعِيُّ وَمَعَهُ الرَّجُلَانِ فَقَالَ: تَكَلَّمَا، فَقَالَا: قَدِمَ عَلَيْنَا أُنَاسٌ مِنْ أَهْلِ الْقَدَرِ فَنَازَعُونَا فِي الْقَدَرِ وَنَازَعْنَاهُمْ حَتَّى بَلَغَ بِنَا وَبِهِمُ الْجَوَابُ إِلَى أَنْ قُلْنَا: إِنَّ اللَّهَ - تَعَالَى - جَبَرَنَا عَلَى مَا نَهَانَا عَنْهُ، وَحَالَ بَيْنَنَا وَبَيْنَ مَا أَمَرَنَا بِهِ، وَرَزَقَنَا مَا حَرَّمَ عَلَيْنَا. فَقُلْتُ: يَا هَؤُلَاءِ إِنَّ الَّذِينَ أَتَوْكُمْ بِمَا أَتَوْكُمْ بِهِ قَدِ ابْتَدَعُوا بِدْعَةً، وَأَحْدَثُوا حَدَثًا، وَإِنِّي أَرَاكُمْ قَدْ خَرَجْتُمْ مِنَ الْبِدْعَةِ إِلَى مِثْلِ مَا خَرَجُوا إِلَيْهِ. فَقَالَ - يَعْنِي الْأَوْزَاعِيَّ -: أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ يَا أَبَا إِسْحَاقَ.
وَذَكَرَ الْخَلَّالُ عَنْ بَقِيَّةَ بنِ الْوَلِيدِ قَالَ: سَأَلْتُ الزُّبَيْدِيَّ وَالْأَوْزَاعِيَّ عَنِ الْجَبْرِ فَقَالَ الزُّبَيْدِيُّ: أَمْرُ اللَّهِ أَعْظَمُ وَقُدْرَتُهُ أَعْظَمُ مِنْ أَنْ يَجْبُرَ أَوْ يُعْضِلَ، وَلَكِنْ يَقْدِرُ وَيَقْضِي وَيُقَدِّرُ وَيَخْلُقُ وَيَجْبُلُ عَبْدَهُ عَلَى مَا أَحَبَّ. وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ: مَا أَعْرِفُ لِلْجَبْرِ أَصْلًا مِنَ الْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ، فَأَهَابُ أَنْ أَقُولَ ذَلِكَ، وَلَكِنَّ الْقَضَاءَ وَالْقَدَرَ، وَالْخَلْقَ وَالْجَبْلَ فَهَذَا يُعْرَفُ فِي الْقُرْآنِ وَالْحَدِيثِ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: أُدْخِلَ الْخَلَّالُ وَغَيْرُهُ مِنْ عُلَمَاءِ الْإِسْلَامِ الْقَائِلِينَ بِالْجَبْرِ فِي مُسَمِّي الْقَدَرِيَّةِ، وَإِنْ كَانُوا لَا يَحْتَجُّونَ بِالْقَدَرِ عَلَى الْمَعَاصِي فَكَيْفَ بِمَنْ يَحْتَجُّ بِهِ عَلَى الْمَعَاصِي. وَيَدْخُلُ فِي ذَمِّ أَهْلِ الْعِلْمِ مَنْ يَحْتَجُّ بِالْقَدَرِ عَلَى إِسْقَاطِ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ أَعْظَمَ مِمَّا يَدْخُلُ فِيهِ الْمُنْكِرُ لَهُ، فَإِنَّ ضَلَالَ هَذَا أَعْظَمُ. قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَلِهَذَا قُرِنَتِ الْقَدَرِيَّةُ بِالْمُرْجِئَةِ فِي كَلَامٍ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ، وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ. قُلْتُ: وَهُوَ مَا رُوِيَ مِنْ حَدِيثِ أَبِي سَعِيدٍ

1 / 308