29

Lawamic Anwar

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Editorial

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

Número de edición

الثانية

Año de publicación

1402 AH

Ubicación del editor

دمشق

مُقَدَّمٌ ذَاتًا، فَقُدِّمَ ذِكْرًا لِيُوَافِقَ الِاسْمُ الْمُسَمَّى، وَالثَّانِي لِإِفَادَةِ التَّخْصِيصِ، كَمَا فِي قَوْلِهِ - تَعَالَى: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ [الفاتحة: ٥]، لَا يُقَالُ الْأُولَى. مُلَاحَظَةٌ: قَوْلُهُ - تَعَالَى: ﴿اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ﴾ [العلق: ١] ; لِأَنَّا نَقُولُ الْمَطْلُوبُ الْأَهَمُّ ثُمَّ الْقِرَاءَةُ ; لِأَنَّهَا أَوَّلُ مَا نَزَلَ عَلَيْهِ ﷺ وَأَوَّلُ مَا طَرَقَ الْمَسَامِعَ الشَّرِيفَةَ مِنَ الْوَحْيِ، فَكَانَ الْأَنْسَبُ تَقْدِيمَ الْقِرَاءَةِ لِمَزِيدِ الِاعْتِنَاءِ بِهَا، وَالِاهْتِمَامِ لَهَا. وَحُذِفَتْ هَمْزَةُ الْوَصْلِ مِنَ الِاسْمِ خَطًّا كَمَا حُذِفَتْ لَفْظًا، وَكُتِبَتِ الْبَاءُ مُتَّصِلَةً بِالسِّينِ لِكَثْرَةِ الِاسْتِعْمَالِ، وَطُوِّلَتِ الْبَاءُ لِلتَّعْظِيمِ، وَلِتَكُونَ كَالْعِوَضِ عَنِ الْهَمْزَةِ، وَيُرْوَى عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ أَنَّهُ ضَرَبَ مَنْ لَمْ يُطَوِّلِ الْبَاءَ. وَهِيَ لِلِاسْتِعَانَةِ أَوِ الْمُصَاحَبَةِ أَوِ التَّعْدِيَةِ، أَيْ: أُقَدِّمُ اسْمَ اللَّهِ، وَأَجْعَلُهُ ابْتِدَاءَ نَظْمِي وَتَأْلِيفِي. وَالِاسْمُ لُغَةً: مَا دَلَّ عَلَى مُسَمًّى، وَعُرْفًا: مَا دَلَّ مُفْرَدًا عَلَى مَعْنًى فِي نَفْسِهِ، وَلَمْ يَقْتَرِنْ بِزَمَانٍ. وَالتَّسْمِيَةُ جَعْلُ اللَّفْظِ دَالًّا عَلَى الْمَعْنَى، وَهُوَ مُشْتَقٌّ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ مِنَ السُّمُوِّ وَهُوَ الْعُلُوُّ ; لِأَنَّهُ يَدُلُّ عَلَى مُسَمَّاهُ فَيُعْلِيهِ وَيُظْهِرُهُ، وَعِنْدَ الْكُوفِيِّينَ مِنَ السِّمَةِ وَهِيَ الْعَلَامَةُ ; لِأَنَّهُ عَلَامَةٌ عَلَى مُسَمَّاهُ، وَأَوْصَلَ بَعْضُهُمْ لُغَاتِ الِاسْمِ إِلَى ثَمَانِيَةَ عَشَرَ، وَنَظَمَهَا فِي قَوْلِهِ: ثَمَانٍ وَعَشْرٌ مِنْ لُغَاتٍ أَتَتْ لَنَا فِي الِاسْمِ بِنَصِّ الْعَارِفِينَ بِنَقْلِهَا سِمٌ سِمَةٌ اسْمٌ سَمَاءٌ كَذَا سُمَا سُمَاةٌ بِتَثْلِيثِ الْأَوَائِلِ كُلِّهَا. (فَائِدَةٌ): الِاسْمُ فِي حَقِّ الْمَخْلُوقِ غَيْرُ الْمُسَمَّى، وَفِي الْخَالِقِ - تَعَالَى - لَا غَيْرَ وَلَا عَيْنَ، قَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ شَمْسُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ الْقَيِّمِ فِي كِتَابِهِ (بَدَائِعِ الْفَوَائِدِ): أَسْمَاءُ اللَّهِ الْحُسْنَى الَّتِي فِي الْقُرْآنِ مِنْ كَلَامِهِ - تَعَالَى - وَكَلَامُهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ، وَلَا يُقَالُ هِيَ غَيْرُهُ، وَلَا هِيَ هُوَ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُخَالِفٌ لِمَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ أَسْمَاؤُهُ غَيْرُهُ، وَهِيَ مَخْلُوقَةٌ، (وَلِمَذْهَبِ مَنْ رَدَّ عَلَيْهِمْ مِمَّنْ يَقُولُ اسْمُهُ نَفْسُ ذَاتِهِ لَا غَيْرُهُ) . انْتَهَى. وَ" اللَّهُ " عَلَمٌ عَلَى الذَّاتِ الْوَاجِبِ الْوُجُودِ، الْمُسْتَحِقِّ لِجَمِيعِ الْمَحَامِدِ، وَهُوَ عَرَبِيٌّ عِنْدَ الْأَكْثَرِ، وَزَعَمَ الْبَلْخِيُّ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ أَنَّهُ مُعَرَّبٌ عِبْرِيٌّ أَوْ سُرْيَانِيٌّ، وَأَكْثَرُ مُحَقِّقِي النُّظَّارِ عَلَى عَدَمِ اشْتِقَاقِهِ، بَلْ هُوَ اسْمٌ مُفْرَدٌ مُرْتَجَلٌ لِلْحَقِّ - جَلَّ شَأْنُهُ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمَوَاقِفِ

1 / 29