274

Lawamic Anwar

لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية

Editorial

مؤسسة الخافقين ومكتبتها

Número de edición

الثانية

Año de publicación

1402 AH

Ubicación del editor

دمشق

الْمُعْتَزِلِيِّ فِي قَوْلِهِ: لَا يَكْفِي بَلْ لَا بُدَّ لِصِحَّةِ الْإِيمَانِ مِنَ النَّظَرِ.
وَقَدْ وَافَقَ النَّقْلَ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ جَمَاعَةٌ مِنْهُمُ الْقَاضِي، وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَغَيْرُهُمَا، قَالُوا: قَالَ الْجُمْهُورُ بِعَدَمِ صِحَّةِ الِاكْتِفَاءِ بِالتَّقْلِيدِ فِي الْعَقَائِدِ الدِّينِيَّةِ حَتَّى زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ، وَعَزَاهُ ابْنُ الْقَصَّارِ لِلْإِمَامِ مَالِكٍ ﵁.
وَالْمَشْهُورُ نَقْلُ بَعْضِهِمْ عَنِ الْجُمْهُورِ عَدَمُ جَوَازِ التَّقْلِيدِ فِي الْعَقَائِدِ الدِّينِيَّةِ وَأَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي الْمُقَلِّدِ، مِنْهُمْ مَنْ قَالَ أَنَّهُ مُؤْمِنٌ إِلَّا أَنَّهُ عَاصٍ بِتَرْكِ الْمَعْرِفَةِ الَّتِي يُنْتِجُهَا النَّظَرُ الصَّحِيحُ، وَمِنْهُمْ مَنْ فَصَّلَ فَقَالَ: هُوَ مُؤْمِنٌ عَاصٍ، إِنَّ كَانَ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ لِفَهْمِ النَّظَرِ الصَّحِيحِ، وَغَيْرُ عَاصٍ إِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَهْلِيَّةٌ ذَلِكَ، وَمِنْهُمْ مَنْ نَقَلَ عَنْ طَائِفَةٍ أَنَّ مَنْ قَلَّدَ الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ الْقَطْعِيَّةَ صَحَّ إِيمَانُهُ لِاتِّبَاعِهِ الْقَطْعِيِّ، وَمَنْ قَلَّدَ غَيْرَ ذَلِكَ لَمْ يَصِحَّ إِيمَانُهُ لِعَدَمِ أَمْنِ الْخَطَأِ عَلَى غَيْرِ الْمَعْصُومِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَ النَّظَرَ وَالِاسْتِدْلَالَ شَرْطًا لِلْكَمَالِ، وَمِنْهُمْ مَنْ حَرَّمَ النَّظَرَ كَمَا مَرَّ ذَلِكَ.
قَالَ الْجَلَالُ الْمَحَلِّيُّ فِي شَرْحِ (جَمْعِ الْجَوَامِعِ): وَقَدِ اتَّفَقَتِ الطُّرُقُ الثَّلَاثُ - يُعْنَى الْمُوجِبَةَ لِلنَّظَرِ، وَالْمُجَوِّزَةَ لَهُ، وَالْمُحَرِّمَةَ - عَلَى صِحَّةِ إِيمَانِ الْمُقَلِّدِ، انْتَهَى.
وَعِبَارَةُ الْآمِدِيِّ فِي (الْأَبْكَارِ) اتَّفَقَ الْأَصْحَابُ عَلَى انْتِفَاءِ كُفْرِ الْمُقَلِّدِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لِلْجُمْهُورِ إِلَّا الْقَوْلُ بِعِصْيَانِهِ بِتَرْكِ النَّظَرِ إِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ مَعَ اتِّفَاقِهِمْ عَلَى صِحَّةِ إِيمَانِهِ وَأَنَّهُ لَا يُعْرَفُ الْقَوْلُ بِعَدَمِ صِحَّةِ إِيمَانِ الْمُقَلِّدِ إِلَّا لِأَبِي هَاشِمِ بْنِ أَبِي عَلِيٍّ الْجُبَّائِيِّ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ مُحْتَجًّا بِأَنَّ مَنْ لَمْ يَعْرِفِ اللَّهَ ﷾ بِالدَّلِيلِ فَهُوَ كَافِرٌ. قَالَ الْآمِدِيُّ: وَأَصْحَابُنَا مُجْمِعُونَ عَلَى خِلَافِهِ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَبُو مَنْصُورٍ الْمَاتُرِيدِيُّ رَئِيسُ الطَّائِفَةِ الْمَاتُرِيدِيَّةِ: أَجْمَعَ أَصْحَابُنَا عَلَى أَنَّ الْعَوَامَّ مُؤْمِنُونَ عَارِفُونَ بِرَبِّهِمْ، وَأَنَّهُمْ حَشْوُ الْجَنَّةِ كَمَا جَاءَتْ بِهِ الْأَخْبَارُ، وَانْعَقَدَ عَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ، لَكِنَّ مِنْهُمْ مَنْ قَالَ: لَا بُدَّ مِنْ نَظَرٍ عَقْلِيٍّ فِي الْعَقَائِدِ، وَقَدْ حَصَلَ لَهُمْ مِنَ الْقَدْرِ الْكَافِي، فَإِنَّ فِطْرَتَهُمْ جُبِلَتْ عَلَى تَوْحِيدِ الصَّانِعِ، وَقِدَمِهِ، وَحُدُوثِ مَا سِوَاهُ مِنَ الْمَوْجُودَاتِ، وَإِنْ عَجَزُوا عَنِ التَّعْبِيرِ بِاصْطِلَاحِ الْمُتَكَلِّمِينَ.
هَذَا حَاصِلُ مَا أُجِيبَ بِهِ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ حَتَّى قَالَ بَعْضُ الْأَشَاعِرَةِ عَنِ الْأَشْعَرِيِّ لَا يَكَادُ يَكُونُ فِي الْعَوَامِّ مُقَلِّدٌ. وَعِبَارَةُ (شَرْحِ الْمَقَاصِدِ) ذَهَبَ كَثِيرٌ مِنَ الْعُلَمَاءِ، وَجَمِيعُ الْفُقَهَاءِ إِلَى صِحَّةِ إِيمَانِ الْمُقَلِّدِ، وَتَرْتِيبِ الْأَحْكَامِ عَلَيْهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، وَمِنْهُ الشَّيْخُ

1 / 274