Lawamic Anwar
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Editorial
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Número de edición
الثانية
Año de publicación
1402 AH
Ubicación del editor
دمشق
Géneros
Doctrinas y sectas
وَانْحَسَمَ الْإِشْكَالُ، وَأَنَّ أَسْمَاءَهُ الْحُسْنَى الَّتِي فِي الْقُرْآنِ مِنْ كَلَامِهِ - وَكَلَامُهُ غَيْرُ مَخْلُوقٍ - وَلَا يُقَالُ هُوَ غَيْرُهُ، وَلَا هُوَ هُوَ، وَهَذَا الْمَذْهَبُ مُخَالِفٌ لِمَذْهَبِ الْمُعْتَزِلَةِ الَّذِينَ يَقُولُونَ: أَسْمَاؤُهُ غَيْرُهُ وَهِيَ مَخْلُوقَةٌ، وَلِمَذْهَبِ مَنْ رَدَّ عَلَيْهِمْ مِمَّنْ يَقُولُ اسْمُهُ نَفْسُ ذَاتِهِ لَا غَيْرُهُ، وَبِالتَّفْصِيلِ تَزُولُ الشُّبَهُ وَيَتَبَيَّنُ الصَّوَابُ.
احْتَجَّ مَنْ قَالَ بِأَنَّ الِاسْمَ عَيْنُ الذَّاتِ بِقَوْلِهِ: " ﴿تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ﴾ [الرحمن: ٧٨]- ﴿وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ﴾ [المزمل: ٨]- ﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ﴾ [الأعلى: ١] "، وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَالْجَوَابُ: أَنَّهَا حُجَّةٌ عَلَيْهِمْ فِي الْحَقِيقَةِ ; لِأَنَّ النَّبِيَّ ﷺ امْتَثَلَ هَذَا الْأَمْرَ، وَقَالَ: " «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْأَعْلَى» "، وَ" «سُبْحَانَ رَبِّيَ الْعَظِيمِ» "، وَلَوْ كَانَ الْأَمْرُ كَمَا زَعَمُوا، لَقَالَ: سُبْحَانَ اسْمِ رَبِّيَ الْعَظِيمِ. ثُمَّ إِنَّ الْأُمَّةَ كُلَّهُمْ لَا يَجُوزُ أَحَدٌ مِنْهُمْ أَنْ يَقُولَ: عَبَدْتُ اسْمَ رَبِّي، وَلَا سَجَدْتُ لِاسْمِ رَبِّي، وَلَا رَكَعْتُ لِاسْمِ رَبِّي، وَلَا يَا اسْمَ رَبِّي ارْحَمْنِي، وَهَذَا يَدُلُّ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ مُتَعَلِّقَةٌ بِالْمُسَمَّى لَا بِالِاسْمِ. وَأَمَّا الْجَوَابُ عَنْ تَعَلُّقِ الذِّكْرِ وَالتَّسْبِيحِ الْمَأْمُورِ بِهِ بِالِاسْمِ، فَقَدْ قِيلَ فِيهِ: إِنَّ التَّعْظِيمَ وَالتَّنْزِيهَ إِذَا وَجَبَ لِلْمُعَظَّمِ، فَقَدْ يُعَظَّمُ مَا هُوَ مِنْ سَبَبِهِ وَمُتَعَلِّقٌ بِهِ، كَمَا يُقَالُ: سَلَامٌ عَلَى الْحَضْرَةِ الْعَالِيَةِ، وَالْبَابِ السَّامِي، وَالْمَجْلِسِ الْكَرِيمِ وَنَحْوَهُ، وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا الْجَوَابَ غَيْرُ مَرْضِيٍّ ; لِأَنَّ الرَّسُولَ إِنَّمَا قَالَ: " «سُبْحَانَ رَبِّي» "، فَلَمْ يُعَرِّجْ عَلَى مَا ذَكَرْتُمُوهُ، وَلِأَنَّهُ يَلْزَمُ مِمَّا ذَكَرْتُمْ أَنْ يُطْلَقَ عَلَى الِاسْمِ التَّكْبِيرُ وَالتَّحْمِيدُ وَالتَّهْلِيلُ، وَسَائِرُ مَا يُطْلَقُ عَلَى الْمُسَمَّى، فَيُقَالُ: الْحَمْدُ لِاسْمِ اللَّهِ، وَنَحْوَهُ، وَهَذَا مِمَّا لَمْ يَقُلْهُ أَحَدٌ. وَالْجَوَابُ الصَّحِيحُ أَنَّ الذِّكْرَ الْحَقِيقِيَّ مَحَلُّهُ الْقَلْبُ ; لِأَنَّهُ ضِدُّ النِّسْيَانِ، وَالتَّسْبِيحُ نَوْعٌ مِنَ الذِّكْرِ، فَلَوْ أُطْلِقَ الذِّكْرُ وَالتَّسْبِيحُ، لَمَا فُهِمَ مِنْهُ إِلَّا ذَلِكَ دُونَ اللَّفْظِ بِاللِّسَانِ، وَاللَّهُ - تَعَالَى - أَرَادَ مِنْ عِبَادِهِ الْأَمْرَيْنِ جَمِيعًا، وَلَمْ يَقْبَلِ الْإِيمَانَ وَعَقْدَ الْإِسْلَامِ إِلَّا بِاقْتِرَانِهِمَا وَاجْتِمَاعِهِمَا، فَصَارَ مَعْنَى الْآيَتَيْنِ: سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ بِقَلْبِكَ وَلِسَانِكَ، وَاذْكُرْ رَبَّكَ بِقَلْبِكَ وَلِسَانِكَ، فَأَقْحَمَ الِاسْمَ تَنْبِيهًا عَلَى هَذَا الْمَعْنَى حَتَّى لَا يَخْلُوَ الذِّكْرُ وَالتَّسْبِيحُ مِنَ اللَّفْظِ بِاللِّسَانِ ; لِأَنَّ ذِكْرَ الْقَلْبِ مُتَعَلِّقُهُ الْمُسَمَّى الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ بِالِاسْمِ دُونَ مَا سِوَاهُ، وَالذِّكْرُ بِاللِّسَانِ مُتَعَلِّقُهُ اللَّفْظُ مَعَ مَدْلُولِهِ ; لِأَنَّ اللَّفْظَ لَا يُرَادُ لِنَفْسِهِ، فَلَا يَتَوَهَّمُ أَحَدٌ أَنَّ اللَّفْظَ هُوَ الْمُسَبِّحُ دُونَ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَعْنَى.
قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي الْبَدَائِعِ: وَعَبَّرَ لِي
1 / 122