Lawamic Anwar
لوامع الأنوار البهية وسواطع الأسرار الأثرية لشرح الدرة المضية في عقد الفرقة المرضية
Editorial
مؤسسة الخافقين ومكتبتها
Número de edición
الثانية
Año de publicación
1402 AH
Ubicación del editor
دمشق
Géneros
Doctrinas y sectas
مِنْ عُلَمَائِنَا أَنَّ عُمَرَ ﵁ أَمَرَ بِهَجْرِ صَبِيغٍ لِسُؤَالِهِ عَنِ الذَّارِيَاتِ وَالْمُرْسَلَاتِ وَالنَّازِعَاتِ انْتَهَى.
وَهَذَا مِنْ سَيِّدِنَا أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ﵁ لِسَدِّ بَابِ الذَّرِيعَةِ. وَالْآيَةُ الشَّرِيفَةُ دَلَّتْ عَلَى ذَمِّ مُتَّبِعِي الْمُتَشَابِهِ، وَوَصْفِهِمْ بِالزَّيْغِ وَابْتِغَاءِ الْفِتْنَةِ، وَعَلَى مَدْحِ الَّذِينَ فَوَّضُوا الْعِلْمَ إِلَى اللَّهِ وَسَلَّمُوا إِلَيْهِ، كَمَا مَدَحَ اللَّهُ - تَعَالَى - الْمُؤْمِنِينَ بِالْغَيْبِ، فَعَلَى الْعَاقِلِ النَّاصِحِ لِدِينِهِ وَنَفْسِهِ أَنْ يَسْلُكَ مَسْلَكَ السَّلَفِ الصَّالِحِ، وَأَنْ يَرْقَى عَلَى سُلَّمِ التَّسْلِيمِ، فَإِنَّهُ مِنْ أَنْجَحِ الْمَصَالِحِ، وَأَنْ يُؤْمِنَ بِالْمُتَشَابِهَاتِ مِنْ آيَاتِ الْأَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ، كَمَا فَعَلَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ، وَيَمْتَثِلَ أَمْرَ نَبِيِّهِ خَاتَمِ النَّبِيِّينَ وَإِمَامِ الْمُرْسَلِينَ فِي قَوْلِهِ: وَآمِنُوا بِمُتَشَابِهِهِ، وَقُولُوا: ﴿آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا﴾ [آل عمران: ٧] . فَلَقَدْ بَالَغَ فِي النَّصِيحَةِ بِأَدِلَّةٍ صَحِيحَةٍ، وَكَلِمَاتٍ فَصِيحَةٍ، فَجَزَاهُ اللَّهُ عَنَّا خَيْرَ مَا جَزَى نَبِيًّا عَنْ قَوْمِهِ، وَرَسُولًا عَنْ أُمَّتِهِ، وَرَضِيَ اللَّهُ - تَعَالَى - عَنْ آلِهِ وَصَحْبِهِ، وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَانٍ، وَذَوِي الْحَقِّ وَحِزْبِهِ.
[التنبيه الثاني مَذْهَبَ الْحَنَابِلَةِ هُوَ مَذْهَبُ السَّلَفِ]
- الثَّانِي -
اعْلَمْ أَنَّ مَذْهَبَ الْحَنَابِلَةِ هُوَ مَذْهَبُ السَّلَفِ، فَيَصِفُونَ اللَّهَ بِمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، وَبِمَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ مِنْ غَيْرِ تَحْرِيفٍ وَلَا تَعْطِيلٍ، وَمِنْ غَيْرِ تَكْيِيفٍ وَلَا تَمْثِيلٍ، فَاللَّهُ - تَعَالَى - ذَاتٌ لَا تُشْبِهُ الذَّوَاتِ، مُتَّصِفَةٌ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ الَّتِي لَا تُشْبِهُ الصِّفَاتِ مِنَ الْمُحْدَثَاتِ، فَإِذَا وَرَدَ الْقُرْآنُ الْعَظِيمُ، وَصَحِيحُ سُنَّةِ النَّبِيِّ الْكَرِيمِ - عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَأَتَمُّ التَّسْلِيمِ - بِوَصْفٍ لِلْبَارِي - جَلَّ شَأْنُهُ، تَلَقَّيْنَاهُ بِالْقَبُولِ وَالتَّسْلِيمِ، وَوَجَبَ إِثْبَاتُهُ لَهُ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي وَرَدَ، وَنَكِلُ مَعْنَاهُ لِلْعَزِيزِ الْحَكِيمِ، وَلَا نَعْدِلُ بِهِ عَنْ حَقِيقَةِ وَصْفِهِ، وَلَا نُلْحِدُ فِي كَلَامِهِ، وَلَا فِي أَسْمَائِهِ، وَلَا فِي صِفَاتِهِ، وَلَا نَزِيدُ عَلَى مَا وَرَدَ، وَلَا نَلْتَفِتُ لِمَنْ طَعَنَ فِي ذَلِكَ وَرَدَّ. فَهَذَا اعْتِقَادُ سَائِرِ الْحَنَابِلَةِ كَجَمِيعِ السَّلَفِ، فَمَنْ عَدَلَ عَنْ هَذَا الْمَنْهَجِ الْقَوِيِّ، زَاغَ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَانْحَرَفَ. فَدَعْ عَنْكَ فُلَانًا عَنْ فُلَانٍ، وَعَلَيْكَ بِسُنَّةِ سَيِّدِ وَلَدِ عَدْنَانَ، فَهِيَ الْعُرْوَةُ الْوُثْقَى الَّتِي لَا انْفِصَامَ لَهَا، وَالْجُنَّةُ الْوَاقِيَةُ الَّتِي لَا انْحِلَالَ لَهَا. وَاللَّهُ - تَعَالَى - الْمُوَفِّقُ.
1 / 107