الصبح يبدي ربى نجد وإن صغرت ... والليل يستر كثبانًا على الكبر
٥٨- وقال أبو جعفر بن عبد الله بن هريرة القيس الأعمى من قصيدة:
بنوا الهيجاء طاروا وغاها ... وإن كانت حلومهم ثقالًا
إذا شهدوا القتال فسوف تدري ... لأية علة شهدوا القتالا
ونعم النازلون على الروابي ... إذا ما الشمس أحرقت الظلالا
منها:
عدا بي أن أزورك صرف دهر ... ألح فما أطيق له احتيالا
وهم من همومي لو توخى ... طريق الريح كان لها عقالا
وقال من قصيدة:
يا ربّ قد سفكت أو الوفاء دمي ... وقد تخوفت يومًا أن تؤاخذ بي
وقد وهبت لها قلبي وما خطري ... حتى يعاقب ذاك الحسن من سببي
وقال:
أعتبتم فعتبتم وأطعمتم ... فعصيتم ووصلتم فهجرتم
ولقد علمتم أنني قد رمته ... فضعفت عنه فافعلوا ما شئتم
أنتم مناي وفيتم أو خنتم ... ولكم هواي دنوتم أو بنتم
وقال من قصيدة:
وسؤلت لي نفسي أن أفارقها ... والماء في المزن أصفى من الغدر
منها:
كم ساهر يستطيل الليل من دنفٍ ... لم يدر أن الكرى آت مع السحر
أما اشتفت مني الأيام في وطني ... حتى تضايق في ما عن من وطري
٥٩- وقال أبو بكر عبد العزيز سعيد البطليوسي:
فإذا سعدت بنظرة من وجهه ... فاهد السلام لكفه تقبيلا
واذكر له شوقي ووجدي مجملًا ... ولو استطعت شرحته تفصيلا
بتحيةٍ تُهدى إليه كأنما ... جرّت على زهر الرياض ذبولا
منها:
لا أدركت تلك الأهلّة دهرها ... نقصًا ولا تلك النجوم أفولا
وقال:
وأمنن به ضافي الجناح كأنما ... حذيت قوادمه بريح شمأل
أعدو به عجبًا أصرف في يدي ... ريحًا وآخذ مطلقًا بمكبل
وقال:
وقد شقّ هدب الليل عن شملة الضحى ... ببرق على ثوب الدجى منه تكتيب
كأن أهازيج الذباب أساقف ... لها من أزاهير الرياض محاريب
وقال يشكو رمدًا:
شاعركم كان زهيرًا وقد ... أصبح مما ناله الأغشى
يقرأ والشمس على رأسه ... تنير (والليل إذا يغشى)
وقال:
ذكرت سليمي وحر الوغى ... كجسمي ساعة فارقتها
فأبصرت بين القنا قدها ... وقد ملن نحوي فعانقتها
٦٠- وقال أبو بكر بن قزمان:
ركبوا السيول من الخيول وركبوا ... فوق العوالي السمر زرق نطاف
وتحللوا الغدران من ماذيهم ... مربحة إلا على الأكتاف
وقال:
لا تطمئن على أحد ... واحذر وشمر واستعد
فالكل كلب مؤسد ... إلا إذا وجدوا أسد
٦١- وقال أبو زيد عبد الرحمن بن مقانا الأشبوني:
خماص البطون مراض الجفون ... أقمن الشعور مقام الردا
لدان القدود حسان الخدود ... صغار النهود طوال الطلى
عذاب الثغور لطاف الخصور ... خفاف الصدور ثقال الخطى
مشين الهوينا ووادي الخزامى ... يود من البشر أن لو مشى
فمازلن يرفلن حتى إذا ... عقدت لواء الهوى باللوى
منها:
وشمت سيوفك في جلّق ... فشامت خراسان منها الحيا
وقال:
إن كان واديك نيلا لا يحاز به ... فما لنا قد حرمنا النيل والنيلا
إن كان ذنبي خروجي من بلنسية ... فما كفرت ولا بدلت تبديلا
هي المقادير تجري في أعنتها ... ليقض الله كان مفعولا
وقال:
البرق لائح من أندرين ... شرقت عيناك بالدمع المعين
لعبت أسيافه عارية ... كمخاريق بأيدي اللاعبين
ولصوت الرعد زجر وحنين ... ولقلبي زفراتٌ وأنين
عيّرتني بسقام وضني ... إن هذين لزين العاشقين
منها:
شربوا الراح على خدّ فتى ... نور الورد به والياسمين
منها:
لوت الصدغ على حاجبيه ... ضمة اللام على عطفة نون
منها:
ويسقون إذا ما شربوا ... بأباريق وكأس من معين
وكأن الطلّ مسك في الثرى ... وكأن النور در في الغصون
والندى يفطر من نرجسه ... كدموع أسبلتهن الجفون
وانبرى جنح الدجى عن أفقه ... كغراب طار عن بيض كنين
وكأن الشمس لما أشرقت ... فأثنت عنها عيون الناظرين
1 / 15