Landmarks of Religion from Sayings of the Truthful and Trustworthy
معالم الدين من أحاديث الصادق الأمين
Editorial
دار مشارق الأنوار للبحث العلمي
Número de edición
الأولى
Año de publicación
١٤٣٤ هـ - ٢٠١٣ م
Géneros
«كَانَ نَبِيٌّ مِنَ الْأَنْبِيَاءِ يَخُطُّ، فَمَنْ وَافَقَ خَطَّهُ فَذَاكَ» (١). قَالَ: وَكَانَتْ لِي جَارِيَةٌ تَرْعَى غَنَمًا لِي قِبَلَ أُحُدٍ وَالْجَوَّانِيَّةِ (٢)، فَاطَّلَعْتُ ذَاتَ يَوْمٍ فَإِذَا الذِّئْبُ قَدْ ذَهَبَ بِشَاةٍ مِنْ غَنَمِهَا، وَأَنَا رَجُلٌ مِنْ بَنِي آدَمَ، آسَفُ (٣) كَمَا يَأْسَفُونَ، لَكِنِّي صَكَكْتُهَا (٤) صَكَّةً، فَأَتَيْتُ رَسُولَ اللهِ ﷺ فَعَظَّمَ ذَلِكَ عَلَيَّ (٥)، قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ، أَفَلَا أُعْتِقُهَا؟ قَالَ: «ائْتِنِي بِهَا». فَأَتَيْتُهُ بِهَا، فَقَالَ لَهَا: «أَيْنَ اللهُ؟». قَالَتْ: فِي السَّمَاءِ (٦). قَالَ: «مَنْ أَنَا؟». قَالَتْ: أَنْتَ رَسُولُ اللهِ. قَالَ: «أَعْتِقْهَا؛ فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ». رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
١٤ - عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ﵁ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللهِ ﷺ بِخَمْسِ كَلِمَاتٍ، فَقَالَ: «إِنَّ اللهَ ﷿ لَا يَنَامُ، وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ، يَخْفِضُ الْقِسْطَ
_________
(١) معناه: من وافق خطه فهو مباح له، ولكن لا طريق لنا إلى العلم اليقيني بالموافقة فلا يباح، والمقصود أنه حرام؛ لأنه لا يباح إلا بيقين الموافقة، وليس لنا يقين بها، وإنما قال النبي ﷺ: «فمن وافق خطه فذاك»، ولم يقل: هو حرام، بغير تعليق على الموافقة؛ لئلا يتوهم متوهم أن هذا النهي يدخل فيه ذاك النبي الذي كان يخط، فحافظ النبي ﷺ على حرمة ذاك النبي مع بيان الحكم في حقنا، فالمعنى: أن ذلك النبي لا منع في حقه، وكذا لو علمتم موافقته، ولكن لا علم لكم بها.
(٢) الجوانية: موضع في شمالي المدينة بقرب أحد.
(٣) آسف: أغضب.
(٤) صككتها: لطمتها.
(٥) أي: جعل النبي ﷺ هذا الفعل عظيمًا، استنكارًا له، وشفقة على الجارية.
(٦) قال الإمام ابن عبد البر في «التمهيد» (٢٢/ ٨٠): «وأما قوله: «أين الله؟ فقالت: في السماء» فعلى هذا أهل الحق؛ لقول الله ﷿: ﴿أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ﴾ [الملك: ١٧]، ولقوله: ﴿إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ﴾ [فاطر: ١٠]، ولقوله: ﴿تَعْرُجُ المَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ إِلَيْهِ﴾ [المعارج: ٤]، ومثل هذا في القرآن كثير، وفيه رد على المعتزلة، وبيان لتأويل قول الله ﷿: ﴿الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى﴾ [طه: ٥]، ولم يزل المسلمون في كل زمان إذا دهمهم أمر وكربهم غم يرفعون وجوههم وأيديهم إلى السماء؛ رغبة إلى الله ﷿ في الكف عنهم» اهـ.
1 / 28