القاضي الأكبر ناصر وكذلك لم أذكر العلماء الذين بعد هذه الدولة لا من أهل المشرق ولا من أهل المغرب إلا ما أشرت إليه من بعض الشروح لبعض الكتب القديمة أو نحو ذلك كاختصار الإيضاح وإن في ما تركت من الكتب المتأخرة لشيئا يذهل العقول ويحير الأفكار من كتب التفسير والحديث والأصول والكلام والفقه والأدب وغير ذلك من الفنون الكثيرة وإنما لم أذكر شيئا من ذلك لأن الطاعن قد طعن علينا في زعمه بكثرة التأليف عند المتأخرين منا دون المتقدمين حتى عد ذلك من أشراط الساعة حيث أطلع على ما لم يطلع عليه من قبل فلذا ذكرت له ما أمكن ذكره من الكتب القديمة دون غيرها وأكثر ما ذكرنا سابق عن تأليف كتب مذهبه التي يفتخر بها ثم إنا نقول له أن كان كثرة التأليف من أشراط الساعة كما زعمت فإنكم شاركتمونا في ذلك أيضا وإن كان إفتخارك بكثرة الكتب التي نشرها المطابع فليست كلها لأهل مذهبك وإنما لهم البعض منها ثم أن منها ما تمجه الإسماع وتنفر عنه الطباع ويتحاشى عن النظر فيه أهل المروءات كرجوع الشيخ إلى صباه والإيضاح في النكاح للسيوطي وما كان في مثل هذا المعنى وهي كثيرة لا تحصى عددا فإن كان الافتخار بهذا ونحوه فمذهبنا بحمد الله خال منه ونحن نسقط عدالة القارئ فيه فكيف بالمؤلف فبئس الفخر وإما للكتب الجليلة القدر فإنها قليلة عندهم وإن كثرت فإنما هي كثرة أهل المذاهب إذ ليست لأهل مذهب واحد ولو لم يكن لنا المؤلفات شيء لكان جوابنا له أن نقول ليش العلم في الدفاتر وإنما العلم في الصدور قال الله تعالى بل آيات بينات في صدور الذين أوتوا العلم ولم يقل في دفاترهم.
ولله در القائل:-
إذا لم تكن حافظا واعيا * فجمعك للكتب لا ينفع
أتنطق بالجهل في مجلس * وعلمك في البيت مستودع
* وقال آخر *
علمي معي حيث ما يممت يتبعني * بطني وعاء له لا بطن صندوق
إن كنت في البيت كان العلم فيه معي * أو كنت في السوق كان العلم في السوق
Página 29