Destellos de mi vida: autobiografía parcial
لمحات من حياتي: سيرة شبه ذاتية
Géneros
ولست بحاجة أن أذكر الدوي الذي تفجر عن هذا المقال، وكان الأستاذ حسن عبد المنعم رئيس اتحاد الإذاعة والتليفزيون، وكانت مجلة الإذاعة تابعة له تبعية اسمية، فأرسل إلي بكلمة لأنشرها مؤداها أن ما كتبته لا يعبر عن رأي الاتحاد، فنشرت الكلمة وعلقت عليها في نفس الصفحة بما معناه أن أصابع الكتاب حرة حتى لا يتخللها أصابع الآخرين من ذوي المناصب الحكومية أو من غيرهم.
وهاج يوسف بك السباعي وكان وزيرا للإعلام والمجلة تابعة له طبعا، وقال لي: هل أكتب أنا هذا الكلام؟ - ولماذا تكتبه أنت؟ وهل كتبت أنت هارب من الأيام وقصر على النيل وشيء من الخوف، أنت تعرف قدر حبي لك، ولكن هذا لا يعني مطلقا أن أكتب بقلمك.
وبيعت النسخة من المجلة في هذا اليوم بخمسين قرشا وكان ثمنها الرسمي عشرة قروش، وعرفت أن الكثيرين وضعوا المجلة في إطار وعلقوها في بيوتهم وأصحاب المحلات علقوها في محالهم.
وظلت المقالة حديث الناس فترة طويلة، وفوجئت يوما بيوسف السباعي يستدعيني إلى مكتبه في الوزارة ويفاجئني بقوله: ما رأيك أن تأتي للعمل معي وكيلا للوزارة؟
فقلت في حسم: لا يمكن، أستقيل أحسن. - أترفض العمل معي؟ - أرفض أن أترك الكتابة وأنا بهذا أحمي عهد السادات الذي يذيع أنه يتيح الحرية للكتاب، ثم ينقل كاتبا إلى عمل إداري؛ لأنه كتب مقالا لم تأمر الحكومة بكتابته. - يا أخي إنك لم تعين إلا بطلوع الروح. - ما زال عندي بضعة أفدنة أبيعها ولا تحمل همي. - الوزراء غاضبون وثائرون. - هذا شأنهم.
وفي يوم أبلغت أن أحضر جلسة مجلس الشعب التي سيلقي فيها الرئيس السادات خطابه، وذهبت ووجدت جميع رؤساء مجلس الإدارة للصحف والمجلات قد دعوا إلى الجلسة، وكان معنا عمي فكري باشا رحمه الله، وجلسنا في مقصورة الملكة بالدور الثاني من الشرفة وألقى الزعيم خطابه الذي ألغى المعاهدة التي كانت قائمة بين مصر وروسيا ، وفي أثناء الجلسة صعد إلينا من أخبرنا أن الرئيس يريد لقاءنا بعد الخطاب في حجرة رئيس المجلس وانتهى الخطاب وذهبنا إلى لقاء الرئيس، وكنت حريصا أن أقود خطوات عمي فكري نظرا لضعف نظره، وكان الزعيم السادات واقفا حين دخولنا، فوقفنا حوله بعد أن صافحنا وقال: نحن قلنا ما نريد قوله، ولا أرى ضرورة لمهاجمة روسيا.
فوافق الحاضرون على رأيه ثم التفت إلي قائلا: يا ثروت اكتب مقالة أخرى أحسن الجماعة زعلانين، اكتب مقالة أخرى.
قلت: لقد كتبت مقالة بعدها هل قرأتها سيادتك؟
قال في سماحة: قرأتها إنما المقالة الأولى لم أقرأها. اكتب مقالة أخرى. - أمرك.
وخرجنا وسرت مع عمي فكري باشا وقال لي: ماذا ستفعل؟ - لا أدري. - إنه لم يستدعنا جميعا إلا ليقول لك ما قال. - هذا واضح. - امدح الرئيس السابق. - الموت أهون.
Página desconocida