Destellos de mi vida: autobiografía parcial
لمحات من حياتي: سيرة شبه ذاتية
Géneros
في وزارة النقراشي باشا التي أعقبت استقالة صدقي باشا قررت الوزارة أن يذهب وفد مصري إلى هيئة الأمم، وتكون الوفد وكان وزير الخارجية من بين أعضائه وتولى أبي وزارة الخارجية بالنيابة.
رأس وفد مصر النقراشي باشا، وبلغت وطنية النحاس الحضيض في هذه الأيام، فقد أرسل برقية إلى هيئة الأمم يقول فيها إن هذا الوفد لا يمثل مصر، كان ينبغي لو كان يحمل ذرة من الشعور بالوطنية أن يؤيد النقراشي باشا والدرجة الأدنى أن يصمت وينتظر، أما إرسال برقية إلى هيئة الأمم يبلغ فيها أن النقراشي باشا لا يمثل مصر فتلك كبيرة من كبائر الخيانة العظمى لا نستطيع أن ننساها للنحاس باشا أو لحزب الوفد.
في هيئة الأمم وعلى ملأ من العالم وقف النقراشي باشا وصاح في وجه الإنجليز: اخرجوا من بلادنا أيها القراصنة. ودوت الصيحة في أنحاء الدنيا، فهي المرة الأولى التي تسمع فيها إنجلترا مثل هذه العبارة، وهي في هذه الأيام الإمبراطورية التي لا تغيب الشمس عن الدول التابعة لها.
وقد استقبل الشعب النقراشي استقبالا حافلا حين عاد، ولكن رحم الله شوقي حين وصف مصر بقوله:
نسيت روعته في بلد
كل شيء فيه ينسى بعد حين
لم يمض وقت كثير حتى قتل النقراشي باشا بيد غادرة ممن يسمون أنفسهم بالإخوان المسلمين، وما هم بإخوان وما هم بمسلمين.
وتولى الوزارة إبراهيم باشا عبد الهادي الذي كان يومذاك رئيسا للديوان الملكي وكان هذا طبيعيا، فقد كان الشخص التالي في حزب الهيئة السعدية، ولو أن الملك اختار بدلا منه هيكل باشا رئيس حزب الأحرار الدستوريين لكان في هذا شبه موافقة من السراي على قتل النقراشي باشا. واختير أبي وزيرا للمواصلات في وزارة إبراهيم باشا عبد الهادي.
وفي لقاء بين هيكل باشا وبين الملك قال له الملك: رئاسة الوزارة تنتظرك وستنالها في يوم من الأيام حتما.
فإذا الأديب العملاق والزعيم العظيم يقول له: إنني يا مولاي حين أجلس إلى مكتبي تصغر في عيني كل وظائف العالم.
Página desconocida