Destellos de mi vida: autobiografía parcial
لمحات من حياتي: سيرة شبه ذاتية
Géneros
ولا تنظر إلا في البيانات المتفق عليها من الحكومتين.
فبربك قل أيها المعارض ما الذي يخيفك منها بعد ذلك، وما الذي تخشاه إذا كنت لا تريد أن تجتمع، فليس ثم ما يكرهك على دعوتها، وإذا رأيت أن تدعوها بسبب كوارث تريد أن تتخطاها أو عواصف تخشى عقباها، فاحذر أن تقبل في بيانات الإنجليز شيئا يضر باستقلالك أو تدخلا منهم في شئون بلادك وامتنع عن البحث في أي أمر لم يرد في بيانك.
وفي آخر الأمر إذا دعوتها للبحث في المسائل الواردة في البيان الذي قدمته أنت إليها، ثم لم يجبك رأيها فارفض لأن رأيها استشاري وحكومتك لها حق الرفض.
هكذا تقول معاهدة صدقي ...
أتريد أن تعرف بماذا أجاب أحد الشجعان من المفاوضين؟ إنه قال وكلمته مشهورة: إنني لا أطمئن على أي حال؛ لأن الإنجليزي من أعضاء اللجنة إذا نظر إلى المصري فإن المصري ترتعد فرائصه، فأجاب صدقي قائلا: إذن يا أخي، إن مصر - إذا صح هذا - لا تستحق الاستقلال!
أي عار يسربل هذه البلاد إذا صدق هذا المفاوض؟ وكيف يصور لهم الوهم أن المصري يرتعد جزعا وينتفض خوفا وهلعا إذا ألقى عليه البريطاني نظرة تهديد؟
وقرأت في «الأهرام» بحثا لشيخ معارض هممت بأن أرد عليه ومضيت في تلاوته إلى أن وجدته يقول: «وماذا علينا - لو صح أن معاهدة 1936م لا تزال قائمة - إذا انتظرنا سبع سنوات أخرى بعد السنوات الثلاث.» فحدقت في جملته ووقعت من يدي «الأهرام» وقلت على الوطنية السلام. ثم عدت إلى الجريدة فأخذتها وإلى الجملة المشئومة فحدجتها واسترسلت في القراءة فإذا به يقول بأن الإنجليز لا يعنيهم الآن إلا الاحتلال المادي الاقتصادي، وهم يربطوننا برباط الاسترليني، فعجبت لهذه «السلطة» إذ ما دخل الاسترليني فيما نحن فيه؟ وفي العالم ممالك عديدة مستقلة تربط نفسها به طائعة مختارة وجميع كبار الاقتصاديين في مصر يرون الانفصال عن دائرة الجنيه الاسترليني في الوقت الحاضر كارثة مالية.
وبهذه المناسبة أذكر أن الكثيرين طوح بهم العناد إلى اللجاجة في المقارنة بين معاهدة 1936م ومشروع المعاهدة الأخيرة، ومعاهدة 1936م تفرض على مصر محالفة أبدية، بينما تفرض هذه المعاهدة عشرين عاما، ومعاهدة 1936م تبقي جنود الإنجليز بعدها إذا ثبت أن مصر أصبحت قادرة على الدفاع عن نفسها، ومعاهدة 1936م لا تسمح بالجلاء عن المدن المصرية إلا إذا بنينا ثكنات من منطقة القنال تتسع لجيوش الاحتلال تكلف خزينتنا ما لا قبل لنا به، وقد بذل المغفور له محمد محمود باشا جهودا جبارة لاشتراك الإنجليز في النفقات لإقامة هذه الثكنات، وقد فات الباشا عضو الشيوخ المعارض صاحب مقال «الأهرام» أن البريطانيين يشترطونها في معاهدة 1936م.
ولا أذكر كل ما في معاهدة 1936م من عيوب فقد قبلها المصريون على علاتها وبكل عيوبها من محالفة أبدية إلى بعثة عسكرية تدخل في شئوننا الداخلية، ورفرف سرب من الحمام على المفاوضين عند قدومهم، وأطلقت المدافع تكريما لهم، وأسرع مكرم باشا إلى الجامعة يخطب الطلبة ساعات ويؤكد لهم قول النحاس باشا: «اسجدوا لله شكرا فقد جئتكم بمعاهدة الشرف والاستقلال.»
ثم تناول معاليه مسألة السودان فقال:
Página desconocida