لمحات من حياة
شيخ الإسلام ابن تيمية
عبدالرحمن عبدالخالق
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة
الحمد لله القائل شهد الله أن لا إله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائما بالقسط لا إله إلا هو العزيز الحكيم والصلاة والسلام على عبده ورسوله محمد القائل: العلماء ورثة الأنبياء، وعلى آله وصحبه ومن سار على هديه ودعا بدعوته من أئمة الدين وعلماء الإسلام وعلى كل قائم لله بدعوة صحيحة داخل في قوله تعالى: {قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني وسبحان الله وما أنا من المشركين}.
وبعد
الدوافع إلى تأليف هذا الكتاب:
فإن شيخ الإسلام ابن تيمية رضي الله عنه من النفر القليل الذين كانت حياتهم كلها لله، والذين دعوا إلى الله على بصيرة، شاهدا لله سبحانه وتعالى أنه لا إله إلا هو، قائما بالقسط، فقد كتب وألف عشرات المجلدات بل مئات المجلدات في هذين المعنيين: إثبات وحدانية الله سبحانه وتعالى وتحذير الأمة من الشرك الذي تفشى فيها بعد صدر الإسلام، ثم إثبات عدل الله في تشريعاته وقضائه وقدره، ولقد تعرض شيخ الإسلام في سبيل ذلك إلى تفنيد مزاعم قوى الشر كلها التي انتشرت وسادت المسلمين في عصره في القرن السابع الهجري وأوائل الثامن. فتصدى بالرد على الفلاسفة وأذنابهم والرافضة وأكاذيبهم، والباطنية وخبثهم ونفاقهم، والصوفية وعقائدهم الفاسدة وترهاتهم، وللمتكلمين وخلفائهم وتأويلاتهم الباطلة، وللمقلدين وعبادتهم لشيوخهم وتعصبهم لآرائهم المخالفة للكتاب والسنة، والنصارى وضلالهم، واليهود وخبثهم وأفسادهم، وألف في كل ذلك وكتب ودرس وسافر وارتحل وناقش ولم يكتف بهذا أيضا بل جرد سيفه لقتال التتار فجمع الجموع لملاقاتهم، ووحد صفوف المسلمين لحربهم، وخاض المعارك ونصره الله عليهم..
وهو في كل هذا عازف عن الدنيا، لم يتزوج ولم يكتنز مالا أو يبني دارا ويتخذ عقارا إلا ما أراده من دار الآخرة.
Página 1