Melodía de libertad y silencio
لحن الحرية والصمت: الشعر الألماني في القرن العشرين
Géneros
لشاعر الألمان الأكبر «جوته»؛ فقد انتهز هذا الصبي فرصة غياب معلمه العجوز، ونطق بالكلمة السحرية التي حركت المكانس، فأخذت تحمل الأوعية وتجلب الماء من النهر القريب، حتى فاضت به حجرات البيت وقاعاته، ونسي التعويذة التي توقفها، إلى أن جاء المعلم فأبطل سحرها ...
هذا هو ما حدث للشاعر «آرب» في تجاربه الأولى مع اللغة - وذلك باعترافه هو نفسه في كتابه «أحلام الكلمات والنجوم السوداء» (1953م)؛ إذ أطلق سحر الكلمات ولم يستطع بعد ذلك أن يبطله! وقد انعكس هذا على عناوين مجموعاته نفسها: «مضخة السحب» (1920م)، «رداء الأهرام» (1924م)، «تبيض تسود» (1930م)، «أصداف ومظلات» (1939م)، «أشعار بلا ضمائر» (بالفرنسية 1941م)، «ضحكة القوقعة» (بالفرنسية 1944م)، «أحلام ومشروعات» (بالإنجليزية 1952م)، «قلوب كثيفة الشعر»، «ملوك قبل الطوفان» (1953م)، «أحلام الكلمات والنجوم السوداء» (1953م)، «على ساق واحدة» (1955م)، «حلمنا اليومي» (1955م)، «كلمات بمرساة وبغير مرساة» (1957م)، «رمال القمر» (1960م)، «شعلات تشدو بالغناء» (1961م)، - وقد استمر تأثير المرحلة الدادية الأولى على إنتاجه المتأخر، فأخذ يكتب قصائد مؤلفة من عدد محدود من الكلمات، تظهر بفعل الصدفة في تأليفات أو «كوكبات» مختلفة، وتكشف ببساطتها عن ثراء لا حد له في تنويع الكلمات وتوزيعها، بحيث أصبحت القصيدة وحدة حية أو لعبة أطفال، تتداعى كلماتها وصورها ومعانيها دون أي تدخل من جانب المؤلف، وأصبحت العلاقة بين الشاعر والقصيدة أشبه بلعبة القط والفأر!
ونضرب مثلا لهذا التركيب والتشكيل والتنويع الهائل للكلمات والأسماء والأشياء بإحدى قصائد «آرب»، التي وضع لها عنوانا يدل عليها ويعبر عن إعجابه الشديد بمجموعة من القصائد الشعبية الشهيرة، التي جمعها وأعاد كتابتها الشاعران الرومانتيكيان «أخيم فون أرنيم» (1781-1831م) و«كليمنس برنتانو» (1778-1842م) بين سنتي 1805و1808م، ونشراها تحت هذا العنوان المعروف «بوق الصبي العجيب»
Des Knaben Wunderhorn ، وعنوان هذه القصيدة الطويلة هو «تشكيلة البوق العجيب»:
الصبية المتعانقون ينفخون في البوق العجيب،
ملائكة بأحذية ذهبية يفرغون أكياسا مملوءة بالأحجار الحمراء،
في كل أعضائها،
وها هي ذي الصواري والكوكبات تتشكل،
الراهبات،
45
Página desconocida