[عند] أوصافه تعالى إذ كان له أوصاف غير هذه من [قبل] كونه [مدرك] ومريد وكاره وموجود وصفة إض[افية] وأما قولهم في الاتحاد ففيه ما يعقل وما لا يعقل. فما لا يعقل لا وجه [للخلاف] فيه وما يعقل يبطل. والذي لا يعقل قولهم [اتحاد] اللاهوت بالناسوت صارت الذاتانذاتا واحدة [كذلك] قولهم إن عند الاتحاد صار الناسوت إلا[ها، قل]نا هذا لهذ[يان الجنون] الذي لا يفهمه قائله ولا سامعه، لأنهم إن قالوا إن [هذه البييا]ت انقلبت ذات [أو ناسو]ت مثله [يحيى فيها] أو بالعكس، [قيل ل]هم ثبت القضاء بانقلاب أعيان حقائق الذوات في [... انق]لاب نف[س ذا]ت الجزءين إلى ذات [اثنين ... ...] انضاف الحادث إلى القديم وانقلابه، فيصير قديم[ا ...] محال ذلك فيه وإن جاز انقلاب الناسوت عند [الاتحاد] وانقلاب اللاهوت عند الاتحاد، فيص[يران ذا]تا ولا [يستساع الخوض في] PageBegV00P054b مكالمتهم لخسة مقالتهم. والذي يبطل جميع ذلك ما ثبت من انتفاء ثان له تعالى.
باب في أنه تعالى لا يشبه المحدثات
لو شبه المحدثات وجب حدثه، وثبوت قدمه يمنع ذلك، فوجب أن لا يشبهها لأن الم[حدثا]ت لا تكاد تنفك من الأعراض، والأعراض ثابتة الحدث، فلزم ما قارنها الحدث. وهذه الدلالة يجب استغراقها لكل جسم إذ لا اختصاص لبعض الأجسام [على] بعض، فلو كان تعالى مشبها للأجسام لقام دليل الحدث عليه وإن كان قديما، وذلك فاسد لامتناع قيام الدليل على ضد ما المدلول عليه. ولو شبه [...] من الأعراض لصح عليه ما صح عليها ، وإلا لم يكن [مثل] شبهيه ولجاز العدم عليه لجواز[ه] عليها وما [قام] من الدلالة على امتناع بطلان القديم يمنع من مشابه[ته ل]ها، ثم لا يخلو الأمر PageBegV00P050a من قسمين، إما يشبه سائر الأعراض مع اختلافها وتضادها، فكان يجب كونه على صفات متضادة ومختلفة أو يشبه واحدا منها، فلزم كونه محدثا مثله لما لم يصح أن يماثله ويخالفه لما يعلم من مخالفة ما هو قديم لما هو محدث أو يكون هو والأعراض قدما ويكون العرض على ما القديم عليه في سائر صفاته، وذلك كله فاسد.
باب في استحالة كونه تعالى محلا وحالا في جهة
ما أبطلنا به كونه تعالى جسما يبطل كونه محلا، إذ لا يعقل محل إلا جسم، فلو كان القديم محلا لوجب وصفه بما يوصف به الجوهر. والجسم من التحيز، لأن شرط احتماله الأعراض ليس إلا التحيز. ولا يجوز أن يقال بصحة كونه محلا لتعاقب الصفات عليه، لأنه إن كان محلا، فيجب أن يحل فيه كلما صح حلوله في الجسم من الألوان والطعوم والأرايح، وذلك محال.
فأما كونه حالا، فلا يجوز أيضا، لأن المعقول من الحلول كونه كيفية في الحدوث. فإذا بطل حدوثه بما ثبت من قدمه، استحال حلوله. والذي يدل على أن الحلول إنما هو كيفية في الحدوث دون حالة البقاء كون العرض ممتنع كونه حالا في حال بقائه ويصح في حال حدوثه. فلو كان تعالى يصح كونه حالا وجب حلوله. ألا ترى أن الأعراض في حال عدمها وحال بقائها قد امتنع فيها الحلول ووجب في حال حدوثها، فلو لم تجب لافتقرت في حلولها إلى علة، فكذلك القديم تعالى. لو صح ذلك فيه لوجب كونه حالا في سائر أوقات وجوده، وفي ذلك قدم الجواهر والأجسام، إذ لا شيء يمكن حلول فيه سواهما. ولا يخلو أن يحل في الكل أو في البعض، وإذا حل في البعض افتقر إلى علة تخصص البعض وفي البعض الآخر كمثل. ولا يلزمنا على ذلك ما نقوله في السواد، يحل في بعض المحال دون بعض من دون علة، وذلك أن السواد، إذا PageBegV00P051a وجد، وجب اختصاصه بالمحل المعين، والقديم ليس كذلك لوجوده قبل وجود المحل، فصح حلوله في جميعها. وإن حل بغير علة في البعض فليس بأن يكون علة لحلول القديم دون أن يكون هو علة لحلولها. ولا يلزم على ذلك ما يقوله من أن العلة يجب مفارقتها للمعلول لأنا نقول ذلك في ذات توجد ويجب عنها حكم. فأما ما كان من ذاتين وجدتا في حال واحد ومحل واحد، فلم كانت إحداهما علة من دون كونها معلولة وبالعكس. فإن صح وجود هذه الذات في الوقت الذي وجد فيه حلول القديم وصح وجودهما في غيره، فلم يختص وجوده في هذا الوقت إلا لعلة أخرى، والكلام فيها كالكلام في هذه العلة. وأما استحالة كونه في جهة فقد ثبت باستحالة حلوله تعالى. يدل على ذلك أيضا أنه لا يخلو كونه في الجهة إما واجبا وإما جائزا، إذ لا يعقل لكل ثابت خروجه عن هذين الأمرين. فلو كان واجبا، لكان إما واجب الحصول في كل الجهات PageBegV00P051b أو جهة معينة. وكونه في كل الجهات يقتضي تجزؤه بحسب الجهات، وذلك ظاهر الفساد لما يؤدي إليه من كون القديم يتناوله التبعيض وكونه في جهة دون سواها يقتضي مخصصا لكون حصوله فيها ممكنا، وحصول الممكن معلل. والقول بأنه في الجهات بغير أول لا بد معه من القول بتجدد حصوله في كل جهة يحصل فيها بعد الأخرى، والمتجدد جائز، وفي هذا وقوف الواجب على الجائز، وقد تقدم إحالته.
باب في استحالة الحاجة عليه تعالى
قصدنا في نفي الحاجة عنه تعالى إثباته غنيا وأنه لا يحتاج. وحقيقة هذه الصفة راجعة إلى النفي، فالحكم الحاصل حكم لكونه تعالى حيا، إذ كان الجماد لا يحتاج وإن لم يوصف بغني. وانقسم العلماء في إطلاق هذا الوصف عليه تعالى، فالبغداديون اعتمدوا على PageBegV00P055a نفي الحواس عنه تعالى لما تصورنا وقوف الحاج[ة] على هذه الحواس واستحالتها عليه تعالى بغنائه عنها، وغفلوا عن إدراك كون الحواس إنما تكون بعد كون الحاس محتاجا، واحتياج من لا حاسة له إلى بعض الأمور وصحة الغنى مع وجود الحاسة عن بعض الأمور. وقوم قالوا: لا يوصف الحي بالغنى إلا بحيث يستحيل حاجته لشيء. وقوم قالوا: بل يوصف بالغنى، وإن احتاج إلى أمر غير ما استغنى عنه. والذي نقوله: إن الشهوة أصل في الحاجة، ومن لا شهوة له لا حاجة له، إذ المعقول من الحاجة أمران، إما دفع مضرة أو اجتلاب منفعة، وللشهوة ينتفع الحي بنيله المنافع ودفع المضار عند النفار. وإذا ثبت هذا وكان القديم لا شهوة له ولا نفار، فقد عري من الحاجة إلى استجلاب النفع واستدفاع الضرر، فحكم بغنائه. فإن قيل: فما الدلالة على PageBegV00P055b امتناع الشهوة عليه تعالى؟ قلنا: إذا قدرناه مشتهيا، فلا يخلو أن تكون شهوته متجددة أو غير متجددة. فإن لم تكن متجددة كان إما مشتهيا لنفسه أو لشهوة قديمة أو معدومة. وكونه تعالى على كل واحدة منهم يوجب حصول المشتهيات قبل وقت وجودها بأوقات لا نهاية لها، لأن من اشتهى شيئا وهو يعلم انتفاعه بنيله ما اشتهى ولا مضرة تلحقه في فعله كان ملجأ إلى فعل ما اشتهى، لا بل المشتهى الممكن من الفعل وإن لحقه في الفعل [كلفة] وتوقع فوتان لا يتأخر عن فعل مشتهاه، فكيف من سواه. وإذا ثبت ذلك، ودى إلى محال من وجوب [..] مقارنة [الموجودات] لوجوده. ولم يبق مزية لتقدم كونه فاعلا على كونها فعلا لحصول المساواة بينها وبينه في حال الوجود، فإما يقضى على ذلك بحدوث القديم أو بقدم الحادث. وفي ذلك نقض حقيقة الأدلة والقول بال[قدم]
IX
على الجهل من حيث أراد أن يعرف ما لم يمكن تعريفه، يتعالى الله عن ذلك، أو أراد الوجه الآخر، فقد لزم أن يورده على ما وضعه أهل اللغة لقصد الإفهام. وألفاظ العموم ليست من ألفاظ التأبيد في شيء، لأن ألفاظ التأبيد تمنع من زوال الحكم أبدا، وألفاظ العموم تستعمل مجازا في بعض العموم، ومن تدبر بعقله ما قد ذكرته من الدلالة على هذا المدلول، فقد غني عن الإطالة بذكر أمثاله. ومن بعد ما استقر ذلك، فلنتبعه بالكلام في حصولها على مزية لم يحصل عليها ما سواها، ومزيتها حاصلة بمطابقتها فيما تضمنته للأمور العقلية. من ذلك إخبارها بحدوث الأجسام وترتبها حالة وجود الموجودات على نظام واتساق عقلي، تقتضي الحكمة حصوله عليه من تقدم خلق الأصول، ثم السماء والأرض والماء والهواء والنار، ثم الحاجز بين ما أسفل وما فوق و[...]ه وحصر المياه لسعي الحيوان وإنبات النبات وخلق [المراعي] PageBegV00P056a وما للحيوان بها من المنافع والنبات وخلق حيوان من الماء منه مقيم فيه ومنه خارج منه، ثم أعقب ذلك كله بحيوان الأرض للزوم ذلك جميعه للنظام الحكمي، ثم بعد ذلك جميعه أوجد آدم بعد تهيات كل ما ينبغي تهيئته له لما في ذلك من [حكمته] من وجوب إيجاد ما يفتقر إليه في وجوده [ضمن] وجوده، ليزول استضراره. وكونه الذي هو الإنسان هو غاية المقصود في إيجاد هذا الوجود، ويجب تأخير الغاية عن المقدمات، لأن [عند] الغاية [تح]صل النهاية من المقصود. وأما ما تضمنته مما به يقوم النظام ويلتئم الشمل وتستقيم الأحوال من الحدود على المظالم ما لولاه لفسد النظام، فقد أعربت العظماء بالقصور عنإدراك ما انطوت عليه هذه الشريعة من الأمور الحكمية والمعاني الإلهية واقتضى ذلك داود عليه السلام أن قال: ([ارفع عن]ي الحجاب لأنظر إلى عجائب ضمنتها شريعتك) [هذا] محل هذه الشريعة من الشرف فأما محل من شرعت
Página desconocida