Kuwaiti Encyclopedia of Jurisprudence
الموسوعة الفقهية الكويتية
Número de edición
من ١٤٠٤
Año de publicación
١٤٢٧ هـ
Géneros
الْحَادِثَةِ وَبَيْنَ أَنْ يَرِدَ عَنْ الرَّسُول ﷺ أَنَّ هَذَا حَلاَلٌ أَوْ حَرَامٌ، أَوْ أَنَّ هَذَا الأَْمْرَ مُوجِبٌ لِلْعُقُوبَةِ أَوْ غَيْرُ مُوجِبٍ، أَوْ أَنَّ هَذَا الْبَيْعَ صَحِيحٌ أَوْ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لأَِنَّ هَذِهِ الصُّوَرَ مِنْ صُلْبِ وَظِيفَةِ الرَّسُول ﷺ الَّذِي أَوْجَبَ اللَّهُ عَلَيْنَا طَاعَتَهُ فِي كُل مَا يُبَلِّغُ عَنْ رَبِّهِ.
ب - الْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ:
٤١ - تُثَارُ فِي هَذِهِ الأَْيَّامِ بَيْنَ الْفَيْنَةِ وَالْفَيْنَةِ دَعْوَى الاِعْتِمَادِ عَلَى الْمَصْلَحَةِ فِي تَشْرِيعَاتِنَا بِحُجَّةِ أَنَّ الشَّرِيعَةَ الإِْسْلاَمِيَّةَ إِنَّمَا جَاءَتْ لِخَيْرِ الْبَشَرِيَّةِ، فَمَا كَانَ خَيْرًا أَخَذْنَا بِهِ، وَمَا كَانَ شَرًّا أَعْرَضْنَا عَنْهُ. وَهَذِهِ كَلِمَةُ حَقٍّ أُرِيدَ بِهَا بَاطِلٌ، فَإِنَّ التَّشْرِيعَ الإِْسْلاَمِيَّ - جُمْلَةً وَتَفْصِيلًا، عِبَادَاتٍ وَمُعَامَلاَتٍ - إِنَّمَا أُرِيدَ بِهِ مَصْلَحَةُ الْبَشَرِ. وَلَكِنْ مَا هِيَ هَذِهِ الْمَصْلَحَةُ؟ أَهِيَ مُسَايَرَةُ الأَْهْوَاءِ وَتَرْضِيَةُ النُّفُوسِ الْجَامِحَةِ؟ أَمْ هِيَ الْمَصْلَحَةُ الْحَقِيقِيَّةُ الَّتِي يَسْتَقِيمُ عَلَيْهَا أَمْرُ النَّاسِ؟ ثُمَّ مَا السَّبِيل إِلَى التَّفْرِقَةِ بَيْنَ الْمَصْلَحَةِ الْمَوْهُومَةِ وَالْمَصْلَحَةِ الْحَقِيقِيَّةِ؟
وَطَبَائِعُ النَّاسِ كَمَا نَعْلَمُ وَنُشَاهِدُ مُخْتَلِفَةٌ، فَمَا يُحِبُّهُ هَذَا يَكْرَهُهُ ذَاكَ، وَمَا يَكْرَهُهُ ذَاكَ يُحِبُّهُ هَذَا، وَالْمُحِبُّ لاَ يَرَى فِيمَا أَحَبَّ إِلاَّ جَانِبَ الْخَيْرِ وَالْمَصْلَحَةِ، وَالْكَارِهُ لاَ يَرَى فِيمَا يَكْرَهُ إِلاَّ جَانِبَ الشَّرِّ وَالضُّرِّ.
وَعَيْنُ الرِّضَا عَنْ كُل عَيْبٍ كَلِيلَةٌ، كَمَا أَنَّ عَيْنَ السُّخْطِ تُبْدِي الْمَسَاوِيَا، وَقَدْ اقْتَضَتْ حِكْمَةُ اللَّهِ ﷾ أَنْ يَخْتَلِطَ الْخَيْرُ بِالشَّرِّ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا، فَتَرْجِيحُ مَصْلَحَةٍ عَلَى مَصْلَحَةٍ، أَوْ مَفْسَدَةٍ عَلَى مَفْسَدَةٍ، أَوْ مُقَارَنَةُ الْمَفَاسِدِ بِالْمَصَالِحِ وَتَرْجِيحُ إِحْدَاهَا عَلَى الأُْخْرَى، كُل ذَلِكَ يَتَطَلَّبُ أَنْ يَكُونَ الْمَصْدَرُ فِي ذَلِكَ مِمَّنْ يَتَنَزَّهُ عَنْ الأَْهْوَاءِ وَالأَْغْرَاضِ، وَهُوَ اللَّهُ ﷾، لأَِنَّهُ الْغَنِيُّ عَنْ الْعَالَمِينَ، وَهُوَ الَّذِي يُرِيدُ لِعِبَادِهِ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِهِمُ الْعُسْرَ.
وَمِنْ هُنَا يَتَبَيَّنُ لَنَا أَنَّ الْمَصَالِحَ ثَلاَثٌ: مَصْلَحَةٌ اعْتَبَرَهَا الشَّارِعُ بِرَغْمِ مَا قَدْ يَخْتَلِطُ بِهَا مِنْ بَعْضِ الأَْضْرَارِ الْبَسِيطَةِ؛ لأَِنَّ الْخَيْرَ فِيهَا أَرْجَحُ، كَالْمَصْلَحَةِ فِي الصَّوْمِ
1 / 46