24

Kuwaiti Encyclopedia of Jurisprudence

الموسوعة الفقهية الكويتية

Número de edición

من ١٤٠٤

Año de publicación

١٤٢٧ هـ

Géneros

وَكَانَ مَا كَانَ مِنْ وُجُودِ الْفُرْقَةِ الَّتِي لاَ زِلْنَا نَكْتَوِي بِنَارِهَا إِلَى الْيَوْمِ. وَبَدَأَ بَعْضُ الْمُتَعَصِّبِينَ يُسَوِّغُونَ آرَاءَهُمْ بِوَضْعِ أَحَادِيثَ يَرْفَعُونَهَا إِلَى رَسُول اللَّهِ ﷺ أَوْ إِلَى كِبَارِ الصَّحَابَةِ، وَلَمْ يَكُنْ هَؤُلاَءِ الْمُتَعَصِّبُونَ مِنْ الصَّحَابَةِ بَل كَانُوا مِنْ الطَّبَقَةِ التَّالِيَةِ الَّذِينَ كَانُوا حَدِيثِي عَهْدٍ بِالإِْسْلاَمِ. وَفِي هَذَا الْعَهْدِ لَمْ يَتَأَثَّرْ الْفِقْهُ بِالْقَوَانِينِ الرُّومَانِيَّةِ أَوِ الْفَارِسِيَّةِ. وَإِذَا كَانَ الصَّحَابَةُ قَدْ اقْتَبَسُوا بَعْضَ التَّنْظِيمَاتِ الإِْدَارِيَّةِ مِنْ هَؤُلاَءِ أَوْ أُولَئِكَ، فَلَيْسَ مَعْنَى هَذَا أَنَّهُمْ خَرَجُوا عَنْ الْخَطِّ الْمَرْسُومِ، وَهُوَ رَدُّ الأَْحْكَامِ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ ﷺ إِمَّا بِطَرِيقٍ مُبَاشِرٍ، وَإِمَّا بِطَرِيقِ الإِْجْمَاعِ أَوِ الْقِيَاسِ أَوِ الاِسْتِصْلاَحِ، فَقَدْ أَبْطَل الْمُسْلِمُونَ أَعْرَافًا كَانَتْ شَائِعَةً فِي الْبِلاَدِ الْمَفْتُوحَةِ لأَِنَّهَا تُخَالِفُ التَّشْرِيعَ الإِْسْلاَمِيَّ نَصًّا وَرُوحًا. الطَّوْرُ الثَّالِثُ: طَوْرُ التَّابِعِينَ ١٦ - وَهَذَا الطَّوْرُ امْتِدَادٌ لِعَهْدِ صِغَارِ الصَّحَابَةِ، وَقَدْ اشْتَرَكَ أَكْثَرُهُمْ فِي حُرُوبِ الْفِتْنَةِ. وَلَكِنَّ هَذَا الْعَهْدَ تَمَيَّزَ بِوُجُودِ مَدْرَسَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا بِالْحِجَازِ، وَالأُْخْرَى بِالْعِرَاقِ. فَأَمَّا مَدْرَسَةُ الْحِجَازِ فَكَانَ اعْتِمَادُهَا فِي الاِجْتِهَادِ عَلَى نُصُوصٍ مِنْ كِتَابٍ وَسُنَّةٍ، وَلاَ تَلْجَأُ إِلَى الأَْخْذِ بِالرَّأْيِ إِلاَّ نَادِرًا، وَذَلِكَ لِوَفْرَةِ الْمُحَدِّثِينَ هُنَاكَ، إِذْ هُوَ مَوْطِنُ الرِّسَالَةِ، وَفِيهِ نَشَأَ الْمُهَاجِرُونَ وَالأَْنْصَارُ، وَسِلْسِلَةُ الرُّوَاةِ عِنْدَهُمْ قَصِيرَةٌ، إِذْ لاَ يَتَجَاوَزُ التَّابِعِيُّ فِي تَحْدِيثِهِ عَنْ الرَّسُول ﷺ أَكْثَرَ مِنْ رَاوٍ وَاحِدٍ، وَهُوَ الصَّحَابِيُّ غَالِبًا. وَالصَّحَابَةُ ﵃ عُدُولٌ ثِقَاتٌ. وَكَانَتْ هَذِهِ الْمَدْرَسَةُ بِالْمَدِينَةِ يَتَزَعَّمُهَا أَوَّلًا: عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ ﵄، وَمِنْ بَعْدِهِ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ وَغَيْرُهُ مِنْ التَّابِعِينَ، وَأُخْرَى بِمَكَّةَ، وَكَانَ يَتَزَعَّمُهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ ﵄ تُرْجُمَانُ الْقُرْآنِ. وَحَمَل الأَْمَانَةَ بَعْدَهُ تَلاَمِيذُهُ كَعِكْرِمَةَ مَوْلاَهُ وَابْنِ جُرَيْجٍ. أَمَّا الْمَدْرَسَةُ الأُْخْرَى - وَهِيَ مَدْرَسَةُ الْعِرَاقِ - فَكَانَتْ تَلْجَأُ إِلَى الرَّأْيِ كَثِيرًا. وَالرَّأْيُ عِنْدَهُمْ يَرْجِعُ إِمَّا إِلَى الْقِيَاسِ الأُْصُولِيِّ، وَهُوَ إِلْحَاقُ مَسْأَلَةٍ لاَ نَصَّ

1 / 27