مسجى وقد خلا به أهله فقلت أين الناس؟ فقيل هم في سقيفة بني ساعدة صاروا إلى الأنصار، فجئت إلى السقيفة فأصبت أبا بكر وعمر والمغيرة بن شعبة وأبا عبيدة الجراح وجماعة من قريش ورأيت الأنصار فيهم سعد بن دلهم ومعه شعراؤهم امامهم حسان بن ثابت فآويت إلى قريش، وتكلمت الأنصار فأطالوا ولم يأتوا بالصواب، ثم بايع الناس أبا بكر في كلام طويل قال ثم انصرف أبو ذويب إلى باديته ومات في أيام عثمان بن عفان انتهى.
قالوا: اشعر الاحياء هذيل، وأشعر هذيل أبو ذويب. وتقدم جميع الشعراء بقصيدته العينية التي قالها وقد هلك له خمسة بنين في عام واحد بالطاعون وكانوا فيمن هاجر إلى مصر فرثاهم بها منها قوله:
أمن المنون وريبة تتوجع * والدهر ليس بمعتب من يجزع أودى بني فأعقبوني حسرة * عند الرقاد وعبرة لا تقلع فالعين بعدهم كأن حداقها * كحلت بشوك فهي عور تدمع سبقوا هواي واعتفوا لهواهم * فتحزموا ولكل جنب مصرعوا ولقد حرمت بأن أدافع عنهم * فإذا المنية أقبلت لا تدفع وإذا المنية أنشبت أظفارها * ألفيت كل تميمة لا تنفع وتجلدي للشامتين أريهم * اني لريب الدهر لا أتضعضع حتى كأني للحوادث مروة * بصفا المشرق كل يوم تقرع والدهر لا يبقى على حدثانه * جون السحاب له حدائد أربع وهي طويلة. حكي المنصور لما مات ابنه جعفر الأكبر مشى في جنازته إلى مقابر قريش حتى دفنه ثم رجع إلى قصره وقال للربيع انظر من في أهلي ينشدني قصيدة أبي ذويب العينية حتى أتسلى عن مصيبتي، فخرج الربيع إلى بنى هاشم وهم بأجمعهم حضور فلم يجد فيهم أحدا يحفظها فرجع فأخبره، فقال إن مصيبتي في أهل بيتي لا يكون فيهم أحد يحفظ هذه القصيدة لقلة رغبتهم في الأدب أعظم
Página 76