Colón y el Nuevo Mundo: Historia del Descubrimiento de América
كولومب والعالم الجديد: تاريخ اكتشاف أميركا
Géneros
كلمة لأحد الأدباء
قال حكيم: «الكتب قلوب الناس في أيدي الناس.» وهي حكمة بالغة لا يقولها إلا كبار الفلاسفة وفطاحل العلماء الذين خبروا حالة العالم ونفس الإنسان. وعلى حد هذا القول يكون صاحب هذا الكتاب قد وضع بين يدي القارئ قلبه بما جناه في مدة الدراسة من العلم والأدب، وما عاناه في سبيل عمله لبلوغ الأرب.
ولا يخفى أن أدب كل أمة مقياس تقاس به درجة تمدينها. ألا ترى أن تجارة أدب الشرق في كساد وتجارة أدب الغرب في رواج؛ ولذا تجد الأول في أشد أدوار الانحطاط والثاني ناهض إلى العلياء، وهذا دليل على صحة قولي. كيف لا وفي الغرب يزداد الخطيب بلاغة بما يراه في أعين سامعيه من التكبير والاستحسان، وقلم الكاتب يزداد عذوبة بما يجده من قارئيه من التعضيد والإقبال! بخلاف الشرق حيث يكتب الكاتب كتابا يرجو من ورائه شهرة ومالا ينسيانه ما أنفقه في وضعه من الوقت والتعب والمال، فلا يجد من القراء وأنصار الأدب مساعدة تذكر. زد على هذا أن الحكومات الغربية تأخذ بيد الناهض لتجلسه فوق عرش العزة والعظمة بما تعطيه من المال، والتسهيلات التي تأتيها معه؛ مما يحرك الهمم الفاترة ويجعل المشتغلين يتسابقون في كل فن ومطلب. بخلاف الحكومات الشرقية فإنها فضلا عن كونها لا تساعد أحدا مما يزيد المرء خمولا، لا تتركه وشأنه، بل تعاكسه بما تضع له من العراقيل كمنع حريته فيما يكتب وغير ذلك مما يقتل الأفكار ويميتها، وفي ذلك من الضرر ما فيه.
فانظر، يرعاك الله، الفرق بين الجهل والعلم، بين النقص والكمال، بين العبودية والحرية، بين أدب وأدب.
فإذا أردنا - نحن الشرقيين - تحسين حالنا فلنعمل على رفع منار العلم والأدب بيننا، وذلك لا يتم إلا بتعضيد كل كاتب ومؤلف أدبيا وماديا؛ لتشجيعهم وحملهم على مسابقة بعضهم البعض في هذا المضمار.
وما حملني على هذه المقدمة رغبتي في مساعدة المؤلف وتعضيده، لا وحرمة الأدب، ولكني أردت بهذه السطور تقرير حال الأدب في الشرق؛ لتتنبه الأفكار إلى هذا النقص المعيب فيجعلوه يستفيق من سباته العميق، وينهض لمغالبة الأمم الراقية، وبذا يسترد الأبناء ما كان للآباء من الأدب والعلم والقوة والمجد؛ إذ لا يصح أن نكون قادرين ولا نعمل على حد قول الشاعر:
ولم أر في عيوب الناس شيئا
كنقص القادرين على التمام
هذا، وقد اختار المؤلف موضوعا جليلا بنى عليه هذا الكتاب ، ولا حاجة بي لذكر هذا الموضوع؛ إذ يعلمه القارئ من عنوان الكتاب. غير أن لي كلمة عن كولومب فأقول: إن الإنسانية مدينة له بهذا الإحسان الذي استعبدها به، ألا وهو اكتشاف العالم الجديد الذي به غير وجهة العالم، فلولا كولومب لما كان العالم كما هو عليه اليوم. هذا وأترك الحكم على هذا المؤلف للقارئ الكريم فيقضي بما يراه، ولا إخال القارئ إلا حكما عدلا، والسلام.
ثابت سيدهم المنقبادي
Página desconocida