أهكذا يظل كولومب كقصبة في مهب الريح، لقد اجتمع علماء الإسبان وقرروا أن آرائي لا يليق بالملوك أن يكترثوا لها، فأنا لا أقول الآن شيئا، بل أدع التاريخ يكذبهم إذا قدرت لي المساعدة، دعاني الملك والملكة إليهما وبعدما قضيت السنين في انتظار وعدهما قالا لي بأن الحالة الحاضرة لا تمكنهما من مساعدتي، وعند انتهاء الحرب سيكون ما أتمناه، ولكن هذا الجواب لا يفي بالغرض المقصود والضالة المنشودة، بل ليس غير جواب احتيالي للتخلص من لجاجتي، آه ما أتعس حظي! أنا أحبك يا مملكة إسبانيا ولهذا أتيت إليك ويعز علي أن أعود منك خائبا، اليوم في هذا الصباح تلقيت رسالة من ملك فرنسا وكتابا من ملك إنكلترة وتحريرا من ملك البرتوغال وهذا الأخير يطلب أن أعود إليه، ولكنني لا أعود كوني أحب إسبانيا. أحب إسبانيا وحبذا لو بادلتني الحب فلا أكون محبا غير محبوب.
يا مليكة إسبانيا ويا مليكها، ستندمان يوما ما على كولومب، ستذكران أن الرجل غير مجنون، بل هو يتكلم عن معرفة أكيدة ولا يهرف بما لا يعرف، قبحكم الله أيها العلماء الجهلاء، وجوزيتم عني خيرا يا نيافة الكردينال ويا رهبان الدير؛ فقد كنتم أكبر عضد لي، إنكم تمثلون الدين الذي يصافح العلم والعلماء الذين يضطهدونه حتى نسبوا إلي الكفر والضلال لو لم يكذبهم المرشد.
طفت البلاد وما ظفرت بحاجتي
فكأنها العنقاء والخل الوفي
رباه رفقا إنني لا أبتغي
مجدا وغير رضاك لست بمصطف
فلأنت مسئول بتوفيقي وما الت
توفيق إلا بالعلي الأشرف
قد جاهدت في سبيل آمالي، وسرت إليها على رغم أنف الأقدار، ولكن الدهر أبى إلا معاندتي فلا حول ولا، إنما:
على المرء أن يسعى إلى الخير جهده
Página desconocida