4-20 ). وهي تمثال تقليدي على الطراز المصري ضخم الحجم ذو وجه شاب. كان هذا التمثال جزءا من تمثال مزدوج كان الذكر فيه هو بطليموس الخامس عشر. يصل ارتفاع الجزء المتبقي من الصدر حتى قاعدة التاج 3 أمتار. وترتدي الملكة شعرا مستعارا مصففا، وقاعدة مستديرة لتاج من رءوس الكوبرا وغطاء للرأس على شكل نسر. يبدو أن التمثال كان به رأس نسر واحد في الجزء الأمامي من غطاء الرأس. ويبدو مميزا إلى حد كبير، ومن المنصف أن نقول: إن الصور الفوتوغرافية لا توفيه حقه. يوجد هذا التمثال حاليا في متحف ماريمونت الملكي ويعرض على جدار داخل الأروقة المصرية على ارتفاع كبير، لكنه ما يزال أقل ارتفاعا مما كان عليه في الأصل (بسبب التصميم الهندسي!) من الممكن رؤية هذه القطعة من الأسفل ومن شرفة الدور الأول. إن المميز في هذا التمثال على وجه الخصوص، بالإضافة إلى حجمه، العينان المنحوتتان بحيث تنظران مباشرة إلى المشاهد بطريقة غير معتادة في المنحوتات المصرية. حفظت الأيدي أيضا في بلجيكا، والغريب في الأمر أن أيدي التمثالين متشابكة، مما يشير إلى المكانة المتساوية للشخصين. للأسف أصبح الجزء السفلي، الذي رسمت صورة له في أوائل القرن العشرين، مفقودا حاليا. ودون وجود تمثال الذكر المصاحب لها، الذي يظهر بطليموس الخامس عشر (البعض يعتقد أنه بطليموس الثاني عشر) في صورة الحاكم، سيكون من المستحيل تمييز هذا التمثال عن صور إيزيس. في هذا الموضع تحمي كليوباترا ابنها؛ فتمسك الشخصيتان، على قدم المساواة، إحداهما بيدي الأخرى (أشتون 2007ب).
في عام 1841 حدد ويلكنسون أن التماثيل سابقة الذكر لكليوباترا وبطليموس الخامس عشر تظهر ملكا على أنه أوزوريس (شكل
4-19 )؛ ومن ثم فهو الملك الراحل، بينما تظهر ملكته على أنها إيزيس (172؛ الشكل
4-20 ). يجسد تمثال السيدة صورة مثالية لإيزيس، التي تعرف بتاجها وبغطاء الرأس على شكل نسر فوق رأسها. يتمثل رداؤها في الثوب الضيق المعتاد الذي ترتديه نساء الأسرة الحاكمة والربات على حد سواء. كما ذكرنا كانت ملامح وجه الذكر ملامح شابة ويرتدي غطاء الرأس التقليدي. وقد توصل إلى هذا الربط بناء على شكل اعتبر مفتاح الحياة، لكنه قد يكون كذلك سوطا يمسك به التمثال في يده اليسرى، عبر الكتف الأيسر؛ فنحن نعتمد في هذه المعلومات بالكامل على صورة رسمها هاريس، القنصل البريطاني، ملحقة بخطاب كتبه جوزيف بونومي إلى السير جون جاردنر ويلكنسون في 18 من أكتوبر عام 1842. فقد حاليا جذع الحاكم الذكر من التمثال، على الرغم من استمرار إمكانية رؤية طرف الصولجان أو المدراس فوق كتف التمثال مباشرة، المحفوظ حاليا في المتحف اليوناني الروماني. إحدى المشاكل الرئيسية التي تعوقنا عن تقبل كون هذا التمثال تصويرا للملك في شكل أوزوريس هو غطاء الرأس؛ إذ يرتدي الملوك عادة التاج الأبيض ذا الريشتين عندما يجسدون في صورة أوزوريس (أشتون 2004ب: 548-549). تظهر الصور أيضا الحاكم في إحدى المرات وهو يرتدي ما يعرف بتاج هيم هيم. وهو نوع محدد من غطاء الرأس يرتديه غالبا الملك الحي وارتبط أيضا بحورس الطفل (الذي عرف فيما بعد بحربوقراط). من ثم يبدو من المنطقي أن يكون هذا الثنائي هما كليوباترا في شكل إيزيس، ربما حتى مرتدية زي إيزيس الجديدة، مع ابنها الذي يظهر في شكل الطفل حورس. يشير آخرون إلى أن هذا التمثال ربما يعبر عن والدها بطليموس الثاني عشر في صورة أوزوريس (ستانويك 2002: 18). ويصل ارتفاع التمثالين في الأصل إلى نحو 9 أمتار وكانا يعبران عن رسالة ثقافية قوية؛ وهي أن الحاكمين مصريان.
طمست معالم الموقع المرتبط بمعبد إيزيس بسبب التطورات الحديثة ولم يلق اهتماما كبيرا من الباحثين الذين يدرسون كليوباترا السابعة، ربما نظرا لكون معظمهم مؤرخين وليسوا علماء آثار. في عام 2003 (أشتون 2001ب: 120-122؛ 2003: 120-122)، قيل إن الضريح كان يقع بالقرب من مكان العثور على التمثالين وذلك بناء على تحديد مكان معبد إيزيس. هذا وسينشر شرح كامل لطبيعة الموقع كجزء من مجلد لفاعليات المؤتمر (أشتون 2007ب)، وسأذكر ملخصا له فيما يلي.
يظهر الموقع الذي يعرف حاليا بأنه معبد إيزيس في خرائط القرن التاسع عشر خارج الجدران الرئيسية للإسكندرية ناحية الشرق وأطلق عليه العديد من الأسماء المختلفة منها المعبد، والحطام والتماثيل وتليستريون (معبد الإلهة الإغريقية ديميتر). تظهر إحدى الخرائط الحكومية صورة للمنطقة على ضفاف بحيرة الحضرة، وتحتوي على أعمدة وأشكال لأبي الهول وأجزاء من تماثيل. يرد في الوصف المعاصر للموقع سمات مشابهة ويشير كثير من المسافرين إلى الحجم الضخم للأبنية ذات الصلة التي نحتت في الصخر؛ ويذكرون كذلك التماثيل الضخمة وأبا الهول، وفي أحد المواضع ذكر وجود معبد مستدير (أشتون 2007ب). إن هذه السمة على وجه الخصوص مهمة لأن هذا الشكل من الأبنية كان مرتبطا على نحو مباشر بعقائد الأسرة البطلمية، خاصة تلك التي نسبت إلى أرسينوي الثانية في جزيرة ساموثريس والإسكندرية. سجلت صورة رسمها ليبسيوس (1842: المجلد 1 و2)، تمثالا آخر في شكل فيل من الجرانيت يوجد حاليا في متحف تاريخ الفن في فيينا. يبدو أن المعبد ضم مزيجا من العناصر الإغريقية والمصرية وكان ضخم الحجم وبالغ الأهمية. جرت أعمال التنقيب في الموقع عام 1892 عندما سجل بوتي، مدير المتحف اليوناني الروماني بالإسكندرية، تماثيل لأبي الهول تنتمي إلى الأسرة التاسعة عشرة والسادسة والعشرين، ربما تكون تلك التي وصفها المسافرون القدامى. يشير هذا إلى أن منحوتات أقدم قد نقلت إلى الموقع، على الأرجح من أجل تعزيز طابعه المصري، ربما كانت في الأصل من المعبد المهجور في هليوبوليس. كان هذا أمرا شائعا في عصر البطالمة وأصبح أكثر رواجا فيما بعد في عصر الرومان، الذين نقلوا الآثار المصرية بحرا إلى روما (أشتون 2004أ: 48-49 و2007أ).
في نوفمبر عام 2004 أجرى فريق بريطاني بلجيكي، يعمل بمساعدة مركز الدراسات السكندرية، مسحا جيوفيزيائيا لمنطقة أشير إليها كموقع محتمل للمعبد، من خلال مقارنة خرائط القرن التاسع عشر لكل من سمايث وفلكي (أشتون 2005ب: 30-32). تباينت النتائج، ويرجع هذا بقدر كبير إلى التشوش الناتج عن المركبات الواقفة، والطريق المحيط بالمنطقة، والسطح المضغوط ومستويات المياه المالحة في المكان الذي كانت تشغله البحيرة. وعلى الرغم من هذه المشكلات، عثر على كثير من الانحرافات في منطقة محددة وضمت ما يحتمل أن يكون زاوية جدار تبلغ أبعادها نحو 30 مترا في 30 مترا. هذا ويتطلب التعرف على السمات الموجودة تحت سطح الأرض حفر خندق من أجل التأكد من أن هذه المباني قديمة. وفي وقت تأليف هذا الكتاب قدم طلب بالحفر إلى المجلس المصري الأعلى للآثار لكنه يتطلب الحصول على حق دخول مناطق أصبحت الآن ملكية خاصة لبعض الأفراد. هذا ومن المقرر إقامة معرض في متحف ماريمونت الملكي عام 2010. ما زال أمامنا الكثير لاكتشافه وإعادة تقييمه وفهمه عن كليوباترا. والبدء بتناول هذه الملكة ضمن سياقها الصحيح هو نقطة انطلاق جيدة. (6) شخصية مقدسة عالمية
ظهرت كليوباترا أيضا على أنها إلهة في روما. وكان الدليل الأول على هذا، كما أشرنا، في تمثال يوجد في معبد فينوس جينتريكس، يقال إنه أهدي من يوليوس قيصر، لكنه للأسف لم يعد موجودا. كتب أبيان («الحروب الأهلية» 2. 102) ما يلي بشأن هذا التمثال: «أقام يوليوس قيصر تمثالا جميلا لكليوباترا بجوار تمثال الإلهة فينوس؛ ولا يزال موجودا هناك حتى الآن [أوائل القرن الثاني الميلادي].» يتوقع بعض الباحثين في العصر الحديث أن رأس كليوباترا الموجود حاليا في متاحف الفاتيكان، الذي يوجد به جزء صخري زائد على إحدى وجنتيه، صنع على غرار التمثال الأصلي وهذا الجزء الزائد هو موضع إصبع بطليموس الخامس عشر وهو يلمس وجنة أمه، على نمط أفروديت وابنها إيروس (انظر هيجز 2001: 204 للاطلاع على المناقشة).
يوجد تمثال آخر لفينوس ارتبط أيضا بكليوباترا. هذا التمثال هو نسخة رومانية لتمثال هلنستي أصلي يوجد حاليا في جزء مونت مارتيني الملحق بمتاحف كابيتوليني. قيل إن صنع هذا التمثال بدأ في أثناء حكم الإمبراطور كلوديوس، الذي كان حفيد مارك أنطونيو (انظر مورينو 1994؛ هيجز 2001: 208-209 للمناقشة). أقيم مؤخرا (في 2006) معرض حول هذه القطعة وقيل إن هذا التمثال هو نسخة مباشرة لصورة كليوباترا الموجودة في معبد فينوس جينتريكس في روما (أندريا 2006: 14-47). يتخذ هذا التمثال، المعروف باسم إيسكويلين فينوس، شكل سيدة عارية ترتدي تاجا إغريقيا، وشعرها مربوط إلى الخلف في عقدة. يوجد بجوارها إبريق ماء ملفوف عليه ثعبان من الخارج (ومن ثم جاءت الصلة المقترحة بينه وبين كليوباترا عبر أداة انتحارها المحتملة)، ووضع رداء هذه السيدة على الإناء. في دليل صور معرض كليوباترا السابق عام 2001 (ووكر وهيجز 2001: 208-209) حدث خلاف حول تحديد هوية التمثال بناء على ملامح الوجه القاسية. ومع هذا يوجد العديد من السمات المشتركة بينه وبين التماثيل الشهيرة على الطراز الروماني لكليوباترا الموجودة في متحفي الفاتيكان وبرلين. أضيف الثعبان بالتأكيد في مرحلة لاحقة، ربما إلى النسخة التي تلت وفاة الملكة، ويتفق مع المصادر الرومانية المكتوبة، التي تتحدث عن تمثال كليوباترا الذي حمل في موكب أوكتافيان للاحتفال بالنصر؛ ومن ثم ربما يكون هذا التمثال هجينا من تمثال المعبد ويكون هو الذي حمل في موكب النصر.
عثر على أحد أبرز تماثيل كليوباترا بالقرب من معبد لإيزيس في روما ويوجد حاليا أيضا في جزء مونت مارتيني الملحق بمتاحف كابيتوليني (شكل
Página desconocida