4-5 ). في الحقيقة تبدو تماثيل كليوباترا السابعة ذات الطابع الإغريقي أنها تعبر عن محاولة متعمدة للعودة إلى نماذج أوائل القرن الثالث قبل الميلاد (أشتون 2003أ: 95). فإن صور كليوباترا الشخصية هي هجين من صور الملكات أرسينوي الثانية وبرنيكي الثانية وأرسينوي الثالثة وتشترك في بعض سماتها مع سمات صور والدها، خاصة أنفه وذقنه الناتئ. كذلك يشبه الوجه الممتلئ وجه برنيكي الثانية (أشتون 2003أ: 80-85)، وبوجه عام لا تختلف الملامح الناضجة الموجودة في رأس متحف اللوفر عن ملامح أرسينوي الثالثة، ومع ذلك، نرى في رءوس الملكة المصنوعة على الطراز الإغريقي الموجودة في إيطاليا، الطابع الشاب الذي يحاكي نمط صور أرسينوي الثانية؛ مثلها الأعلى (قارن أشتون 2003أ: 76-79).
يوجد رأس رخامي آخر ضمن مجموعة خاصة لها الأبعاد المعتادة الأقل من الحجم الطبيعي والتي ارتبطت أيضا بكليوباترا في شبابها (بيانشي 2003: 20، الصورة 6). تماما مثل الرأس الموجود في متحف اللوفر نرى في ذلك التمثال عنقا طويلا ونحيلا؛ مما يشير إلى التقليد البطلمي الكلاسيكي المعتاد الذي يتمثل في تركيب صورة الوجه على جسم مصنوع من مادة أخرى. يبدو أن نحت الشعر لم يكتمل أكثر من كون سطحه قد تآكل، ما يتفق مع الأسلوب السكندري الذي يتمثل في إنهاء التماثيل الرخامية بطبقة من الجبس (الجص). يوجد إكليل عريض يمكن رؤيته بسهولة؛ مما يشير إلى أن هذا التمثال لشخصية ملكية. توجد علامات مقنعة على أن هذا التمثال يصور وجه كليوباترا السابعة؛ فالفم عابس والذقن واضح المعالم والشكل العام للوجه مستدير والأنف مستقيم والجبهة صغيرة. قورنت هذه الملامح بالملامح الموجودة على العملات التي ضربت في دمشق عام 37-36 قبل الميلاد (بيانشي 2003: رقم 105)، إشارة إلى أن هذه إحدى صورها المبكرة، ويدعم مظهرها الشاب هذه النظرية.
يلفت بيانشي الانتباه أيضا إلى صورة شخصية أخرى على الطراز الإغريقي توجد أيضا في مجموعة خاصة (2003: 19، الصورة 5). تظهر هذه الصورة سيدة أكثر نضجا لديها ملامح أكثر قسوة. حفرت العينان عميقا، ويظهر الفم مقوسا لأسفل بالطريقة المعتادة أما الشفتان فرفيعتان جدا؛ مما يتسبب في وجود تجاعيد على جانبي الفم. نحتت عظام الوجنتين أعلى من المعتاد والذقن ناتئ ومدبب في شكل جانبي. تشبه هذه الصورة الشخصية كثيرا تمثال كليوباترا الشهير الموجود في الفاتيكان، الذي صنع في إيطاليا (شكل
3-14 ). الرأس مكسور عند الرقبة؛ لذلك من غير الممكن تحديد إن كان هذا الجزء ركب على الجسم أم كان جزءا من تمثال كامل. يقال إن الرأس صنع في الإسكندرية على أساس الشعر غير المكتمل في أعلى الرأس الذي نحت بخشونة؛ ولذلك افترض أنه قد وضع عليه في النهاية طبقة من الجبس كجزء من عملية التصنيع المعتادة. أما الشعر الذي يؤطر الوجه فقد نحت جيدا ويشمل عقدة كبيرة في مقدمة الرأس. تظهر هذه السمة على وجه الخصوص بشكل أصغر حجما في كل من تمثالي رأس كليوباترا في برلين والفاتيكان (ووكر 2003ب)، ويقال إن كليوباترا اتبعت هذا الأسلوب في مرحلة مهمة في أثناء فترة حكمها. من الواضح أن هذه السمة كانت جزءا من الأسلوب الفني الذي طبق في أثناء فترة إقامتها في روما، كما اتضح من تماثيلها سابقة الذكر. توجد سمة مربكة في التمثال المكتشف حديثا تتمثل في ضفيرة شعر تمتد أسفل عقدة الشعر والشعر المربوط غير المكتمل الموجود في الرأس من الخلف، رغم أنها قد تكون مجرد إكليل. لكن على عكس الشكل المعتاد للإكليل نجد هذا الشكل رفيعا، مما قد يشير إلى أن الشكل المعتاد العريض للإكليل قد أضيف فوقه وكان مصنوعا إما من الجبس أو الذهب. (12) سك العملات
تقدم العملات السكندرية إشارة أخرى إلى وضع كليوباترا السابعة كملكة هلنستية. تجدر الإشارة إلى أن الملكة تظهر وحدها على العملات التي ضربت في مصر بدلا من استخدام هذه العملات كوسيلة للترويج لابنها. تذكرنا صورة الملكة بصورة والدها؛ بشكل الذقن الواضح المعالم والفم المقوس إلى الأسفل والعينين الكبيرتين (إشارة إلى هرقل الذي ظهر في مرحلة مبكرة من الأسرة) والأنف الحاد المعقوف قليلا. لا أريد أن أتحدث في هذا السياق عن مسألة جمال كليوباترا؛ فيبدو أنه لا طائل ولا فائدة من معرفة هل كانت الملكة جذابة بالنسبة للمشاهد الحديث. أفضل وصف صورتها بأنها تعبر عن القوة وتتضمن إشارة واضحة إلى صورة والدها، وأؤكد على العلاقة القوية بينهما.
كانت العملات تصنع فقط من سبائك النحاس والفضة. أما العملات الذهبية التي ظهرت في أوائل عصر البطالمة فكانت صناعتها قد توقفت منذ زمن طويل (ووكر وهيجز 2001: 177). كذلك اختزلت العملات الفضية إلى 40 في المائة فضة مقارنة بنحو 80 إلى 90 في المائة من الفضة في أثناء حكم بطليموس الثاني عشر و98 إلى 99 في المائة فضة في عملات التيترادراخما التي صنعت في عصر البطالمة الأوائل (هازارد 2000: 89-107). ضربت الدراخما الفضية في السنة السادسة والحادية عشرة من حكم كليوباترا؛ 47 / 46 و42 / 41 قبل الميلاد على التوالي (ووكر وهيجز 2001: 177، رقم 178). تظهر الصورة الموجودة على أحد وجهي العملة الملكة وهي ترتدي إكليلا ملكيا مع وجود تجعيدات الشعر الصغيرة المعتادة على جبهتها وعلى مؤخر رقبتها من الخلف. على الوجه الآخر يوجد النسر البطلمي ويقول الشعار المكتوب «الملكة كليوباترا».
كانت العملات البرونزية أكثر العملات التي تضرب شيوعا في عهد كليوباترا. ورغم أن صناعة العملات البرونزية انخفضت في أثناء عهد أسلافها السابقين عليها مباشرة، فإن كليوباترا بدأت مرة أخرى صناعة واسعة النطاق باستخدام هذا المعدن (ووكر وهيجز 2001: 177-178). يصعب تحديد تاريخ مثل هذه العملات بسنة معينة. وتقدر قيمة العملات بالعلامة الموجودة عليها (علامة
pi
أو
mu
Página desconocida