وقد انقدح بما ذكرنا، أن تمايز العلوم إنما هو باختلاف الأغراض الداعية إلى التدوين، لا الموضوعات ولا المحمولات، وإلا كان كل باب، بل كل مسألة من كل علم، علما على حدة، كما هو واضح لمن كان له أدنى تأمل، فلا يكون الاختلاف بحسب الموضوع أو المحمول موجبا للتعدد، كما لا يكون وحدتهما سببا لان يكون من الواحد.
ثم إنه ربما لا يكون لموضوع العلم - وهو الكلي المتحد مع موضوعات المسائل - عنوان خاص واسم مخصوص، فيصح أن يعبر عنه بكل ما دل عليه، بداهة عدم دخل ذلك في موضوعيته أصلا.
وقد انقدح بذلك أن موضوع علم الأصول، هو الكلي المنطبق على موضوعات مسائله المتشتتة، لا خصوص الأدلة الأربعة بما هي أدلة (1)، بل ولا بما هي هي (2)، ضرورة أن البحث في غير واحد من مسائله المهمة ليس من عوارضها، وهو واضح لو كان المراد بالسنة منها هو نفس قول المعصوم أو فعله أو تقريره، كما هو المصطلح فيها، لوضوح عدم البحث في كثير من مباحثها المهمة، كعمدة مباحث التعادل والترجيح، بل ومسألة حجية خبر الواحد، لا عنها ولا عن سائر الأدلة، ورجوع البحث فيهما - في الحقيقة - إلى البحث عن ثبوت السنة بخبر الواحد، في مسألة حجية الخبر - كما أفيد - (3) وبأي الخبرين في باب التعارض، فإنه أيضا بحث في الحقيقة عن حجية الخبر في هذا الحال غير مفيد فان البحث عن ثبوت الموضوع، وما هو مفاد كان التامة، ليس بحثا عن عوارضه، فإنها مفاد كان الناقصة.
لا يقال: هذا في الثبوت الواقعي، وأما الثبوت التعبدي - كما هو
Página 8