فقال إسفينيس: نعم، وأرغب في حضور هذه المحاكمة. - أكون دليلك إلى المحكمة إذا شئت.
وفي أثناء مفارقتهم للحانة مال لاتو على أذنه، وقال هامسا: إياك والتورط في أمر يفسد علينا مهمتنا الخطيرة.
فلم يجب إسفينيس، واقتفى من فوره أثر الرجل.
6
كانت المحكمة مكتظة بذوي الحاجات وأصحاب القضايا والشهود، وامتلأت مقاعد القاعة بالحاضرين من جميع الطبقات، وفي الصدر جلس القضاة ذوو اللحى المرسلة والوجوه البيض، وقد تدلى على صدر رئيسهم تمثال صغير لربة العدالة ثمي، فاتخذ الرفيقان مقعدين متقاربين، وقال لاتو لإسفينيس همسا: إنهم يقلدون أنظمتنا في ظاهرها.
وتفرسا في الوجوه، فأدركا أن أغلب الحاضرين من الهكسوس، وكان القضاة يستدعون المتهمين ويستجوبونهم على عجل، ويصدرون الأحكام بسرعة وبلا رحمة، وأصوات الشكوى والعويل تتصاعد من العراة ذوي الأجسام النحاسية والوجوه السمر، وجاء دور السيدة المنشودة، فنادى المنادي قائلا: السيدة إبانا.
وتطلع الرجلان في لهفة، فرأيا سيدة تقترب من المنصة في خطى متزنة، يدل مظهرها على الوقار والحزن، وتتجلى قسماتها عن حسن بالرغم من بلوغها الأربعين، وتبعها رجل من الهكسوس يرتدي لباسا فخما، فانحنى للقاضي باحترام وقال: سيدي القاضي الجليل، أنا وكيل القائد رخ - الذي اعتدت عليه هذه المرأة - وأدعى خم، وسأنوب عن عظمته أمام القضاء.
فهز القاضي رأسه موافقا، مما أثار دهشة لاتو وإسفينيس، ثم قال: بماذا يتهم مولاك هذه المرأة؟
فقال الرجل بإنكار وامتعاض: يقول مولاي إنه التقى بهذه المرأة صباح اليوم، فرغب في أن يضمها إلى جواريه، فقابلت صنيعه بالإنكار والجحود، ودفعته بوقاحة عدها اعتداء على شرفه العسكري.
فأثار حديث الرجل ضجة بين الحاضرين واستياء، وتقاربت الرءوس في همس واستنكار. وأشار القاضي للقوم بصولجانه، فساد السكون، ثم وجه سؤاله إلى المرأة قائلا: ما قولك يا امرأة؟
Página desconocida