وكان متولي حاصلا على لقب شيخ قبل أن يعينه الباشا عنده؛ فقد كان من حفظة القرآن الكريم، وقال الشيخ متولي في استجابة سريعة وحماس شديد: كل شيء تمام يا سعادة الباشا بنفس سعادتك وبركتك. - ومن هذا الذي يقف خلفك؟
واضطرب متولي فهو لم يكن تنبه بعد إلى وجود ابنه خلفه وقال: أين يا سعادة الباشا؟ من يا سعادة الباشا؟
وحينئذ انصرف الباشا عن متولي وأشار إلى شهاب قائلا: تعال يا شاطر.
وامتقع وجه متولي بينما تقدم شهاب في خطوات ثابتة وقال للباشا: شهاب متولي.
والتفت الباشا إلى متولي: أهو ابنك يا شيخ متولي؟
وتلعثم متولي وهو يقول: نعم يا سعادة الباشا، ربنا يطيل عمرك وعمر أنجالك عمر بك وعلي بك وعائشة هانم.
وقال الباشا في أبوة: الله يحفظك. هل أدخلته المدرسة؟ - والله يا سعادة الباشا العين بصيرة واليد ...
ولم يكمل الجملة بل قاطعه الباشا قائلا في حسم: شهاب ابنك يتعلم على حساب الدايرة على شرط أن يكمل تعليمه في الجامعة مفهوم؟
وفي حركة مفاجئة هوى متولي على يد الباشا ليقبلها فإذا الباشا يختطف يده في تلقائية سريعة وهو يقول: أبلغ هذا الأمر إلى زكي أفندي. - أطال الله عمرك ومتعك ومتع عائلتك كلها بالصحة والعافية.
وانصرف الباشا وترك الشيخ متولي مأخوذا بالفضل السابغ الذي ساقته إليه السماء على يد الباشا، بينما ابنه شهاب لم تتحرك في نفسه خلجة من فرح وكأن ما وقع أمر طبيعي لا غرابة فيه، ونظر متولي إلى ابنه الجامد الوجه. - ألست مبسوطا! ما لك هكذا مبهوتا وكأنك لا تدرك الخير العميم الذي تفضل به الباشا عليك وعلى أبيك وأمك.
Página desconocida