وقال آخر: ولا بد أن أباها ديوث يلم النقطة على زوجته وابنته.
وقال فهيم: كانت تقول إن أباها عمدة ولكنها كانت غاوية الرقص. - وصدقتها؟ - لم أفكر في تصديقها أو تكذيبها. - لو كان ما تقوله صحيحا، وهو طبعا غير صحيح، لكان عليك أن تفارقها قبل أن تأتي لك بفرغلي، إن من تترك بيت العمدة لتعمل راقصة ستترك حتما بيت العدل لتعود إلى الرقص. - في أول الأمر لم أكن أفكر إلا في الزواج بها. - المهم، ماذا تنوي أن تعمل؟ - العمل عمل ربنا. - أيبقى بيتك بغير «مرة» تنظفه لك وتطبخ أكلك وتليف ظهرك. - والولد! - ماله؟ - تكون له زوجة أب؟ - وهل هو أول ولد له زوجة أب؟ - أتعرف لي أحدا يا حاج هنداوي؟ - واشمعنا تسألني أنا؟! على كل حال النسوان على قفا من يشيل.
وقال آخر: طبعا أنت يلزمك عزبة. - طبعا، وهل يمكن لمن هو في سني أن يتزوج بكرا؟
وقال آخر: من ناحية السن يمكن، إنما البكر كما تعلم تحتاج مهرا كبيرا. - ونحن مالنا ولهن ... نتكلم عن العزباوات أحسن. - تعجبني. - الحقيقة يا متولي إني أريد أن أتزوج بأسرع ما يمكن. - عجيبة! كنت من دقيقة تقول الولد وزوجة الأب! - كلام تعودنا نسمعه على من يعرض عليه الزواج وهو أب، قلته كما يقوله الناس. يا سلام يا متولي لازم تحاسبني على كل كلمة! - المقصود. - المقصود أن أتزوج بأسرع ما يمكن حتى تعرف بنت الكلب أنني أقدر أتزوج ست ستها. - وأنا عندي طلبك. - صحيح؟ من؟ - شهاوي بنت سليمان أبو منصور.
وقال هنداوي: ناصح والله يا متولي.
وقال فهيم: ونعم ما اخترت بنت منكسرة، ولا تقول العيب. - وليس عندها إلا ولد واحد وهو كبير، ويروح المدرسة فلن يضايقك.
وقال فهيم: زوجها الله يرحمه كان صاحبي. - ماذا قلت؟ - نتوكل على الله. •••
لم يكن هذا الزواج ذا أثر على فرغلي إلا أنه أعفاه من غسل هدومه، فهو لم يكن يلم بالبيت إلا لينام أو ليذاكر ووجود امرأة أو عدم وجودها أمر ليس ذا أثر عنده. وهو لا يهمه أن يكون أبوه مستريحا أو غير مستريح، فالهوة التي تفصل بينه وبين أبيه أكبر من تلك التي تفصل بينه وبين الحياة.
ولكنه في خبث شديد اتخذ من وجود هذه المرأة في البيت وسيلة لينفذ أمرا كان يتوق إليه منذ سنوات، ولكن لم يكن يجرؤ أن يهمس به إلى نفسه وإنما كان يكبته في بئر عميق تعود أن يلقي فيها بآمال وأحلام كثيرة يعلم أنها قد تكون مستحيلة، ولكنه في نفس الوقت مصمم على تنفيذها.
في نفس اليوم الذي حصل فيه على شهادة الابتدائية علم أن زوجة أبيه حامل، وترك أباه يفرح بخبر زوجته، ولم يشأ أن يخبره أنه حصل على الشهادة. لقد بخل على أبيه أن يعرف خبرين مفرحين في يوم واحد، فهو مع كراهيته لأبيه يعلم أن أباه يحب أن يتفاخر بنجاحه بين صحبه وإخوانه.
Página desconocida