Resumen de la historia de Irak: desde sus orígenes hasta nuestros días
خلاصة تاريخ العراق: منذ نشوئه إلى يومنا هذا
Géneros
أما دور خواص المسلمين في الأندلس فإنها تشبه الدور التي ترى في يومنا هذا على سواحل أفريقية؛ فإنك ترى مدخلها مشروعا على الطريق، ولا تصل ساحة الدار إلا من بعد أن تمر بدهليز (يسميه العراقيون: المجاز، والرومان: أتريوم). وفي فناء الدار يكون غالبا شاذروان (يسميه أهل الشام: نوفرة، أو فسقية)، وحوله صفوف من أشجار النارنج والبرتقال، وحول الفناء رواق مفتوح (واسم الرواق عند العراقيين: الطارمة) بعواميد لطيفة دقيقة، ومن هذا الرواق تصير إلى الحجر أو الغرف المنتظمة حول الشاذروان. وإذا فحصنا البناية العربية في بلاد الشام ومصر حيث لم يتبدل فيها إلا ما رقاه الفن، نرى فيها فروقا تميزها عن بناية عرب الأندلس، وريازة مغاربة أفريقية؛ فجوامع ديار مصر مثلا تدل على معرفة واغلة في فن تعادل الأجسام، واختيار المواد اللازمة للبناء، أما تزيينهم للأبنية واتخاذ الكتابات المزخرفة فالظاهر أن ليس في مصر القاهرة معهد يفوق أو يجاري الحمراء في الأندلس.
ما تقدم بسطه هو نظر عام في أبنية المسلمين في ديار الغرب. أما في الشرق فإن الريازة الفارسية أثرت كل التأثير على الريازة الإسلامية، بل أكثر مما أثرت عليها الريازة الرومية؛ ففي البناية الفارسية من الأشكال المتلاعبة ما أنشأ في نفوس العرب المشارقة طرزا خاصا بهم، يمتزج فيه الطرز الرومي بالطرز الفارسي، فاكتظت في الجوامع القبب البيضية والمخروطة، على حد ما كان يرى في مصانع الفرس والهنود القديمة، وقد اقتبسها من الشرق بناة الروس ورازتهم، فازدانت المآذن بأحواض مسننة، وشرافاتها ناتئة داخلة على طبق ما يرى اليوم في بعض الأبنية القديمة في ديار فارس. وامتدت قسي الفتحات على شكل عقد مبالغ فيه، وارتفعت بيضية الشكل حادتها، وازدانت بتقاطيع وتزاويق عديدة تتميز بينها تلك القبيبات المعلقة، كأنها أنصاف أجراس مستديرة، وتكاد تتذبذب في الهواء لما فيها من حسن أسلوب الوضع ورشاقة الأشكال، وهي التي سماها الإسبانيون: «مدياس نارنخاس»؛ أي أنصاف النارنجات.
وقد اتخذ العرب في أبنيتهم الحجارة المنحوتة والإشكنج،
6
وربما ناوبوا بين طبقة من هذا وطبقة من تلك، أو بين طبقة من الحجارة وطبقة من اللياط، واتخذوا بمهارة ما سموه التعبئة، وهي ضرب من الملاط ممزوج بحصى، كانوا يفرغونه بين الألواح الراكبة ثخن الحائط الذي يريدون بناءه، فإذا صلبت تلك التعبئة يغشونها بطلاء رقيق يدفع عنه الرطوبة. أما الأبنية المستديرة فقد ندر وجودها عند مسلمي العرب. وكانت أبراجهم مربعة كما تشاهد في ميادين آرل في فرنسة، وكانت بعض الأحيان مثمنة الزوايا. أما إذا أردت أن تشاهد أمثلة بناء الفن العربي فعليك ببلاد الأندلس، وإفريقية، وسورية ، وصقلية، وفي بعض مدن جنوبي فرنسة.
وأما البناية في العراق فهي على طرزين: طرز سبق الإسلام، وطرز عقبه؛ فالطرز السابق الإسلام كان يقرب من الطرز الفارسي الساساني، مع شيء من الطرز الرومي، وكان أغلب بناته العرب النصارى، فكانوا يعنون بتشييد الحصون والقصور والبيع والأديرة، ولم يبق في ديارنا من تلك الأبنية إلا ما يسمى اليوم بالأخيضر، بقرب شفاثا، أو بجوار النجف، وما الأخيضر على رأي بعضهم إلا تصحيف: الأكيدر؛ أي قصر الأكيدر، وهو صاحب القصر وبانيه، ويوافق هذا الرأي أن محله يوافق كل الموافقة ما وصفه ياقوت عن قصر ومنازل في دومة الحيرة، وهي غير دومة الجندل، وكلتاهما للأكيدر. وهذا بعض ما قاله الحموي: «فأما دومة (الجندل)، فعليها سور يتحصن به، وفي داخل السور حصن منيع يقال له «مارد»، وهو حصن أكيدر الملك ابن عبد الملك ... السكوني الكندي ... وكان نصرانيا. ونقض أكيدر الصلح ... فأجلاه عمر (رضي الله عنه) من دومة في من أجلى من مخالفي دين الإسلام إلى الحيرة، فنزل في موضع منها قرب عين التمر، وبنى به منازل، وسماه دومة، وقيل: دوماء، باسم حصنه بوادي القرى، فهو قائم يعرف، إلا أنه خراب.»
قلنا: وهذا القصر قائم إلى يومنا هذا، وقد وصفه المسيو لويس ماسنيون الفرنسوي في رحلته، ووصفته أيضا أحسن وصف الخاتون الكريمة «المس جرترود لوثيان بل» الشهيرة في بلادنا، وقد فصلت هذا الوصف في كتابها الموسوم «من مراد إلى مراد»، وذكرت عنه فوائد جزيلة، وصورته على اختلاف جوانبه وحجره، فجاء التصوير أحسن مثال له ولمن يريد أن يشاهده بدون أن يذهب إليه، فعلى من يريد الوقوف على كل ذلك أن يراجع الكتاب المذكور. ومن القصور السابقة للإسلام: الخورنق، والسدير، ولهما أطلال باقية في جوار النجف أيضا. وهناك غيرها من القصور كبارق، وسنداد، والحاري، وكان هذا من أبدع ما بني؛ فقد نقل المسعودي في مروج الذهب:
أن بعض ملوك الحيرة من النعمانية من بني نصر، أحدث بنيانا في دار قراره، وهي الحيرة، على صورة (جيش) الحرب وهيئته للهجته بها وميله نحوها لئلا يغيب عنه ذكرها في سائر أحواله، فكان الرواق مجلس الملك، وهو الصدر، والكمان ميمنة وميسرة، ويكون في البيتين اللذين هما الكمان من يقرب منه من خواصه، وفي اليمين منهما خزانة الكسوة، وفي الشمال ما احتيج إليه من الشراب. والرواق قد عم فضاؤه الصدر والكمين والأبواب الثلاثة على الرواق، فسمي هذا البنيان إلى هذا الوقت «بالحيري بكمين»، إضافة إلى الحيرة. (ا.ه. المقصود من إيراده.)
قلنا: وسمى بعضهم هذا النوع من البناء: السدلي، والسدير، كما أشار إليه لغويو العرب.
وأما الأديرة التي بنتها العرب قبل الإسلام فكثيرة، ذكر شيئا منها ياقوت في معجمه، وخص منها بالتفصيل دير هند الصغرى، ودير هند الكبرى، ونحن نذكر هنا بعض ما قاله عن دير هند الكبرى، قال: «وهو أيضا بالحيرة (كدير هند الصغرى)، بنته هند أم عمرو بن هند، وهي هند بنت الحارث بن عمرو بن حجر آكل المرار الكندي، وكان في صدره مكتوب:
Página desconocida