بِسم الله الرَّحْمَن الرَّحِيم
الْحَمد لله على نواله وَله الشُّكْر على وَاسع أفضاله وَأفضل صلواته على النَّبِي مُحَمَّد وَآله وَبعد فَهَذَا مُخْتَصر فِيهِ ذكر نسب رَسُول الله ﷺ وميلاده ونبذ من غَزَوَاته وأحواله وحجه وعمره وأسمائه وَصِفَاته وَبَعض مَكَارِم أخلاقه ومعجزاته وَذكر أَزوَاجه وبنيه وَبنَاته وأعمامه وعماته وَذكر خدمه وخيله ونعمه وسلاحه وأثاثه وثيابه ووفاته ﷺ جمعته عقله عجلَان وعقيله أصل وإفتان من إثنى عشر مؤلفا مَا بَين كَبِير انتخبته وصغير اختصرته وسميته بخلاصة سير سيد الْبشر ﷺ ويشتمل على أَرْبَعَة وَعشْرين فصلا
1 / 17
الْفَصْل الأول فِي نسبه ﷺ
هُوَ أَبُو الْقَاسِم مُحَمَّد بن عبد الله بن عبد الْمطلب بن
1 / 18
هَاشم بن عبد منَاف بن قصي بن كلاب بن مرّة بن كَعْب بن لؤَي بن غَالب بن فهر بن مَالك
1 / 19
ابْن النَّضر بن كنَانَة بن خُزَيْمَة بن مدركة بن إلْيَاس بن مُضر بن نزار بن معد بن عدنان بن أدد بن مقوم بن ناحور بن تيرح بن يعرب بن يشجب بن ثَابت بن إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم خَلِيل الرَّحْمَن بن آزر بن ناحورا بن ياروخ بن راغوا بن فالخ بن عيير بن شامخ بن أرفخشد بن سَام بن نوح بن لامك بن متوشلخ بن خنوخ وَهُوَ إِدْرِيس أول بني آدم أعْطى النُّبُوَّة وَخط بالقلم بن يزدْ بن مهليل بن قيس بن يانوش بن شِيث
1 / 20
بن آدم ﵇ وَالنّسب إِلَى عدنان مُتَّفق على صِحَّته وَمَا بعده مُخْتَلف فِيهِ إِلَّا أَنهم اتَّفقُوا على أَن النّسَب يرجع إِلَى إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم خَلِيل الله تَعَالَى وقريش هم أَوْلَاد النَّضر وَقيل فهر بن مَالك وَقيل النَّضر بن كنَانَة وَقيل غير ذَلِك وَالْأول أصح وَأشهر وَأم رَسُول الله ﷺ آمِنَة بنت وهب بن عبد منَاف بن زهرَة بن كلاب وَقد روى أَنَّهَا آمَنت بعد مَوتهَا
أخبرنَا بذلك الشَّيْخ الإِمَام الصَّالح أَبُو الْحسن عَليّ بن أبي عبد الله بن أبي المقير قِرَاءَة عَلَيْهِ بِالْمَسْجِدِ الْحَرَام وَأَنا أسمع سنة سِتّ وَثَلَاثِينَ وسِتمِائَة قَالَ أخبرنَا الشَّيْخ الْحَافِظ أَبُو الْفضل مُحَمَّد بن نَاصِر السلامى أجَازه قَالَ أخبرنَا أَبُو مَنْصُور مُحَمَّد بن أَحْمد بن عَليّ بن عبد الرَّزَّاق الْحَافِظ الزَّاهِد قَالَ أخبرنَا القَاضِي أَبُو بكر مُحَمَّد بن عَمْرو بن مُحَمَّد بن الْأَخْضَر حَدثنَا أَبُو غزيَّة مُحَمَّد بن يحى الزُّهْرِيّ قَالَ حَدثنَا عبد الْوَهَّاب بن مُوسَى الزُّهْرِيّ قَالَ حَدثنَا عبد الرَّحْمَن بن أبي الزِّنَاد عَن
1 / 21
هِشَام بن عُرْوَة عَن أَبِيه عَن عَائِشَة ﵂ أَن النَّبِي ﷺ نزل الْحجُون كئيبا حَزينًا فَأَقَامَ بِهِ مَا شَاءَ الله ﷿ ثمَّ رَجَعَ مَسْرُورا وَقَالَ سَأَلت رَبِّي ﷿ فأحيا لي أُمِّي فآمنت بِي ثمَّ ردهَا
1 / 22
الْفَصْل الثَّانِي فِي ذكر ميلاده ﷺ
ولد رَسُول الله ﷺ بِمَكَّة عَام الْفِيل وَقيل بعده بِثَلَاثِينَ يَوْمًا وَقيل بِأَرْبَعِينَ يَوْمًا وَالْأول أصح فِي يَوْم الْإِثْنَيْنِ فِي شهر ربيع الأول وَقيل لليلتين خلتا مِنْهُ وَقيل لثمان وَصَححهُ كثير من
1 / 23
الْعلمَاء وَقيل لِاثْنَتَيْ عشرَة لَيْلَة وَلم يذكر ابْن إِسْحَاق غَيره وَقيل لاثْنَيْنِ مِنْهُ من غير تَيَقّن وَقيل ولد فِي رَمَضَان لاثنتى عشرَة لَيْلَة خلت مِنْهُ وحملت بِهِ أمه فِي أَيَّام التَّشْرِيق فِي شعب أبي طَالب عِنْد الْحُجْرَة
1 / 24
الْوُسْطَى وَلَيْلَة ميلاده ﷺ ارتجس إيوَان كسْرَى وَسَقَطت مِنْهُ أَربع عشرَة شرافة وخمدت نَار فَارس وَلم تخمد قبل ذَلِك بِأَلف عَام وغاصت بحيرة ساوة وأفزع ذَلِك كسْرَى
1 / 25
الْفَصْل الثَّالِث ذكر نبذ من أَحْوَاله ﷺ
وَلما ولدت آمِنَة رَسُول الله ﷺ كَانَ فِي حجر جده عبد الْمطلب فاسترضعته امْرَأَة من بني سعد بن بكر يُقَال لَهَا حليمة بنت أبي ذُؤَيْب السعدية
فروى عَنْهَا أَنَّهَا قَالَت لما وَضعته فِي حجري أقبل ثدياى بِمَا شَاءَ الله من لبن فَشرب حَتَّى روى وَشرب مَعَه أَخُوهُ حَتَّى روى وناما وَمَا كَانَ ينَام قبل ذَلِك وَمَا كَانَ فِي ثدي مَا يرويهِ وَلَا فِي شارفنا مَا يغذيه وَقَامَ زَوجي إِلَى شارفنا تِلْكَ فَنظر إِلَيْهَا فَإِذا بهَا لحافل فَحلبَ مِنْهَا مَا شرب وشربت حَتَّى انتهينا ريا وشبعا فبتنا بِخَير لَيْلَة وَلما رجعت تعنى إِلَى بَلَدهَا ركبت أَتَانِي وَحَمَلته عَلَيْهَا فوَاللَّه لَقطعت بالركب مَا لَا يقدر عَلَيْهَا شَيْء من حمرهم حَتَّى إِن صواحبي ليقلن لي وَيحك يَا بنت أبي ذُؤَيْب أربعي علينا أَلَيْسَ هَذِه أتانك الَّتِي كنت خرجت عَلَيْهَا فَأَقُول لَهُنَّ بلَى وَالله إِنَّهَا لهي
فيقلن وَالله إِن لَهَا لشأنا وَكَانَت قبل ذَلِك قد أذمت بالركب حَتَّى شقّ عَلَيْهِم ضعفا وجعفا فقدمنا مَنَازلنَا وَمَا أعلم أَرضًا من أَرض الله أجدب مِنْهَا وَكَانَت غنمى تروح على حِين قدمنَا بهَا مَعنا شبعا فنحلب وَنَشْرَب وَمَا يحلب
1 / 26
إِنْسَان قَطْرَة لبن وَمَا يجدهَا فِي ضرع حَتَّى كَانَ الْحَاضِر من قَومنَا يَقُولُونَ لرعيانهم وَيْلكُمْ اسرحوا حَيْثُ يسرح راعي بنت أبي ذُؤَيْب
قصَّة شقّ بَطْنه ﷺ
فَلَمَّا شب وَبلغ سنتيه فَبَيْنَمَا هُوَ وَأَخُوهُ فِي
1 / 27
بهم لنا إِذْ جَاءَ أَخُوهُ يشْتَد فَقَالَ لي ولأبيه ذَاك أخي الْقرشِي قد أَخذه رجلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَاب بيض فأضجعاه فشقا بَطْنه فهما يسوطانه قَالَت فخرجنا نَحوه فوجدناه قَائِما منتقعا وَجهه قَالَت فالتزمناه وَقُلْنَا مَالك قَالَ جَاءَنِي رجلَانِ عَلَيْهِمَا ثِيَاب بيض فأضجعاني فشقا بَطْني فَالْتَمَسَا فِيهِ شَيْئا لَا أَدْرِي مَا هُوَ قَالَت فرجعنا بِهِ إِلَى أحبائنا فَقَالَ
1 / 28
أَبوهُ يَا حليمة لقد خشيت أَن يكون هَذَا الْغُلَام قد أُصِيب فألحقيه بأَهْله قبل أَن يظْهر بِهِ ذَلِك قَالَت فاحتملناه فقدمنا بِهِ على أمه فَقَالَت مَا أقدمك يَا ظئر وَقد كنت حريصة عَلَيْهِ وَلم تزل بهَا حَتَّى أخْبرتهَا خبْرَة فَقَالَت أمه كلا وَالله مَا للشَّيْطَان عَلَيْهِ سَبِيل وَإِن لِابْني هَذَا لشأنا أَفلا أخْبرك خَبره قَالَت بلَى قَالَت رَأَيْت حِين حملت بِهِ أَنه خرج مني نور أَضَاء لَهُ قُصُور بصرى من أَرض الشَّام ثمَّ حملت بِهِ فوَاللَّه مَا رَأَيْت من حمل قطّ كَانَ
1 / 29
أخف مِنْهُ ثمَّ وَقع حِين وَلدته وَإنَّهُ لواضع يَدَيْهِ بِالْأَرْضِ رَافع رَأسه إِلَى السَّمَاء دعيه عَنْك وانطلقي راشدة وأرضعته ثويبة أَيْضا جَارِيَة أبي
1 / 30
لَهب وأرضعت مَعَه حَمْزَة بن عبد الْمطلب وَأَبا سَلمَة عبد الله بن عبد الْأسد المَخْزُومِي بِلَبن ابْنهَا مسروح
حضانته ﷺ
وحضنته أم أَيمن الحبشية حَتَّى كبر فَأعْتقهَا ﷺ وَزوجهَا زيد بن حَارِثَة
1 / 31
فَولدت لَهُ أُسَامَة وَكَانَ ورثهَا من أَبِيه وَمَات أَبوهُ عبد الله بِيَثْرِب وَكَانَ لما تزوج آمِنَة وحملت مِنْهُ ﷺ بعث بِهِ عبد الْمطلب يمتار تَمرا مِنْهَا فتوفى بهَا وَقيل بالأبواء بَين مَكَّة وَالْمَدينَة
1 / 32
وَقيل مَاتَ أَبوهُ وَقد أَتَى عَلَيْهِ ثَمَانِيَة وَعِشْرُونَ شهرا وَقيل سَبْعَة أشهر وَقيل شَهْرَان فَلَمَّا بلغ سِتّ سِنِين وَقيل أَرْبعا مَاتَت أمه فَيتم فِي حجر جده عبد الْمطلب فَلَمَّا بلغ ثَمَانِي سِنِين وشهرين وَعشرَة أَيَّام توفى عبد الْمطلب فَوَلِيه عَمه أَبُو طَالب وَكَانَ أَخ عبد الله لِأَبَوَيْهِ ومنحه الله كل خلق جميل حَتَّى لم يكن يعرف بَين قومه إِلَّا بالأمين
1 / 33
١ - ٢ ٣ ٤ ٥ ٦ نعم فَقَالَ وَالله لَئِن قدمت بِهِ الشَّام لتقتلنه الْيَهُود فَرده خوفًا عَلَيْهِ مِنْهُم ثمَّ
1 / 34
خرج ﷺ مرّة ثَانِيَة إِلَى الشَّام مَعَ ميسرَة غُلَام خَدِيجَة فِي تِجَارَة لَهَا قبل أَن يَتَزَوَّجهَا فَلَمَّا قدم الشَّام نزل تَحت ظلّ شَجَرَة قَرِيبا من صومعة رَاهِب فَاطلع الراهب إِلَى ميسرَة فَقَالَ من هَذَا الرجل فَقَالَ لَهُ ميسرَة رجل من قُرَيْش من أهل الْحرم فَقَالَ مَا نزل تَحت هَذِه الشَّجَرَة قطّ إِلَّا نَبِي
1 / 35
بَيْعه وشراؤه
ثمَّ بَاعَ ﷺ سلْعَته وَاشْترى مَا أَرَادَ أَن يَشْتَرِيهِ ثمَّ أقبل قَافِلًا إِلَى مَكَّة فَقيل إِن ميسرَة قَالَ كَانَ إِذا كَانَت الهاجرة وَاشْتَدَّ الْحر نزل ملكان يظلانه من الشَّمْس وَهُوَ يسير على بعيره فَلَمَّا قدم مَكَّة باعت خَدِيجَة مَا جَاءَ بِهِ بأضعافه أَو قَرِيبا
سَبَب تَزْوِيجه خَدِيجَة
وأخبرها ميسرَة بقول الراهب وبإظلال الْملكَيْنِ لَهُ فَبعثت إِلَيْهِ وَعرضت نَفسهَا عَلَيْهِ فَقَالَت فيمَ يَزْعمُونَ يَا بن الْعم إِنِّي قد رغبت فِيك لقرابتك مني وشرفك فِي قَوْمك وسطتك فيهم وأمانتك عِنْدهم وَحسن خلقك
1 / 36