259

Khulasat Athar

خلاصة الأثر في أعيان القرن الحادي عشر

Editorial

دار صادر

Ubicación del editor

بيروت

فَأَطْرَقَ مَلِيًّا ثمَّ قَالَ أجد عَلَيْك سِيمَا غَيْرِي وَأَظنهُ سِيمَا المجذوب أَبُو بكر الْحلَبِي قَالَ ثمَّ لما جِئْت إِلَى الشَّيْخ أبي بكر قَالَ لي فِي الْوَقْت والساعة جذبناك بالحبال وَالرِّجَال فَإِن الشَّيْخ يؤنث الْمُذكر ولازم خدمَة الشَّيْخ زَمنا وَكَانَ مَا عِنْده أعظم من صَاحب التَّرْجَمَة فَتَوَلّى الْخلَافَة بعد جماعات مُتعَدِّدَة وأيدي الأقدار تبددهم وَقد كَانَ الزوار لمرقده الشريف لَا يُحْصى عَددهمْ وَالصَّدقَات تتوارد عَلَيْهِم وهم لَا يعلمُونَ مقدارها وَلَا يَسْتَطِيعُونَ أَن يشتروا مَاء ونار يطبخون فِيهِ لغَلَبَة الجذب عَلَيْهِم وَكلهمْ محلقون اللحى يلبسُونَ المرقعات ويفترشون جُلُود الْغنم ويأكلون الحشش والكلس وَبَعض المجاذيب مِنْهُم يشرب الْخمر والعرق وَلَا يصلونَ وَلَا يَصُومُونَ وتتوارد عَلَيْهِم مجاذيب الْبِلَاد على هيئات مُخْتَلفَة وَصَاحب التَّرْجَمَة مَعَهم لَا يقدر أَن يخلفهم فِي صُورَة الظَّاهِر فِي شَيْء حَتَّى ضجروا يَوْمًا من الْأَيَّام فلاموا أنفسهم على أَحْوَالهم وَقَالُوا مرادنا شيخ يصلح نظامنا فنصبوا الْمَذْكُور فَاشْترى لَهُم بسطًا وصحونًا وَبَعض حوائج التكية ثمَّ زارهم كافل حلب أَحْمد باشا ابْن مطاف فَلَامَهُمْ على ترك الصَّلَاة وَهَذِه الْأَحْوَال ثمَّ أجْرى لَهُم إِسْمَاعِيل نَائِب القلعة المَاء من قناة حلب ولازموا الصَّلَوَات الْخمس بالأوراد والعبادات حَتَّى أشرقت قُلُوبهم وأضاءت وُجُوههم وَكَثُرت الصَّدقَات الدارة عَلَيْهِم فعمر لَهُم حسن باشا ابْن عَليّ باشا ميدان الْفُقَرَاء بالقبة الْكَبِيرَة تحتهَا العواميد الْعَظِيمَة وَعمر حَمْزَة الْكرْدِي الدِّمَشْقِي القاعة ذَات الْبركَة من المَاء وَلم يُتمهَا بل وصلت إِلَى السَّرَاوِيل فأتمها أَحْمد باشا اكمكحي زَاده الْوَزير والوزير الْأَعْظَم مُحَمَّد باشا كرّ الْقبَّة الَّتِي على مرقد الشَّيْخ وعَلى أغا ضَابِط الْعَسْكَر عمر عمارات وَالْحَاصِل فقد أنشأ فِيهَا صَاحب التَّرْجَمَة بتدبيره وَحسن رَأْيه أَشْيَاء عَظِيمَة من حدائق لَطِيفَة ومطابخ للطعام وَصَارَ هَذَا المزار لَا يُوجد لَهُ نَظِير بِالنّظرِ إِلَى مزارات الْأَوْلِيَاء وَكَانَ صَاحب التَّرْجَمَة ذَا سُكُون ومصاحبة لَطِيفَة وسخاء مفرط لوجىء لَهُ بالألوف لفرح بإنفاقها يَوْمًا وَاحِدًا وعماراته كلهَا صدرت مِنْهُ بصدر وَاسع وكرم زَائِد ة تحمل تَامّ للفعلة والمعلمين وَقد لامه شيخ الْإِسْلَام الْمولى أسعد لما مر على حلب على كَونه يحلق لحيته مَعَ كَون ذَلِك بِدعَة قَالَ هَكَذَا وجدنَا أستاذنا قَالَ أستاذكم كَانَ مجذوبًا وَأَنْتُم عقلاء فَقَالَ إِن شَاءَ الله نطلق سَبِيل اللِّحْيَة وَلما سَافر الْمولى أسعد اسْتمرّ على حلق اللِّحْيَة حَتَّى قدم على الله وَكَانَ لَهُ معرفَة بِكَلَام الْقَوْم ومذاكرة فِي بعض لطائف من الواضحات وَمن محاسنه أَنه سمع من أغلب

1 / 260