للمطالبة بهَا، فأضاعوا حَقهم من الْحل وَالْعقد فِيهَا، وتركوها لرؤساء الْحُكَّام وللأحزاب والجمعيات السياسية الَّتِي يتَوَلَّى أمرهَا فِي الْغَالِب من لَا حَظّ لَهُم من عُلُوم الدّين، وَلَا من تَرْبِيَته الَّتِي لَا نظام لما بَقِي مِنْهَا عِنْد بعض الْمُسلمين. .
فَإِذا أُرِيد السَّعْي - وَالْحَال هَذِه - لما وَجب فِي الشَّرْع من إِمَامَة الْحق وَالْعدْل الْعَامَّة، فَلَا بُد قبل ذَلِك من السَّعْي لوُجُود جمَاعَة أهل الْحل وَالْعقد المتحلين بِالصِّفَاتِ الَّتِي اشْترطت فيهم، كَمَا تقدم فِي الْمَسْأَلَة الْخَامِسَة. فَإِنَّهُم هم أَصْحَاب الْحق فِي نصب الإِمَام بنيابتهم عَن الْأمة، وبتأييده فِي حمل الْأمة على طَاعَته، وَالْمَطْلُوب قبل نصب الإِمَام الْعَام للْأمة كلهَا، أَو للبلاد المستقلة مِنْهَا، أَن تتحد شعوب هَذِه الْبِلَاد، وَترجع عَن جعل اخْتِلَاف الْمذَاهب والأجناس واللغات مَوَانِع للوحدة والاتفاق ...
وَإِنَّا نتساءل هُنَا: هَل يُوجد فِي الْبِلَاد الإسلامية من أهل الْحل والقعد من يقدر على النهوض بِهَذَا الْأَمر؟ وَإِذا لم يكن فِيهَا من لَهُم هَذَا النّفُوذ بِالْفِعْلِ، أَفلا يُوجد من لَهُ ذَلِك بِالْقُوَّةِ؟ ثمَّ أَلا يُمكن للْمُسلمين وضع نظام لجعل النّفُوذ بِالْقُوَّةِ نفوذًا بِالْفِعْلِ؟ بلَى إِنَّه مُمكن عسر، وَقُوَّة الْعَزِيمَة تجْعَل الْعسر يسرا، وَقُوَّة الْعَزِيمَة تتبع قُوَّة الداعية، وَمن ذَا الَّذِي يُرْجَى أَن يضع النظام ويشرع فِي الْعَمَل؟ أَلا إِنَّه حزب الْإِصْلَاح الإسلامي المعتدل ..
حزب الْإِصْلَاح الإسلامي المعتدل:
قدر علم مِمَّا تقدم أَن الْعَمَل لوحدة الْأمة الإسلامية بِقدر الْإِمْكَان ينْحَصر الْيَوْم فِي الشعبين الكبيرين - الْعَرَبِيّ جرثومة الْإِسْلَام، والتركي سيف الصمصام، وَأَن أَمر الْبِلَاد الْعَرَبيَّة المستقلة بيد أئمتها وأمرائها فالتأليف بَينهم مقدم على كل شَيْء فِيهَا. . ونقول هُنَا:
أَن المتصدرين للزعامة السياسية ومقام الْحل وَالْعقد فِي غير جَزِيرَة الْعَرَب من الْبِلَاد الإسلامية أَزوَاج ثَلَاثَة، مقلدة الْكتب الْفِقْهِيَّة الْمُخْتَلفَة، ومقلدة القوانين وَالنّظم الأوربية، وحزب الْإِصْلَاح الْجَامِع بَين الِاسْتِقْلَال فِي فهم فقه الدّين وَحكم
1 / 69