شرعها، وَالْأَحَادِيث فِي ذَلِك مُتعَدِّدَة مِنْهَا قَوْله [ﷺ]
" يَا معشر قُرَيْش إِنَّكُم أهل هَذَا الْأَمر مالم تحدثُوا فَإِذا غيرتم بعث الله عَلَيْكُم من يلحاكم كَمَا يلحى الْقَضِيب " رَوَاهُ أَحْمد وَأَبُو يعلى عَن ابْن مَسْعُود بِسَنَد رِجَاله ثِقَات وَله طَرِيق آخر بِلَفْظ آخر وشواهد وَمِنْهَا " الْأُمَرَاء من قُرَيْش مَا عمِلُوا فِيكُم بِثَلَاث - مَا رحموا إِذا استرحموا، واقسطوا إِذا قسموا، وَعدلُوا إِذا حكمُوا " رَوَاهُ الْحَاكِم عَن أنس بِسَنَد حسن. .
هَذَا وَإِن العباسيين لم يحملوا بني هَاشم على رِقَاب النَّاس بل كَانُوا أَشد من بني أُميَّة وَطْأَة على العلويين الَّذين هم خيارهم وفضلوا الْفرس ثمَّ التّرْك على الْعَرَب، وَأما العلويون فَكَانُوا أزهد النَّاس فِي الدُّنْيَا وملكها، وَلَوْلَا ذَلِك لسعوا لَهَا سعيها، وَمن صَحَّ مِنْهُ الْهوى أرشد للحيل، وَلم يتول أحد مِنْهُم الْإِمَامَة بعد أَن نزل عَنْهَا الإِمَام الْحسن السبط ﵇ إِلَّا أَئِمَّة الزيدية فِي الْيمن فَكَانُوا وَمَا زَالُوا أفضل وَأَعْدل أهل بَيت تولوها بعد الرَّاشِدين. . وَأما أدارسة الْمغرب فيلقبون بالسلاطين وَأما العبيديون فَكَانُوا أدعياء فِي النّسَب وَفِي الْإِسْلَام أَيْضا. .
وَجُمْلَة القَوْل أَن الشعوبية أوردوا شُبُهَات كَثِيرَة على الْعَرَب وعَلى قُرَيْش وَأجَاب عَنْهَا الْعلمَاء كَابْن قُتَيْبَة وَغَيره، وَلكُل قوم محامد ومساوئ وَدين الله فَوق كل شَيْء وَمَا صَحَّ دَلِيله وأجمعت عَلَيْهِ الْأمة أَو سوادها الْأَعْظَم فِي خير الْقُرُون لَا نقبل رَأيا وَلَا بحثا فِي نقضه، وَإِلَّا لم يبْق لنا شَيْء من ديننَا، وَمَا كَانَت أهواء العصبية والمحاباة فِي الدّين إِلَّا فتْنَة لنا، وضارة بعربنا وعجمنا، وَإِن جهل ذَلِك الكثيرون منا، وَإِن حِكْمَة الشَّارِع [ﷺ] فِي جعل خلَافَة نبوته فِي قُرَيْش منزهة عَن العصبية الْجَاهِلِيَّة الَّتِي حرمهَا، ولبابها مَكَان قُرَيْش من هَذَا الدّين وَكتابه وَنبيه ولغته وَأَهْلهَا. . إِذْ لم تقم لَهُ قَائِمَة إِلَّا بدعوتهم ولغتهم، ثمَّ لم يَخْدمه أحد من الْأَعَاجِم إِلَّا من أتقنها، فخدمه أَولا من استعرب من الْفرس وَغَيرهم، ثمَّ جدد قُوَّة دولته العثمانيون من التّرْك، بعد أَن مزق شَمله وأضعفه سلفهم، وسنبين بعد مَا يجب لَهُ علينا وَعَلَيْهِم. .
صِيغَة الْمُبَايعَة:
الْإِمَامَة عقد تحصل بالمبايعة من أهل الْحل وَالْعقد لمن اختاروه إِمَامًا للْأمة بعد التشاور بَينهم، وَالْأَصْل فِي الْبيعَة أَن تكون على الْكتاب وَالسّنة وَإِقَامَة الْحق وَالْعدْل من قبله وعَلى السّمع وَالطَّاعَة فِي الْمَعْرُوف من قبلهم. فَفِي الصَّحِيح أَن عبد الرَّحْمَن
1 / 32