Pensamientos de Imaginación
خواطر الخيال وإملاء الوجدان
Géneros
فرأوها محض نور تزدري
بالنجوم الزهر في وقت الظلام
إن في هذه العجالة لكفاية للقارئ؛ إذ بها يستطيع أن يقف على ما كانت عليه اللغة في عصرهم، ويستنتج مما قدمناه أن عيوب ذاك الزمن تنحصر في السجع والاعتناء بالألفاظ والمحسنات البديعية دون المعاني والخيال، وعدم توفر سلامة الذوق عندهم وهي ملاك البيان، كما أنهم لا يتوخون في ترجمتهم مراعاة الأصل ويتصرفون تصرفا مخلا، غير بعيدي النظر حتى إنهم كثيرا ما تفوتهم في الترجمة المعاني الدقيقة، وكان أغلب شعرائهم ينسجون على منوال بعض القدماء الذين لا يعدون من الشعراء ويأتون بنفس معانيهم مع تغيير طفيف في الألفاظ والوزن دون أن يعبروا عن وجدانهم وشعورهم، وقد لاحظت أن كثيرا منهم يتوخى في مقدمات قصائده معنى من الغزل أو الوصف أو المدح يكاد لا يغيره في أغلب شعره، فإن تغزل لا يتعدى ذكر الأيك وغصون البان والحمام ينشد إلفه وبكاء الغمام والفتيان وعذارهم والفتيات ورضابهن المعسول وقامتهن الهيفاء، وإن مدح لم يتجاوز البشرى من إقبال العز واستنارة الأكوان بطلعة الممدوح المشرقة، وموافاة المجد والفخار والعلو إلى السماك وغير ذلك، هذا وإني أكرر القول بأن هؤلاء مهما وصموا بالعيوب فإننا نجلهم ونمجدهم؛ إذ كانوا زعماء تلك النهضة العلمية في عصر كادت تنطمس فيه معالم اللغة والأدب، ولولاهم لقضي عليهما القضاء الأخير. (2) منصور
تاريخ فتى من أبناء مصر «كتبه بالفرنسية الدكتور أحمد ضيف والمسيو بونجان»
عثرت منذ ثلاثة شهور تقريبا على هذا الكتاب بمكتبة «الأجانس» فقرأت منه باشتياق، ثم حالت أعمالي دون الاستمرار فيه فطويته في ركن إلى أن سنحت لي الفرص بالعودة إليه فأتممته بين لذة وإعجاب.
رأيت أن الواجب يقضي علي ألا أغفل هذا العمل الجليل الذي حاز الإعجاب في فرنسا وباريس؛ بدليل أن الطبعة التي وقعت في يدي هي الرابعة ولم يمض على ظهور الكتاب أكثر من سنة أو أقل.
ليس الدكتور ضيف محتاجا لتعريف بيد أنه من الأفراد القلائل الذين يعدون على أصابع اليد الواحدة، والذين تملصوا من جمود التربية الأزهرية وأخذوا يخطون صوب الرقي خطوات واسعات تتناسب مع المدنية العالمية.
عرفت الدكتور مذ كان طالبا بمدرسة دار العلوم، فكان يؤم متنزه الجزيرة بجوار الكوبري في بعض الأحيان وقت الأصيل، وصادف أنه جلس بجانبي فحصل التعارف.
وجدته وقتئذ رقيقا تواقا لمعرفة كل نافع، سليم الذوق، دقيق الملاحظة، صائب الأفكار، ولقد قلت في نفسي: سيأتي يوم يغبطه الناس فيه على فضله.
فرقت بيننا الأيام وسافر في العام التالي مع بعثة الجامعة، ولما آب من سفره انتظم في سلك أساتذتها وأنشأ يكتب في مجلة السفور قطعا باهرة، أذكر منها رواية بعنوان «هي» كتب منها نحو سبع قطع ولم يتمها، كان فيها الوصف بالغا حده من الدقة وحسن التصوير، والعواطف تلتهب التهابا بأسلوب ظريف لا يشوبه تكلف، تزينه رشاقة جذابة ورقة فتانة.
Página desconocida