Pensamientos de Imaginación
خواطر الخيال وإملاء الوجدان
Géneros
تسمع الفتاة الصوت دون أن ترى المغني، وتجهد نفسها في معرفة صاحبه وتقول: «من المغني؟» وهذا السؤال هو نتيجة اللحن وفائدته، يعقب ذلك مناجاة الحبيبين مدة ليست بالقصيرة، وينتهي الأمر باختطاف أو زواج أو مغازلة طويلة.
وتدل بعض أغانيهم على شكوى الفتاة من بعد حبيبها الذي لا تفكر إلا فيه وتود أن يكون قريبا منها.
والغناء الآتي الصادر من هندي أميركي إلى حبيبته يدل على النفوذ السحري للصوت متحدا مع تأثير سحري لشيء مادي: «اصغي إلى صوت مزماري يا عين الحمامة (اسم الفتاة)، اصغي إلى ألحاني فهذا صوتي، لا تدعي للاحمرار إليك سبيلا فإني عالم بأفكارك، إنني أحمل مجني السحري فلا تستطيعين الفرار، إنني أجذب فؤادك إلي ولو كنت في جزيرة بعيدة عما وراء البحيرات العظيمة ... لا تهربي مني فأذهب في طلبك ولو إلى السحاب، معالجتي عظيمة وهي طوع بناني، إذ بها أجذب النماء سواء أكان في الأرض أو في السماء، الروح الأعظم خاضع لأمري يا خطيبتي.» (1-10) لم وجدت العزائم السحرية للحب؟
نريد أن نبين بعض مسائل عامة تساعدنا على فهم استعمال آخر للعزائم السحرية في أعمال العواطف.
اعتاد القدماء أن يعتقدوا أن جميع الظاهرات والحوادث مهما كان نوعها من أعمال أرواح خفية، والحب معدود أيضا ضمن دائرة نفوذ هذه الأرواح، وكان الذين يصبحون هدفا لسهام الحب يشعرون بتأثر قوي أو عنيف يداهمهم على حين غفلة ويغير حالتهم الخلقية، فالإنسان الذي يحس لأول وهلة بهذا التحول المبهم الذي يحدث له اضطرابا ويعكر صفوه يظن نفسه مملوكا لغيره، وأنه أصبح تحت مشيئة روح استحوذ عليه.
كانت العواطف التي يشعر بها هؤلاء المحبون شديدة معروفة بين الناس، وقد بلغ منهم أن صوروا هذه الأرواح وجعلوا منها آلهة شديدي الحول والقوة يخشى جانبهم، وأنشئوا لهم القصص الخرافية، وجعلوا لها مكانا رفيعا في «الميتولوجيا».
كانوا يعدون الحب قوة لا تغالب تسيطر على الإنسان وجميع الكائنات الحية، سواء أكانت في البر أو في البحر فتقربها وتجمع بينها، وقد فخم الفلاسفة والشعراء الأقدمون الحب وأظهروا قوته التي لا تقهر مثل: أفلاطون و«أوريبيد».
قد علمنا أن العزائم السحرية لها نفوذ عظيم على القوى غير المرئية المختفية حول الإنسان والمستترة في الظاهرات الطبيعية، وحيث يوجد روح للحب صار بعد إلها، فللعزائم والصلوات المرتلة والشعر المعبر عن العواطف دور مهم في علاقات الإنسان مع هذا الروح أو الإله القوي.
وقد عد القدماء الحب المبرح من الآلام وحينما تكون العواطف شديدة غير منتظمة ولا خاضعة لمراقبة العقل أو الضمير يحدث في الحياة الباطنة اضطراب أشبه بعواصف الحياة الظاهرة، وينتج عوارض مرضية تختص دراستها بالأطباء؛ كاضطراب التنفس والدورة الدموية، واختلال نظام الأعضاء.
وكان عندهم عزائم خاصة بشفاء الأمراض وتسكين غضب أرواح الحب، وأعظم دليل لإثبات ما ذكرناه فقرتان من صفوة ما تركه لنا الأقدمون من رائع البلاغة وساحر البيان؛ ألا وهي رواية «إيبوليت» التي رفعت شأن مؤلفها الشاعر اليوناني القديم «أوريبيد».
Página desconocida