Pensamientos de un Asno: Memorias Filosóficas y Morales desde la Perspectiva de un Asno

Husayn Jamal d. 1375 AH
65

Pensamientos de un Asno: Memorias Filosóficas y Morales desde la Perspectiva de un Asno

خواطر حمار: مذكرات فلسفية وأخلاقية على لسان حمار

Géneros

وجلسوا على الخضرة والحشائش حول المائدة، وقدم كل واحد منهم الطبق الذي جهزه ليأكلوا جميعا منه. وفي أثناء تناولهم الطعام قال أوجست: إنكم لم تكادوا تغيبون عني حتى شاهدت كلبي العزبة الكبيرين هاجمين علي مدفوعين برائحة الطعام، فأخذت عصا من فرع الشجرة ولكن الكلبين لما رأيا اللحم والبيض والخبز اتجها إليها ولم يباليا بالعصا، وهما بالهجوم علي فضربت أكبرهما بها على رأسه فوثب على ظهري.

فقال هنري: كيف وثب على ظهرك، هل استدار خلفك؟

فأجاب أوجست وهو يحمر خجلا: كلا، فإنني كنت ألقيت العصا، ولم يكن معي شيء أدافع به عن نفسي، وأنتم تفهمون أنه لم يكن يصح أن أترك نفسي حتى يفترسني ذلك الكلب المتوحش.

فأجاب هنري بلهجة المستهزئ: فهمت إذن، إنك أنت الذي أدرت ظهرك ونجوت بنفسك.

الطفل وهو يتسلق الشجرة والكلب يمسك ملابسه بأسنانه.

فقال أوجست: ولكنني ذهبت لأبحث عنكم فجرى ورائي الكلبان الهائلان، على أن كديشون أدركني فقبض بأسنانه على جلد الكلب الكبير من خلفه وألقاه على الأرض في اللحظة التي صعدت فيها على الشجرة، ووثب الكلب الثاني فاقترب مني ولحق بي وأنا أصعد خائفا حذرا، فجر بأسنانه ثيابي وظننت أنه سيفترسني لولا أن كديشون نجاني من هذا الحيوان الخبيث أيضا، فإنه بعد أن عض الكلب الأول عضة شديدة وقذف به إلى الأرض أسرع إلى الكلب الثاني الذي أمسك بثوبي وقبض بشدة على ذيله ، فاضطره إلى ترك ملابسي، وبعد أن صار بعيدا عني هجم عليه كديشون وعضه عضة قوية في خده أظنها خلعت فكه.

وهرب الكلبان بعدما أصابهما أذى شديد من كديشون، وابتدأت في النزول عن الشجرة في الوقت الذي عدتم فيه.

فلما انتهى من حديثه استحسن الأطفال شجاعتي، وأعجبهم ما قمت به من الدفاع الحسن وما كان من حضور بديهتي فيه، وأقبل كل واحد منهم نحوي يحييني ويلاطفني ويصفق لي.

وقال جاك وهو يهتز وعيناه تلمعان سرورا: ألا ترون أن حبيبي كديشون أصبح عظيما؟ أنا لا أدري إذا كنتم تحبونه مثلي ولكني أحبه دائما وكثيرا، أليس كذلك يا كديشون أننا دائما صديقان صميمان؟!

فأجبت بأحسن ما عندي من نهيق الفرح فضحك الأطفال جميعا، ثم عادوا إلى المائدة واستمروا في الأكل، ولما انتهوا منه كان قد اقترب وقت رجوعهم إلى الدراسة. فلما سمعوا الجرس التمسوا التأخر ربع ساعة لأجل الاستعداد، ثم لما مضى الوقت ذهبوا إلى العمل وودعهم أوجست.

Página desconocida