El Sello de los Santos de Hakim Tirmidhi
ختم الأولياء للحكيم الترمذي
Géneros
وإنما منعه ذلك، (في ابتداء النبوة) ليطفئ عنه نيران العجلة، ويسلب عنه مشيئاته بزجراته ومواعظه وبما يورده عليه من الأنوار. فيعظه في الظاهر ويزجر نفسه، ومع هذا يغذيه في الباطن برحمته ويزينه بأنواره. فقال عز وجل: {ولقد نعلم أنك يضيق صدرك بما يقولون} الآية، إلى قوله: {اليقين}، {واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا} {خذ العفو وأمر بالعرف وأعرض عن الجاهلين} {واصبر لحكم ربك فإنك بأعيننا}، {فاصبر لحكم ربك ولا تكن كصاحب الحوت} ودعا (النبي) على قومه، فنزلت: {ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون} وروي في الخبر أنهم أسلموا كلهم بعدما دعا عليهم.
فإنما منعه القتال (دفاعا) ولم يعطه سلطان ذلك، من أجل هذه الأشياء. فإن هذا كله من عمل النفس ومشيئاتها. فهل يجوز، مع هذه الأشياء، سلطان الحرب حتى يهتريق دماء عبيده؟ ألا ترى إلى ما لقي موسى صلى الله عليه وسلم من قبل رجل من آل فرعون، مشرك بالله تعالى؟ ثم تاب الله عليه فقال: {هذا من عمل الشيطان إنه عدو مضل مبين} ثم قال: {رب اغفر لي}، فغفر له! ثم قال: {رب بما أنعمت علي فلن أكون ظهيرا للمجرمين} فعوقب بقوله: {فلن أكون} حتى إذا كان من الغد كان ما قصه الله، حيث قال: {فأصبح في المدينة خائفا يترقب فإذا الذي استنصره} الآية، إلى قوله: {إن تريد إلا أن تكون جبارا في الأرض وما تريد أن تكون من المصلحين} فإنما صار مريدا لأن يبطش بالذي هو عدو لهما بقوله بالأمس: {فلن أكون}، فإن هذه كلمة اقتدار. روي في الخبر، أن يوسف صلى الله عليه وسلم ، ((لو قال، عندما راودته امرأة العزيز عن نفسه: لا حول ولا قوة إلا بالله لما هم بها ولسلم من السجن، ولعصم منها، ولكن قال: معاذ الله! وهي كلمة اقتدار)).
وطريق الأنبياء، عليهم السلام، أعظم من أن يوصف، روي عن ابن عباس، رضي الله عنهما، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أنه جاءه وفد فقرأ عليهم: {والصافات} إلى قوله: {فاتبعه شهاب ثاقب} فجعلته دموعه تجري على خده. فقالوا: يا أبا القاسم، أمن خوف الذي بعثك تبكي؟ فقال: إي، والذي بعثني بالحق، إنه بعثني على طريق مثل حد السيف، إن زغت عنه هلكت ثم قرأ: {ولئن شئنا لنذهبن بالذي أوحينا إليك} وهذا طريق الإيمان بالله على النبوة وكشف الغطاء والتبري من الأسباب والنزاهة من العلائق، وطريق الإسلام أوسع من السماء والأرض، وهو الشريعة!
Página 72