وقيل ليغفرن الله يوم القيامة مغفرة ما خطرت على قلب أحد، حتى أن إبليس ليتطاول لها رجاء أن تصيبه.
وعلى ذلك نستقبل العام الهجري، ونحن نذكر الله ذا الآلاء والرحمة والإحسان. نذكره راجين الخير متفائلين طامعين في إحسانه وغفرانه، وما الحياة القيمة إلا بشر ورجاء وطموح للخير والعلاء. فأقبل أيها العام الهجري إذن على بركة الله ورحمته وحنانه، فالرحمة يا رب هي أحب صفاتك إليك، وحسن الظن بك أحب ما تطلبه إلى عبادك، وأنا لنرجو رحمتك، ونحسن الظن برحمتك ورأفتك، ونرجو عفوك عما سلف. •••
اعتاد الناس أن يهنئ بعضهم بعضا عند دخول السنة الجديدة، وليت شعري علام يتبادل الناس تلك التهانئ؟ ألأن عاما أضيف إلى العمر، فكان كأنه الحجر الجديد، يسمو به لتلك الحياة هيكلها؟ أم لأن العام الجديد مجموعة من التجارب تذكي النفس، وتعينها على أن تتكمل؟ أم يهنئ الناس بعضهم بعضا في مستهل الأعوام؛ لأن المرء يجتاز من سبيل العمر مفازة، فخرج من مخاوفها سالما، وقطع طريقا، فلم يضل فيها، ولم يك فيها من العاثرين؟ أم يهنئ الإنسان الإنسان بالزمن الذي انقضى من العمر، فأصبح ما سوف يتحمله الإنسان من سني العيش وأنصبه أقل عددا وأخف أحمالا وإثقالا؟!
لو أنصف الناس لحبسوا التهانئ على ما في الحياة من قيم، وإن عاما جديدا يفتح سبيله في عمر الإنسان العاقل الحكيم لهو نعمة من الله، قد يستفيد المرء من بركاتها، ويثقف بعظاتها، ويرفع النفس بتجاربها وآياتها. •••
إذا كان لنا أن نستقبلك أيها العام الهجري الجديد بنوع من أنواع العبادة عملا بوصية أهل التقى، الذين يستحب عندهم بناء السنة على الخير؛ لكي يكون ذلك أحب وأرجى لدوام بركة الله، فتقبل منا ربنا دعاء خالصا، نرفعه إلى وجهك الكريم مخلصين.
اللهم لقد قطعنا من العمر مراحل فيها كبونا، وزلت النفس، وعثرت القدم، فأعنا على أن نستفيد لبقية طريقنا من كبوة كبوناها فيما مضى، وعثرة عثرناها، فيما انقضى. اللهم لقد كتبنا بأعمالنا صحفا تشهد عندك علينا بما أحسنا وبما أسأنا، فأعنا على أن تكتب في صحيفتنا الجديدة ما يزيد فيها الحسنات على السيئات.
اللهم تقبل منا دعوة صالحة لبلدنا الذي نعيش في ظله، ونستمتع بخيره، ولأحبابنا الذين ننعم بعطفهم وودادهم، وأنا لنحمدك دائما، ونأمل في برك وخيرك. آمين.
لهجة ابن الخاقان
القاهرة في 24 من يوليه سنة 1926
لما مات السلطان الخليفة محمد وحيد الدين السادس، ناولني صديقي الأستاذ داود بركات جريدة من جرائد الشام لأقرأ فيها ما يأتي: «تلقينا من سمو البرنس محمد سليم أفندي الكلمة الآتية: يشكر البرنس محمد سليم باسم أعضاء البيت الملكي العثماني رجال المفوضية العليا والحكومة المحلية والشعب البيروتي والوفود التي أتت إلى بيروت من الجهات، وجميع من تفضلوا، فشاركوا آل عثمان في تشييع جنازة السلطان الخليفة وحيد الدين السادس طالبا من الله ألا يريهم مكروها في عزيز. باسم العائلة الملكية العثمانية البرنس محمد سليم بن السلطان عبد الحميد خان الثاني».
Página desconocida