بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي الحمد لله الذي اختص بالأزلية والقدم وعمر الخلايق بالنعم وشمل الكائنات باللطف الجميل والكرم بعد أن أبرز نور المكونات من ظلمة العدم وجعل شريعة محمد صلى الله عليه وآله بين الشرايع كنار على علم وفضله على جميع من تأخر من الأنبياء أو تقدم وأكمل دينه بخلافة ابن عمه سيد العرب والعجم وأولاده القائمين في الإمامة على أرسخ قدم صلى الله عليه وآله ما غسق ليل واظلم وما انفجر صبح من الظلام و ضحك أو تبسم إما بعد فاني بعد ما صنفت رسالة مختصرة لبيان أحكام الشريعة الطاهرة المطهرة يرجع إليها عامة المكلفين للتقليد في أمور الدين سئلني ولدي الطاهر المطهر قرة عيني ومهجة فؤادي موسى بن جعفر عليه السلام أطال الله تعالى بقائه وجعلني ليكون خلفا لي فدائه ان اكتب كتابا حاويا لفروع المسائل معلما كيفية الاستنباط من الشواهد والدلائل لينتفع به المبتدئ والواسطة والواصل ويكون مرجعا لفحول العلماء وميدانا لسباق المحصلين والفضلاء وحيث كنت في ارض كثرت همومها وتزايدت على مرور الأيام غمومها ولم يكن فيها من يشتري العلم من أهله ولا من يفرق بين العالم في علمه والجاهل في جهله فتأخرت في إجابته ولم أبادر في جواب مسئلته إلى أن دخلت في مملكة صفى فيها ذهني وارتفع بحمد الله عند حلولي فيها همي وحزني حيث لم أر فيها شاكيا ولا شاكية ولا باكيا ولا باكية بل (رأيت) جميع الرعايا بين داع وداعية ورأيت العلماء قد ارتفع مقدارهم وغلت بعد نهاية الرخص اسعارهم بأيام دولة فاق ضوئها ضوء القمر فانجلت في أيامها الغبرة عن وجوه البشر دولة أدام الله أيامها وقوامها على رغم أنف من طغى وفجر وتجبر وتكبر وما امن بل كفر الدولة المحمية بحماية ملاك القضاء والقدر وبشفاعة خاتم الأنبياء والمرسلين سيد البشر دولة الطائفة الفائقة من تقدم من السلاطين ومن تأخر التي شاع صيتها في جميع الممالك واطراف الأرض دولة القجر لا زالت محمية بحماية الله من كل بؤس وضرر ثم قد تمت لطائف النعم وشمل السرور جميع طوائف العرب والعجم بانقياد أزمة الدولة السلطانية والمملكة العظيمة الخاقانية لصاحب الهمة العليا الموفق لخير الآخرة ونعيم الدنيا صاحب الآراء السديدة والمكارم العديدة والأخلاق الحميدة ذي السيف التبار والرمح النافذ في قلوب الكفار والمتضعضع من هيبته سكان الفيافي والقفار ومن حل في السواحل أو في جزائر البحار إن جالس العلماء كان مقدمهم أو اختلى بالوزراء كان مدرسهم ومعلمهم ان عارض رأيه الآراء كان رأيه الصائب أو خالف فكره الأفكار كان فكره الثاقب حتى انسى اياسا وذكائه وحاتما وسخائه والسمول ووفائه والأحنف وحلمه والمنصور وحزمه وكعبا ورياسته والنعمان وسياسته وعنترا وشجاعته وفاق على الإسكندر في الرأي والباس وعلى الريان في العزم والحدس له في الحرب وثبة الأسد الغضنفر وفي محل الامارة نور الروض إذا أزهر إذا تكلم تبسم وان أجاب كان جوابه نعم إذا رأيت خلقه وطبعه السليم قلت ما هذا بشرا ان هذا الا ملك كريم شمس قد أشرق نورها على جميع الآفاق وعم ضوئها أقاليم المسلمين على الاطلاق
Página 2
قد تولدت منها أهلة بقيت تحت الشعاع فترتب عليها تمام الانتفاع. واهلة خرجت من تحت شعاعها فصارت بدورا عم ضوئها جميع البقاع فتلألأت أنوارها وأشرقت غاية الاشراق في أذربايجان وخراسان وفارس والعراق إذا رأيت تمكينهم ووقارهم قلت سبحان العزيز الخلاق من غمر بي بالفضل والشفقة والاحسان وقدمني من غير قابلية على جميع الأمثال والاقران وطار به اسمي في جميع الممالك من بني عثمان وغير بني عثمان شاه هذا الزمان والفائق من يكون من الملوك أو كان سلطان إيران وخراسان وأذربايجان من كان فتح الممالك على يدية بحكم الله فطابق اسمه الشريف مفهومه ومعناه السلطان بن السلطان والخاقان بن الخاقان من لم أصرح باسمه تعظيما وعبرت عنه بالإشارة تبجيلا وتفخيما من جرى فتح الممالك على يديه وعلى سيده ومولاه معينه عليه فكان اسمه الفتح مضافا إلى علي وعلي مضاف إليه لا زال في حماية الملك الديان حتى تتصل دولته بدولة مولاه ومولاي ومولى الإنس والجان صاحب العصر والنصر والامر والنهي صاحب الزمان فلما دخلت في أطراف مملكته من الله علي وعلى سائر المسلمين بدوام بقائه واستقام دولته وعندها صار في بالي وجرى في فكري وخيالي ان أشرع في تصنيف كتاب يتضمن أوجز كلام وأبلغ خطاب مشتمل على بيان اسرار الشريعة المصطفوية والأحكام الشرعية الجعفرية وعلى مقدماتها مما يتعلق بالاعتقادات الأصولية ونبذة من مهمات الأصول الفقهية ثم أوصله إلى حضرته برسم الپيشكش المسمى بلغة العرب هدية لأني لم أجد مشتريا سواه ولا طالبا لمطالب العلوم الا إياه ولم يكن لي محرك على تصنيفه لولاه فجاء من يمنه وسعوده واقباله جامعا لمهمات الاحكام الصادرة عن محمد واله فالمأمول من حضرة سلطان الزمان ان يتلقاه بالرضا والقبول على ما فيه من الخلل والنقصان فإنما هو بمنزلة جرادة أهديت إلى سليمان - شعر: ليس الهدية قدر من تهدى له ان الهدية قدر من يهديها، وبالله المستعان وهو حسبي وعليه التكلان وسميته كشف الغطاء عن خفيات مبهمات شريعة الغراء ورتبته على ثلاثة فنون الفن الأول فيما يتعلق ببيان الأصول الاسلامية والعقايد الايمانية الجعفرية الفن الثاني فيما يتعلق ببيان بعض المطالب الأصول الفرعية وما يتبعها من القواعد المشتركة بين المطالب الفقهية الفن الثالث فيما يتعلق بالفروع الدينية وهو أربعة أقسام عبادات وعقود وايقاعات واحكام، فن الاعتقادات وفيه مباحث، المبحث الأول في التوحيد بمعنى ان يعرف ان الله تعالى واحد في الربوبية ولا شريك له في المعبودية ويتبعها النظر في الصفات من الثبوتيات والسلبيات ويكفي في هذا المقام ما يغني عن الخوض في مباحث الكلام من امعان النظر في الآثار واختلاف الليل والنهار ونزول الأمطار وجري الأنهار وركود البحار وحركة السماء واضطراب الهواء وتغير الأشياء وإجابة الدعاء وما نزل على سالف الأمم من البلاء وإيجاد الموجودات وصنع المصنوعات وتكوين الأبدان وتفضي الزمان واستقامة النظام واصطكاك الغمام وكفى بصنع الانسان فضلا عن ساير أنواع الحيوان دليلا قاطعا وبرهانا ساطعا خلقه من تراب ثم أودعه الأصلاب نطفة ثم علقة ثم مضغة ثم عظاما ثم كسى العظام لحما ثم أخرجه خلقا سويا وخلق له لبنا صافيا وجعل له غذاء وافيا ينجذب إذا جذبه ويحتبس إذا رفع فمه ولولاه لم يتغذ بمأكول ولا مشروب للطافة بدنه وضعف هاضمته وأودع محبته في قلب امه فتحملت سهر الليل وثقل الحمل وكلفة التطهير والغسل ثم لما (كملت) قوته وعظمت إلى ما غلظ من الماكل حاجته خلق له أسنانا يقتدر بها على طحن المأكول وجعلها على مبدء الدخول والهمه الفكر الصحيح وعلمه المنطق الفصيح ليتعرض لتحصيل مطالبه واكتساب ماربه وحببه إلى أبيه لاحتياجه حينئذ إليه حيث لا معول له بعد الله الا عليه حتى إذا بلغ الكمال وملت أهاليه من تربيته في تلك الحال أودعه قوة يقتدر بها على المعاش واقتناء اللباس والغطاء والفراش بعد أن شق له سمعا قسمه على الجانبين و حرسه من لطفه بحواطتين تحرسانه عن وصول ما يفسده من القذرات وخصه بمرئ الوسخ عن بلوغ مؤذيات الحيوانات وبصرا في محل مكشوف ليتمكن من الابصار وسوره بجفنين يحفظانه من المضار وجعل له أمعاء وشهوة الغذاء ومجرى الشراب والطعام والهواء وأودعه قوة جاذبة ترسل ذلك إلى ماسكة مصحوبة بها ضمة مناولة لدافعه وخلق له مدخلا ومخرجا ويدا للبطش ورجلا للمشي وآلة وامناء ورحما يحفظ تلك النطفة إلى حيث يشاء فتبارك الله الذي خلق الانسان بلا مثال وأقام الخلايق على أحسن اعتدال فلو تأملت في نفسك التي بين جنبيك وتفكرت بجسمك الذي هو محط عينيك فضلا عن أن توجه حواس الادراك إلى عجيب صنع الأفلاك وما أحاطت به الأرضون والسماوات من عجائب المخلوقات من الملائكة المقربين وضروب الجن والشياطين لأنبأك هذا النظام المستقيم الجاري على النهج القويم ان هناك موجدا لا يعارض وحاكما لا يناقض عالما بحقايق الأشياء قديرا على ما يشاء ولو دخله الجهل أو العجز فسد النظام ولم يحصل للصنع ذلك الاحكام وعلومه الذاتية (و) نسبتها إلى المعلومات بالسوية وقدرته عامة لجميع المقدورات لأنها ثابتة بمقتضى الذات والعلم والقدرة برهانان على حياة الجبار وجري الافعال على وفق المصالح أبين شاهد على أنه فاعل مختار قديم أزلي لم يسبق بعدم اصلى والا لم يكن قادرا بل مقدورا عليه مع أن مقتضى الذات لا يجوز الاختلافات بالنسبة إليه ابدي سرمدي إذ مقتضى القدم عدم امكان العدم وقد تقرر في العقول ان معلول الذات لا يحول ولا يزول و
Página 3
ولا يمكن استناده إلى العلل الخارجات لان ذلك ملزم لحدوث الذات مريد للحسن كاره للقبح لاستغنائه عنهما مع علمه بالجهتين اللتين نشاء الوصفان منهما مدرك للمدركات لانكشافها لديه ولان الادراك علم خاص دل صريح الكتاب والسنة عليه متكلم لحسن صدور الكلام منه وشهادة اعجاز القران بصدوره عنه صادق منزه عن الكذب والافتراء متعال عن الاتصاف بمقايس الأشياء فقد اتضح لك في هذا المقام ثبوت صفات الجمال والاكرام وهي الثمانية المعدودة في علم الكلام الأول القدرة والاختيار، الثاني العلم، الثالث الحياة، الرابع الإرادة والكراهة، الخامس الادراك، السادس القدم والأزلية والبقاء والسرمدية، السابع الكلام، الثامن الصدق، ويلزم من اثبات القدم لذاته واستحالة ادخال الوصف القبيح في صفاته نفي التركيب من الأجزاء وإلا توقف عليها وسلب الجسمية والعرضية عنه وإلا لازم الأمكنة واحتاج إليها وحيث تنزه عن مداخلة الأجسام استحال عليه لوازمها من الذات والآلام وامتنع الابصار بالنسبة إليه ولم يجز فعل القبيح والاخلال بالواجبات عليه ولا يقبل التأثير والانفعال فيستحيل عليه حلول الحوادث والأحوال ويستحيل عليه الاحتياج إلى مخلوقاته والا لزم عدم قدم ذاته وليست صفاته الأصلية مغايرة له زائدة عليه والا لزم التعدد بالنسبة إليه وثبوت الشريك يستلزم فساد النظام وعدم ثبوت علية الوجود له على وجه التمام وبتحقيق هذا المقال يتضح لك طريق اثبات صفات الجلال وهي السبعة التي ذكرها المتكلمون الأول نفي التركيب الثاني نفي الجسمية والعرضية الثالث نفي كونه محلا للحوادث الرابع نفي الرؤية عنه الخامس نفي الشريك السادس نفي المعاني والأحوال السابع نفي الاحتياج وجميع ذلك معروف مما ذكرناه ومبرهن عليه مما سطرناه ويكفي في اثبات كثير من تلك الصفات محكم الآيات ومتواتر الروايات المبحث الثاني في النبوة والواجب على أهل كل مدر معرفة نبيها المبعوث إليها لابلاغ الاحكام وتعريف الحلال والحرام وانه الواسطة بينهم وبين المعبود والموصل لهم بطاعته إلى غاية المقصود لان تقريب الناس إلى الصلاح وابعادهم من الفساد واجب على رب العباد ولا يمكن ذلك بتوجيه الخطاب من رب الأرباب بخلق الأصوات لكثرة الوجوه فيها والاحتمالات فلا يحصل لهم كمال الاطمينان لتجوز انها أصوات صدرت من بعض الجان ولا بارسال من لا يدخل تحت قسم (من) الناس من الملائكة أو الجن والنسناس لان النفوس لا تركن إليه وفعل المعاجز ربما لا يحال عليه فالنبي المبعوث إلينا والمفروض طاعته من الله علينا أعلى الأنبياء قدرا وارفع الرسل في الملاء الاعلى ذكرا الذي بشرت الرسل بظهوره وخلقت الأنوار كلها بعد نوره علة الايجاد وحبيب رب العباد محمد المختار صلى الله عليه وآله وأحمد صفوة الجبار ذو المعجزات الباهرة والآيات الظاهرة التي قصرت عن حصرها السن الحساب وكلت عن سطرها أقلام الكتاب كانشقاق القمر وتظليل الغمام وحنين الجذع وتسبيح الحصى وتكليم الموتى ومخاطبة البهائم واثمار يابس الشجر وغرس الأشجار على الفور في القفار وقصة الغزالة مع خسيفها وخروج الماء من بين أصابعه وانتقال النخلة إليه بأمره واخبار الذراع له بالسم والنصر بالرعب بحيث يخاف من مسير شهرين ونوم عينيه من دون قلبه وانه لا يمر بشجر ولا مدر إلا سجد له وبلع الأرض الأخبثين من تحته وعدم طول قامة أحد على قامته وان رؤيته من خلفه كرؤيته من امامه واكثار اللبن في شاة أم معبد واطعامه من القليل الجم الغفير وطي البعيد إذا توجه إليه وشفاء الأرمد إذا تفل في عينيه وقصة الأسد مع أبي لهب ونزول المطر عند استسقائه ودعائه على سراقة فساخت قوائم فرسه ثم عفى عنه فدعى فأطلقت واخباره بالمغيبات كإنبائه عن العترة الطاهرة واحدا بعد واحد وما يجري عليهم من الأعداء في وقعة كربلاء وغيرها واخباره عن قتل عمار وانه تقتله الفئة الباغية ووقعة الجمل وخروج عايشة ونباح كلاب الحوأب ووقعة صفين واخباره عن أهل العقبة وأهل السقيفة وتخلف من تخلف عن جيش أسامة وأهل النهروان وبني العباس إلى غير ذلك واخبار الاخبار عنه عليه السلام قبل ولادته بسنين (وأعوام صح) ومن ذلك ما ظهر له من الكرامات عند ميلاده كارتجاج ايوان كسرى حتى سقط منه أربع عشرة شرافة وغوص بحيرة ساوه وخمود نار فارس ولم تخمد قبل بألف سنة واضطراب الأحبار والرهبان عند ولادته حتى رآه بعضهم وعرف خاتم النبوة على جسمه الشريف فقال إنه نبي السيف وحذر اليهود منه وتهنية امه من جهة السماء وما ظهر لها من الكرامات حين الحمل وكفى بكتاب الله معجزا " مستمرا مدى الدهر حيث أقرت له العرب العرباء وأذعنت له جميع الفصحاء والبلغاء مع أن معارضته كانت عندهم من أهم الأشياء على أن النظر في أخلاقه الكريمة وأحواله المستقيمة كفاية لمن نظر وحجة واضحة لمن استبصر ككثرة الحلم وسعة الخلق و تواضع النفس والعفو عن المسئ ورحمة الفقراء وإعانة الضعفاء وتحمل المشاق وجمع مكارم الأخلاق وزهد الدنيا مع اقبالها عليه وصدوده عنها مع توجهها إليه وله من السماحة النصيب الأكبر ومن الشجاعة الحظ الأوفر وكان يطوى نهاره من الجوع ويشد حجر المجاعة على بطنه ويجيب الدعوة ويأكل أكل العبد وكان بين الناس كأحدهم ولازم العبادة حتى ورمت قدماه إلى غير ذلك من المكارم التي لا تحصر والمحاسن التي لا تسطر و لبدنه الشريف أحوال مخصوصة به ومقصورة على جنابه كظهور نوره في الليل المظلم وغلبة طيبه على المسك الأذفر واحتوائه على محاسن لم يعز إليها بشر ثم لا تجب على الأمم اللاحقة معرفة الأنبياء السابقين نعم ربما وجب معرفة ان لله أنبياء قد سبقت دعوتهم وانقرضت ملتهم على الاجمال يجب معرفة عصمته بالدليل ويكفي فيه أنه لو جاز عليه الخطاء والخطيئة لم يبق وثوق باخباره ولا اعتماد على وعده ووعيده فتنتفي فائدة البعثة ولا يتوقف الايمان على العلم يوجوب نزاهة آبائه إلى مبدء وجودهم عن الكفر واضرابه وإنما هو من المكملات وكذا معرفة الأنساب
Página 4
والأزواج والأولاد والعمر ومكان الميلاد ومن أراد الازدياد فليعلم انه محمد بن عبد الله بن عبد المطلب واسمه شيبة الحمد بن هاشم واسمه عمر بن عبد مناف واسمه المغيرة بن قصي واسمه زيد بن كلاب بن مرة ابن كعب بن لوي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانه واسمه قريش بن خزيمة بن مدرك بن الياس بن مضر بن نواز بن معد بن عدنان وامه امنة بنت وهب بن عبد مناف وكنيته أبو القاسم ولقبه المصطفى ومولده بمكة في شعب أبي طالب يوم الجمعة السابع عشر في ربيع الأول ونقل عليه اجماع الشيعة وذكر بعضهم ان ميلاده يوم الثاني عشر منه وعليه المخالفون وعلى القولين فإما مع الزوال أو عند الفجر وكان ذلك في عام الفيل وله من الأزواج خمسة عشر على ما نقل بعضهم وفي المبسوط عن أبي عبيدة أن له من الأزواج ثمانية عشرة سبع من قريش وواحدة من خلفائهم وتسع من ساير القبايل وواحدة من بني إسرائيل بن هارون بن عمران واتخذ من الإماء ثلاثا عجميتين وعربية واعتق العربية واستولد إحدى العجميتين فأول من تزوج بها خديجة بنت خويلد وهو ابن خمسة وعشرين سنة ثم بعد موتها سودة بنت زمعة ثم عايشة ولم يتزوج بكرا سواها ثم أم سلمة وحفصة ثم زينب بنت جحش من الخلفاء ثم جويرية بنت الحرث ثم أم حبيبه بنت أبي سفيان ثم من بني إسرائيل صفية بنت حي ثم ميمونة الهلالية ثم فاطمة بنت شريح الواهبة ثم أم المساكين زينب بنت خزيمة ثم أسماء بنت النعمان ثم فتيله أخت الأشعث ثم أم شريك ثم صبا بنت الصلت وكان له وليدتان مارية القبطية وريحانة بنت زيد بن شمعون وكان له من الأولاد ثمانية ولد له من الخديجة قبل المبعث والقاسم ورقية وزينب وأم كلثوم وذكر بعض أصحابنا في رقيه وزينب انهما بنتا تبني لإبنتان على الحقيقة وانهما بنتا هالة أخت خديجة وقد نقل عن الأئمة الهدى عليهم السلام وبعد المبعث الطيب والطاهر وفاطمة وروي انه لم يولد له بعد المبعث سوى فاطمة عليها السلام وان الطيب والطاهر قبله وله أيضا ولد يسمى إبراهيم ونزل عليه الوحي وتحمل أعباء الرسالة يوم السابع والعشرين في رجب وهو ابن أربعين سنة واصطفاه ربه إليه بالمدينة مسموما يوم الاثنين لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشر من الهجرة وله ثلاثة وستون سنة و دفن في حجرته التي توفي فيها ومات أبوه عبد الله وهو ابن شهرين وفي كشف الغمة انه بقي مع أبيه سنتان وأربعة أشهر ونقل ان أباه مات وهو حمل وقيل مات وعمره سبعة أشهر وماتت امه وهو ابن أربع سنين وفي كشف الغمة ست سنين وكان كما وصفه ولده الباقر عليه السلام أبيض اللون مشربا بالحمرة أدعج العينين اي أسودهما مع سعة ومقرون الحاجبين خشن الأصابع كان الذهب على كفه عظيم المنكبين إذا التفت يلتفت جميعا " من شدة استرساله سائل الأطراف كان عنقه إلى كاهله أبريقا فضة وإذا مشى تكفى كأنه نازل إلى منحدر ولم ير مثل نبي الله قبله ولابعد المبحث الثالث في المعاد الجسماني ويجب العلم بأنه تعالى يعيد الأبدان بعد الخراب ويرجع هيئتها الأولى بعد أن صارت إلى التراب ويحل بها الأرواح على نحو ما كانت ويضمها إليها بعدما انفصلت وبانت فكان الناس نيام انتبهوا فإذا هم قيام ينظرون إلى عالم جديد لا يحيط به التوصيف والتحديد قد أحسوا بالمصيبة الكبرى وتأهبوا لشدائد الرجعة الأخرى وقد أخذتهم الدهشة فصاروا حيارى وغلبت عليهم الخشية فكانوا سكارى وما هم بسكارى قد اتضح لديهم ما قدموا وبدى ووجدوا ما عملوا حاضرا ولا يظلم ربك أحدا قد فقدوا الناصر والمعين وسلموا الامر لرب العالمين والحجة في اثبات المعاد انه لولاه لذهبت مظالم العباد وتساوى أهل الصلاح والفساد وضاعت الدماء ثم لم تبق ثمرة لارسال الأنبياء وان لطف الله تعالى يستحيل عليه الانقضاء لان الموجب للابتداء هو المانع عن الانتهاء ومما يحيله العقل اختصاص لطفه تعالى بهذه الأيام القلائل التي هي كظل زائل ثم لولا ذلك لم يحسن الوعد والوعيد والترغيب والتهديد ولساوى أفضل الأنبياء في الفضيلة أشقى الأشقياء وفيما تواتر من بعض الكرامات كاحياء كثير من الأموات واخبارهم عما شاهدوا من الكربات وما شاهدوه بعض الأولياء عند المماة كفاية لمن نظر وعبرة لمن اعتبر وكفى بذلك شهادة الآيات ومتواتر الروايات مع ما دل على عصمة الأنبياء وعدم جواز صدور الكذب منهم والافتراء والمقدار الواجب بعد معرفة أصل المعاد معرفة الحساب وترتب الثواب والعقاب ولا يجب المعرفة على التحقيق التي لا يصلها الا صاحب النظر الدقيق كالعلم بأن الأبدان هل تعود بذواتها أو انما يعود ما يماثلها بهيئاتها وان الأرواح هل تعدم كالأجساد أو تبقى مستمرة حتى تتصل بالأبدان عند المعاد وان المعاد هل يختص بالانسان أو يجري على كافة ضروب الحيوان وان عودها بحكم الله دفعي أو تدريجي وحيث لزمه معرفة الجنان وتصور النيران لا يلزم معرفة وجودهما الان ولا العلم بأنهما في السماء أو في الأرض أو يختلفان وكذا حيث يجب معرفة الميزان لا يجب عليه معرفة انها ميزان معنوية أو لها كفتان ولا يلزم معرفة ان الصراط جسم دقيق أو هو عبارة عن الاستقامة المعنوية على خلاف التحقيق والغرض انه لا يشترط في تحقق الاسلام معرفة انهما من الأجسام وإن كانت الجسمية هي الأوفق بالاعتبار وربما وجب القول بها عملا بظاهر الاخبار ولا تجب معرفة ان الأعمال هل تعود إلى الاحرام وهل ترجع بعد المعنوية إلى صور الأجسام ولا يلزم معرفة عدد الجنان والنيران وادراك كنه حقيقة الحور والولدان وحيث لزم العلم بشفاعة خاتم الأنبياء لا يلزم معرفة مقدار تأثيرها في حق الأشقياء وحيث يلزم معرفة الحوض لا يجب عليه توصيفه ولا تحديده وتعريفه ولا يلزم معرفة ضروب العذاب وكيفية ما يلقاه العصاة من أنواع النكال والعقاب نعم ينبغي لمن صبغ بصبغة الاسلام وتجنب عن متابعة الهوى والشيطان ان يشغل فكره فيما يصلح امره ويرفع عند الله قدره ويستعين على نفسة بالتفكر فيما يصيبه إذا حل في رمسه وما يلقى من الشدايد العظام بعد
Página 5
الحضور بين يدي الملك العلام ويكثر النظر في المرغبات المحركة للنفس إلى طاعة رب السماوات كالتفكر في تلك الجنان وما فيها من الحور والولدان والتأمل في تلك الأشجار الحاوية لما تشتهيه الأنفس من الثمار فينبغي للعاقل ان يفرض الجنة كأنها بين يديه ويخيل النار كأنها مشرفة عليه هذه تسوقه وتلك تقوده فليخش من لحوق السائق وليحكم الجاذب حذرا من انقطاع الزمام بيد القائد وهذه المعارف الثلاث أصول الاسلام فمن أنكر منها واحدا " عرف بالكفر بين الأنام ولا فرق بين انكارها من أصلها وبين عدم معرفتها وجهلها نعم يحصل الاختلاف في بعض شعوبها وأقسامها وضروبها فان منها ما يكون عدم العلم به مكفرا من دون فرق بين الانكار والشك والذهول تساهلا ومنها ما يكون كذلك بشرط الانكار والجحود ومنها ما يكون فيه ذلك مع الانكار والشك فقط وبعضها يلزم منها العصيان دون الكفر وهو منقسم إلى تلك الأقسام فمن أراد تمام المعرفة فليراجع إلى بعض العارفين ليقف على حقيقة ذلك والله ولي التوفيق المبحث الرابع في العدل بمعنى انه لا يجور في قضائه ولا يتجاوز في حكمه وبلائه يثيب المطيعين وينتقم بمقدار الذنب من العاصين ويكلف الخلق بمقدورهم ويعاقبهم على تقصيرهم دون قصورهم ولا يجور عليه ان يقابل مستحق الأجر والثواب بأليم العذاب والعقاب، لا يأمر عباده الا بما فيه صلاحهم ولا يكلفهم الا بما فيه فوزهم ونجاحهم الخير منشأه منه والشر صادر عنهم لا عنه ويكفي في البرهان عليه غناه عن الظلم وعدم حاجته إليه والله تعالى منزه عن فعل القبيح كما يشهد بذلك العقل الصحيح مع أنه أمر بالعدل والاحسان وذم الظلم وأهله في صريح القران وأحال الظلم على ذاته كما دل عليه صريح آياته وكرر اللعن على الظالمين في محكم كتابه المبين وأخرجهم عن قابلية الدخول في جملة الأوصياء والمرسلين بقوله تعالى لا ينال عهدي الظالمين وقد جرى مثل ما ذكرناه وحررنا وسطرناه على لسان أنبيائه وخاصة أوصيائه وأوليائه الذين دلت على صدقهم المعجزات وقامت عليه البراهين والآيات وقد شهدت بثبوت العدل متواترات الاخبار وقامت عليه ضرورة مذهب صفوة الأبرار ثم أول درجات اللطف العدل وبعدها مراتب الرحمة والفضل وعليه يبنى العفو عن المذنبين والتجاوز عن الخاطئين والمقصرين فلا ييأس المذنب عن عفوه طمعا في فضله ولا يقطع على نجاة نفسه حذرا من أن يعامله بعدله فقد وصف نفسه بشدة العقاب وفتح للتوبة أوسع باب وأمر بكثرة الرجاء عصاة الناس ونهاهم عن القنوط من رحمته والأياس وحذرهم من سطواته ودلهم على سبيل طاعاته وقوى أم المسرفين وحقق رجاء المسرفين بقوله تعالى يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله ان الله يغفر الذنوب جميعا وقال تبارك وتعالى إن الله لا يغفر ان يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وسمى نفسه بالتواب والرؤوف والرحمن والرحيم والعطوف ويكفي في معرفة العدل ذلك المقدار ولا يجب على الناس ادراك ما يفهم أهل الأفكار والانظار من معرفة مقادير جزاء الطاعات وما يستحقه العصاة من العقاب على التبعات والله ولي التوفيق المبحث الخامس في الإمامة فإن من الواجب على كافة البشر معرفة من عاصرهم أو تقدمهم من الأئمة الاثني عشر لشهادة العقل بوجوب وجود المبين للأحكام كما حكم بلزوم وجود المؤسس للحلال والحرام لمساواة الجهتين وحصول الجهالة عند فقد كل من الامرين ولكثرة المجملات في القران وفي الأخبار الواردة عن سيد ولد عدنان ولورود كثير من المتشابهات في كثير من الآيات مع عموم الخطابات للمكلفين على ممر الأوقات ولان انقطاع معاذير العباد فيما يرتكبونه من أنواع الضلال والفساد موقوف على وجود من يؤمن من الخطاء بالنسبة إليه ولا يجوز العقل النسيان والعصيان عليه وقيام الحجة بالوجود من غير بيان ثاقب حيث كان الباعث لغيبته ما يخشاه على نفسه من أهل الجور والطغيان وكفى في إثبات وجوب وجود الامام مدى الدهر ما اتفق لهشام في بعض الأيام مع عمرو حيث سأله ألك أذن ألك لسان حتى اتى على تمام حواس الانسان ثم قال ألك قلب فانعم في الجواب فقال وما تصنع به فقال ليميز خطأ تلك الحواس من الصواب فقال أتظن بمن يتكفل بنصب ميزان لتلك الحواس لا ينصب إماما يميز الحق لكافة الناس فانقطع عمرو من الكلام ولم يزد على أن قال له انك أنت هشام على أنه متى وجب وجود الامام في وقت لزم استمراره مدى الأيام لأن علة وجوبه في الابتداء مستمرة على الدوام ويكفي في اثبات الأبدية ما تواتر من الجانبين من السنة المحمدية ان من مات ولم يعرف امام زمانه بين يديه فقد مات ميتة جاهلية وما تواتر نقله من الطرفين على كون كتاب الله وعترة نبيه مقترنين حتى يردا على النبي (صلى الله عليه وآله) ويصلا إليه ويشهدا على تمام الأمة (بين يديه) وحيث تبين عدم جواز خلو الأرض من حجة على الدوام وامتنع حدوث الأنبياء بعد نبينا (صلى الله عليه وآله) تعين الامام ويمكن بعد امعان النظر فيما ذكرناه اثبات الإمامة الأئمة الاثني عشر لان كل من قال ببقاء الإمام قال بذلك سوى طوائف لا عبرة بها بين أهل الاسلام ومما ينبغي التمسك به في هذا المقام ما اشتهر بين علماء الاسلام من أنهم بين قولين لا ثالث لهما ومفترقون على مذهبين لا يخرجون عنهما، أحدهما ان الإمامة بالرأي والاختيار، ثانيهما انها بتعين من العزيز الجبار وبطلان الأول واضح ليس فيه خفاء ولا يرتضيه أحد من آحاد العقلاء لأنه يستحيل على الحكيم ان يحيل إلى خلقه هذا الامر العظيم الذي عليه مدار الاحكام وامتياز الحلال من الحرام وكشف حقايق الأشياء وتميز تكاليف رب السماء مع أنه لم يحل إليهم شيئا أمر به من الواجبات ولا أقل شئ من المسنونات والمندوبات مع أن في تلك الإحالة بعثا على إثارة البغضاء وإقامة المنازعة الشديدة والشحناء كما يظهر من تتبع أحوال المهاجرين والأنصار حين فقدوا النبي
Página 6
المختار (صلى الله عليه وآله) فكل يدعي انه بالإمامة أولي وان قدره من قدر غيره أعلى حتى حصلت الفضيحة الكبرى وظهر حرص القوم على الدنيا و اعراضهم عن الأخرى على أنه كيف يرضى العقل لسيد الكونين وخيرة رب العالمين المبعوث رحمة للناس ان يوصي ببعض الأثاث والعروض واللباس ويبين موضع الدفن وكيفية الكفن ولا يوصي بما لو أطيع به لارتفعت الفتن ويدع الخلق في هرج ومرج ولا يقيم لهم ما يصلح به العوج وحيث بطل طريق (الاختيار) تعين امامة الأئمة الأطهار وعلم أن الأئمة هم اثنى عشر بانقراض أو شبه انقراض الطوائف الأخر وكذا يمكن اثبات ذلك بأوضح المسالك وذلك بما أوضحناه من وجوب العصمة في الامام وذلك لا يعرف لغيرنا من أهل الاسلام على أن التأمل في الوقايع السالفة والأحوال العارضة في عصر النبي قرب المماة كالتفكر في سر ابعادهم مع أسامة وابقاء علي عليه السلام مع أنه يخبر بقرب الاجل والتشديد على انفاذ الجيش وسر العزل عن الصلاة وسر الغوغاء في الرقعة والدواة وشدة الامتناع عنها وشدة العناية في يوم الغدير مع شدة الرمضاء واستعجال القوم في طلب الامر قبل تجهيز النبي صلى الله عليه وآله وعدم تقديم أمير المؤمنين عليه السلام المقدم في زمان سيد المرسلين في شئ من الأمور وغير ذلك وفي النظر في سيرة الفريقين وفي التأمل في أحوال ذات البين من العلماء والعباد والنساك والزهاد ما يغني من نظر ويكفي من تبصر واعتبر ويكفي لمن استعمل جادة الانصاف وتجنب سبيل التعنت والاعتساف النظر في أحوال القوم وسيرتهم وسننهم وطريقتهم من اظهار الغلظة والجفاء على عترة خاتم الأنبياء حتى ورثها صاغرهم عن كابرهم وسنها أولهم لاخرهم وكانت في الصدور وان لاحت اماراتها ولكن ظهرت كل الظهور بوقعة الجمل وصفين والاعلان بسبب العادي لأمير المؤمنين عليه السلام وما جرى في كربلاء على بضعة فؤاد خاتم النبيين صلى الله عليه وآله وما جرت عليه سنة العباسين والأمويين من استباحة دماء العلويين وتغريب أجلاء الفاطميين بحيث لو تأملت لوجدت خبرا مسلسلا تناوله العباسي عن الأموي عن الفراعنة الأولى وحيث إن هذا المقام من مزال الاقدام بين طوائف الاسلام التزمنا باطناب الكلام والإشارة إلى ما استفاضت رواية المخالفة له عن النبي صلى الله عليه وآله وهو على أقسام منها ما دل على حصر الأئمة عليهم السلام الاثني عشر وهي عدة اخبار مروية في كتبهم المعتبرة أي اعتبار كما روى في المجمع بين الصحيحين عن سيد الكونين بسند ينتهي إلى جابر بن سمرة عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال يكون من بعدي اثنا عشر خليفة ثم تكلم بكلمة خفية ثم قال كلهم من قريش وروى البخاري في صحيحه بطريقين اولهما إلى جابر بن سمرة قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول بعدي اثنا عشر أميرا ثم قال كلمة لم اسمعها ثم قال كلهم من قريش وثانيهما إلى ابن عتيبة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا ثم تكلم بكلمة خفت علي فسئلت أبي ماذا قال رسول الله صلى الله عليه وآله فقال قال كلهم من قريش وقد روى مسلم أيضا الحديث الأول بثمان طرق ألفاظ متونها لا تختلف ورواه الحميدي في الجمع بين الصحيحين بست طرق ورواه الثعلبي في تفسيره بثلاث طرق ورواه أيضا في الجمع بين الصحاح الست بثلاث طرق وروى مسلم أيضا الحديث الثاني بلفظه وفي صحيح مسلم عنه صلى الله عليه وآله لا يزال الدين قائما حتى تقوم الساعة ويكون عليهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش وفي الجمع بين الصحاح الست في موضعين انه صلى الله عليه وآله قال إن هذا الامر لا ينقضي حتى يمضي فيهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش وفي صحيح أبي داود والجمع بين الصحيحين وذكر السدي في تفسيره وهو من علماء الجمهور وثقاتهم قال لما كرهت ساره مكان هاجر اوحى الله تعالى إلى إبراهيم أن انطلق بإسمعيل وامه حتى تنزله بيت النبي التهامي فاني ناشر ذريتك وجاعلهم ثقلا على من كفر وجاعل من ذريته اثنى عشر عظيما وفيه ضرب من التغليب وعن ابن عباس قال سئلت النبي حين حضرته الوفاة وقلت إذا كان ما نعوذ بالله تعالى منه فإلى من فأشار بيده إلى علي وقال إلى هذا فإنه مع الحق والحق معه ثم يكون من بعده أحد عشر إماما وفي المرفوع عن عايشة انها سئلت كم خليفة لرسول الله صلى الله عليه وآله فقالت اخبرني أنه يكون من بعده اثنا عشر خليفة فقال قلت فقلت من هم فقالت أسمائهم مكتوبة عندي بإملاء النبي صلى الله عليه وآله فقلت لها فاعرفينه فأبت وروى صدر الأئمة اخطب خوارزم باسناده إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قال سمعت رسول الله يقول ليلة أسري بي إلى السماء قال لي الجليل جل جلاله امن الرسول بما انزل إليه من ربه فقلت والمؤمنون فقال لي صدقت من خلفت في أمتك قلت خيرها قال علي بن أبي طالب عليه السلام قلت نعم يا رب قال يا محمد صلى الله عليه وآله اني اطلعت إلى الأرض اطلاعة اخترتك منها فشققت لك اسما من أسمائي فلا أذكر في موضع الا ذكرت معي فأنا المحمود وأنت محمد ثم اطلعت ثانية واخترت منها عليا عليه السلام واشتققت له اسما من أسمائي فأنا الاعلى وهو علي يا محمد إني خلقتك وخلقت عليا وفاطمة والحسن والحسين والأئمة عليهم السلام من ولده من نوري وعرضت ولايتكم على أهل السماوات والأرض فمن قبلها كان عندي من المؤمنين ومن جحدها كان من الكافرين يا محمد لو أن عبدا من عبادي عبدني حتى يصير كالشن البالي ثم اتاني جاحدا لولايتكم ما غفرت له حتى يقر بولايتكم يا محمد صلى الله عليه وآله تحب ان تراهم قلت نعم فقال لي التفت إلى يمين العرش فالتفت فإذا بعلي وفاطمة والحسن والحسين (وعلي بن الحسين) ومحمد بن علي وجعفر بن محمد وموسى بن جعفر و علي بن موسى ومحمد بن علي وعلي بن محمد والحسن بن علي والمهدي في ضحضاح من نور قيام يصلون وهو في وسطهم يعني المهدى كأنه كوكب دري وقال لي يا محمد هؤلاء الحجج وهو الثائر من عترتك وعزتي وجلالي انه الحجة الواجبة لأوليائي والمنتقم من أعدائي
Página 7
وقد روى من طرف أهل السنة في هذا المعنى أكثر من ستين حديثا كلها تشتمل على ذكر الاثني عشر وفي بعضها ذكر أسمائهم وكتبهم مملوة من ذلك وعن أبي طالب أنه قال يا عم يخرج من ولدك اثنى عشر خليفة منهم يخرج المهدي من ولدك به تصلح الأرض ويملأ الله قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا إلى غير ذلك من الاخبار المنقولة في كتبهم على هذا النحو ولا يراد بالخلفاء أرباب السلطنة والدولة لزيادة عددهم من قريش اضعافا مضاعفة لأنه يظهر من بعضها ان آخرهم متصل باخر الزمان وفي بعضها الأخر المهدي ثم إن اعتنائه ببيان الطاغين والظالمين من العباسين بعيد وثبوت الخلافة لا يتوقف على بسط اليد كما أن النبوة والرسالة كذلك وعلى تقدير التوقف فحملها على الرجعة موافق لرأينا فان طائفة منا حكموا بثبوت الرجعة للجميع في نهاية الاستقلال ومنها ما يدل على ثبوت امامة الاثني عشر بعد (أدنى) تأمل ما نقل عنه صلى الله عليه وآله أنه قال (عدد) أوصيائي من بعدي عدد أوصياء موسى وحواري عيسى وكانوا اثنى عشر وعنه صلى الله عليه وآله بطريق مسروق عن ابن مسعود ان عدد أوصيائي من بعدي عدد نقباء بني إسرائيل وكانوا اثنا عشر وروى الزمخشري بإسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله قال فاطمة ثمرة فؤادي وبعلها نور بصري والأئمة من ولدها أمناء ربي وحبل ممدود بينه وبين خلقه من اعتصم بهم نجي ومن تخلف عنهم هوى وروى الثعلبي في تفسير قوله تعالى واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا بأسانيد عديدة بهم وعنه صلى الله عليه وآله أنه قال إني تارك فيكم ما ان تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض وروى عنه أيضا صلى الله عليه وآله أنه قال أيها الناس اني تارك فيكم الثقلين أحدهما أكبر من الأخر كتاب الله حبل ممدود بين السماء والأرض وعترتي أهل بيتي وانهما لن يفترقا حتى يردا على الحوض ومثله ما في الجمع بين الصحيحين وكذا صحيح مسلم في موضعين وروى مثله أبو سعيد الخدري ولا ريب في أنه لا رجوع إلى العترة الا من الشيعة وقد فسرت العترة في كتبهم المعتبرة بالذرية وروي في طرقهم المعتبرة انه من مات ولم يعرف امام زمانه مات ميتة جاهلية وفيه أبين دلالة على بقاء الأئمة إلى انقضاء التكليف فإن هذه الأحاديث وأمثالها تدل على أفضلية أهل البيت على غيرهم كما اعترف به التفتازاني في شرح المقاصد ويدل على وجود من يكون أهلا للتمسك به من أهل البيت الطاهرين في كل زمان وجدوا فيه إلى قيام الساعة حتى يتوجه البحث المذكور على التمسك بهم كما أن الكتاب كذلك ولهذا كانوا أمان أهل الأرض فإذا ذهبوا ذهب أهل الأرض قال الفاضل أحمد بن السوسي الشافعي وقال ابن حجر ان القطب لا يكون الا من أهل البيت وروى أن هذا الحديث صار سببا لتشيع بعض المخالفين من علمائهم معللا بان ميتة الجاهلية انما تكون بفوات المعارف التي هي من أصول الدين وذلك لا ينطبق الا على رأي الشيعة ومما يفيد بقائهم إلى انقضاء التكليف في ما مسند ابن حنبل انه صلى الله عليه وآله قال إن النجوم أمان لأهل السماء فإذا ذهبت ذهبوا وأهل بيتي أمان لأهل الأرض فإذا ذهب أهل بيتي ذهب أهل الأرض وقد فسر أهل البيت بهم وروى الزمخشري في ربيع الأبرار ان رسول الله قال لما اسرى بي جبرائيل إلى السماء اخذ بيدي واقعدني على درنوك من درانيك الجنة ثم ناولني سفرجل فبينما انا اقلبها انفلقت وخرجت جارية لم أر أحسن منها فسلمت علي فقلت من أنت فقالت انا الراضية المرضية خلقني الجبار من ثلاثة أصناف اعلائي من عنبر ووسطي من كافور وأسفلي من مسك ثم عجنني بماء الحياة وقال لي كوني فكنت خلقني لأخيك وابن عمك علي بن أبي طالب والدرنوك ضرب من البسط وروى أبو بكر الخوارزمي في كتاب المناقب عن بلال ابن حمامه قال طلع علينا رسول الله صلى الله عليه وآله ذات يوم متبسما ضاحكا ووجهه مشرق كدائرة القمر فسئلته عن ذلك فقال بشارة اتتني من ربي في أخي وابن عمي وابنتي فان الله تبارك وتعالى زوج عليا عليه السلام من فاطمة وأمر رضوان خازن الجنان بهز شجرة طوبى فحملت رقاقا يعني صكاكا بعدد محبي أهل البيت (ع) وأنشأ ملائكة من نور ورفع إلى كل ملك صكا فإذا استوت القيامة بأهلها نادت الملائكة في الخلائق فلا يبقى محب لأهل البيت الا دفعت إليه صكا في فكاكه من النار والأحاديث هنا كثيرة ومن حديث رفعه الخوارزمي إلى ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لو اجتمع الناس على حب علي بن أبي طالب ما خلق الله النار وفي الشفا للقاضي عياض بلا اسناد من أنه قال معرفة آل محمد براءة من النار وحب آل محمد جواز على الصراط والولاية لآل محمد أمان من العذاب ويؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وآله لو أن رجلا حفز اي جمع قدميه قائما بين الركن والمقام فصلى وصام ثم لقى الله مبغضا لآل محمد دخل النار وجاء في قوله تعالى واني لغفار لمن تاب وامن وعمل صالحا ثم اهتدى إلى ولاية أهل البيت عليهم السلام وعن الزهري ان محبة العبد لله ورسوله وأهل بيته طاعة لهما واتباع لامرهما وروى أبو الحسن الأندلسي في الجمع بين الصحاح الست موطأ مالك وصحيحي مسلم والبخاري وسنن أبي داود وصحيح الترمذي وصحيح السلمي عن أم سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وآله ان قوله تعالى انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت نزلت في بيتها وهي جالسة على الباب فقالت يا رسول الله الست من أهل البيت فقال صلى الله عليه وآله انك على خير انك من أزواج النبي صلى الله عليه وآله قالت وفي البيت رسول الله وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهما السلام فقالت وجللهم بكسا وقال صلى الله عليه وآله هؤلاء أهل بيتي فاذهب عنهم الرجس و طهرهم تطهيرا ورواه صدر الأئمة موفق ابن احمد المكي وربما يستفاد من قوله تبارك وتعالى انما أنت منذر ولكل قوم هاد فان المراد بالهادي (ظاهرا الهادي) إلى واقعي الشرع كما أن انذاره على ذلك النحو ويؤيد إرادة هذا ما ورد في تفسير الباطن انه علي عليه السلام ولو أريد مطلق الهادي لم يكن لعلي مزية ومن مستطرفات الاخبار ان بعض الامراء والوزراء عثر على الأخبار الدالة على أن الأئمة اثني عشر فجمع العلماء وسألهم
Página 8
عن معنى ذلك موردا عليهم ان عنى مطلق قريش فعدد سلاطينهم فوق ذلك اضعافا مضاعفة وان أراد غير ذلك فبينوه فاستمهلوه عشرة أيام فأمهلهم فلما حل الوعد تقاضاهم الجواب فحادوا فتقدم رجل مبرز منهم وطلب الأمان فأعطاه الوزير منهم الأمان فقال هذه الأخبار لا تنطبق الا على مذهب الشيعة الاثني عشرية لكنها اخبار آحاد لا توجب العمل فرضى بقوله وانعم عليه ولعمري ان هذه الأخبار ان لم تكن من المتواترة على كثرتها وكثرة رواتها وكثرة الكتب التي نقلت فيها لم يكن متواتر أصلا ثم إن لم تكن متواترة فهي من المحفوفة بالقرائن وانما حفظت بلطف الله وكانت مقتضى الحال اخفائها لاخلالها بدينهم المؤسس بالسقيفة المودع في ضمن تلك (الصحيفة صح) ومخالفتها لهوى الامراء فظهورها مع أن المقام يقتضى اخفائها قرينة على أن الجاحد لا يمكنه انكارها كما أنكر كثيرا من اضرابها ومنها ما يدل على أن الناجين من فرق الاسلام ليسوا سوى الشيعة وروى الحافظ وهو من علمائهم بسند متصل بعلي عليه السلام أنه قال تفترق الأمة ثلثة وسبعون فرق وسبعون في النار وواحدة في الجنة وهم الذين قال الله تبارك وتعالى وممن خلقنا أمة يهدون بالحق و به يعدلون وهم انا وشيعتي وفي الصواعق المحرقة لابن حجر المتأخر ونقله صاحب كشف الغمة عن الحافظ ان مردويه وفى تفسير ان الذين امنوا وعملوا الصالحات أولئك هم خير البرية هم أنت وشيعتك يا علي تأتي أنت وشيعتك يوم القيمة راضين مرضيين و يأتي أعدائك مقمحين ولفظ الشيعة ان لم يكن صريحا كما يقتضيه ظاهر الاطلاق في الصنف المخصوص فالقرينة من جهة الإضافة واضحة لان غير هذا الصنف شيعه الخلفاء واسنادهم إلى الخليفة السابق أولي من وجوه شتى كما لا يخفى ومما يقرب من ذلك ما دل من الكتاب على وجوب طاعتهم على الاجتماع أو الانفراد قوله تعالى فاسئلوا أهل الذكر والمراد بهم محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهما السلام كما رواه الحافظ محمد بن موسى الشيرازي من علمائهم واستخرجه من التفاسير الاثني عشر عن ابن عباس وقوله تعالى أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولوا الامر فإنهم فسروا أولوا الامر بعلى عليه السلام وقوله تعالى انما وليكم الله ورسوله والذين امنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون اجمعوا على نزولها في علي مع أنه مذكور في الصحاح الست وظاهر الولاية ولاية التصرف في الأمر والنهي ولا سيما بعد أن أسندت إلى الله ورسوله وصيغة انما قضت بقصرها عليه مع وجوده وقوله تعالى ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين روى الجمهور عن ابن مسعود أنه قال صلى الله عليه وآله انتهت الدعوة إلي والى علي وقوله تعالى وكونوا مع الصادقين روى الجمهور انها نزلت في علي إلى غير ذلك من الآيات الدالة على وجوب طاعتهم والانقياد لهم مع أنه قد علم بالضرورة تظلم أمير المؤمنين عليه السلام من القوم وتفرده عنهم وكفى في ذلك التطلع في خطبه و كلماته المنقولة عنه عليه السلام في كتبهم كالخطبة الشقشقية ونحوها وكيف يقع التظلم منه صلوات الله عليه ولو صورة وهو مقتضى لعدم الوثوق بالخلفاء ومما رواه جماعة أهل الآثار ان قوما من الناس قالوا ما بال علي (ع) لم ينازع أبا بكر وعمر وعثمان كما حارب طلحة و الزبير فبلغ الخبر إلى أمير المؤمنين (ع) فامران ينادى بالصلاة جامعة فلما اجتمع الناس قام فيهم أمير المؤمنين عليه السلام خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وذكر النبي صلى الله عليه وآله فصلى عليه فقال معشر الناس بلغني ان قوما قالوا ما بال علي (ع) لم ينازع أبا بكر وعمر وعثمان كما نازع طلحة والزبير الا وان لي في سبعة من أنبياء الله أسوة أولهم النبي نوح عليه السلام إذ قال الله تعالى مخبرا عنه اني مغلوب فانتصر فان قلتم ما كان مغلوبا كفرتم وكذبتم وإن كان نوح مغلوبا فعلي اعذر منه الثاني إبراهيم عليه السلام حيث يقول واعتزلكم وما تدعون من دون الله فان قلتم انه اعتزلهم من غير مكروه كفرتم وان قلتم انه رأى المكروه منهم فانا اعذر الثالث لوط عليه السلام إذ قال لو أن لي بكم قوة أو آوي إلى ركن شديد فان قلتم انه كان له قوة فقد كفرتم وكذبتم القران وان قلتم انه لم يكن له بهم قوة فانا اعذر منه الرابع يوسف عليه السلام إذ قال رب السجن أحب إلي مما يدعونني إليه فان قلتم انه دعى بغير مكروه وسخط فقد كفرتم وكذبتم القران وان قلتم انه دعى لما اسخط الله عز وجل فاختار السجن فانا اعذر منه الخامس موسى بن عمران إذ قال ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين فان قلتم انه لم يفر منهم خوفا على نفسه فقد كفرتم وان قلتم انه فر خوفا فالوصي اعذر منه السادس هارون إذ يقول يا ابن أم ان القوم استضعفوني وكادوا يقتلونني فلا تشمت بي الأعداء فان قلتم انهم لم يستضعفوه ولا كادوا يقتلونه حيث نهاهم عن عبادة العجل فقد كفرتم وان قلتم انهم استضعفوه وكادوا يقتلونه لقلة من يعينه فالوصي اعذر منه السابع محمد إذ هرب إلى الغار فان قلتم انه هرب من غير خوف على نفسه من القتل فقد كفرتم وان قلتم أخافوه فلم يسعه الا الهرب إلى الغار فالوصي اعذر منه فقال الناس بأجمعهم صدق أمير المؤمنين عليه السلام وكذا تظلم أهل بيته عليهم السلام وسيجيئ لذلك مزيد بيان وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما وليت أمة رجلا وفيهم من هو اعلم منه (الا) لم يزل أمرهم إلى سفال ما تركوه ورواه محمد بن النعمان عن عكرمة وابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله ما من قوم أمروا أميرا وهو غير مرضي عند الله الا خانوا الله ورسوله وكتابه والمؤمنين واما الآيات الدالة على زيادة الفضل وعظم المنزلة على وجه لا يرضى لغير نبي (أو وصي نبي صح) لأنه لو كان الحال على ما قالوه لتساوي سلمان وأبا ذر ومن قاربهم وروى أحمد بن حنبل عن ابن عباس أنه قال ما في القران أية فيها الذين امنوا الا وعلي رأسها وقائدها وشريفها وأميرها وقد عاتب الله أصحاب محمد صلى الله عليه وآله في القرآن وما ذكر علي الا بخير وروى مجاهد انه نزلت في حق علي بخصوصه سبعون أية وعن ابن عباس ما نزل في أحد من كتاب الله ما نزل
Página 9
في علي عليه السلام ثم إنهم روى أن الكلمات التي نجي بها ادم محمد وعلي وفاطمة والحسن والحسين عليهما السلام وروى الثعلبي بأربع طرق في تفسير قوله تعالى يا أيها الرسول بلغ ما انزل إليك من ربك وانها لما نزلت اخذ رسول الله صلى الله عليه وآله بيد علي عليه السلام وقال من كنت مولاه فعلي مولاه وروى أحمد بن حنبل في مسنده بستة عشر طريقا ورواه الحميدي في الجمع بين الصحيحين ورواه المغازلي بست طرق ثم قال رواه عن النبي صلى الله عليه وآله نحو مائة رجل وتأويل المتوغلين في بعضه والانحراف منه لهذا الحديث كتغطية وجه النهار وخبر يوم الغدير الذي نقلوه في صحاحهم وغيرها بطريق لا حصر لها حتى صنفوا فيه الكتب والرسايل وفيه ان النبي صلى الله عليه وآله قال في حق علي من كنت مولاه فهذا علي عليه السلام مولاه والمراد ولاية التصرف والامر والنهي لأنه الظاهر أو لأنه لا يرضى العاقل ان النبي صلى الله عليه وآله يأمر بنصب الرحال في وقت الحر الشديد ثم يقوم ويجمع الناس ويخطبهم في ذلك الوقت لا لنصب خلافة ولا امارة سرية ولا افتاء ولا قضاء ولا امامة جماعة ولا تولية بيت مال ولا حكومة قرية ولا امارة حاج ولا غير ذلك إذ كان خاليا من الجميع في أيامهم بل لمجرد بيان ان من كنت صاحبه فعلي عليه السلام صاحبه ثم ما معنى تهنية القوم له إذ رووا أهل التفاسير في السابقون السابقون انها نزلت في علي وروى أحمد بن حنبل في مسنده في قوله تعالى والذين امنوا بالله ورسوله أولئك هم الصديقون انها نزلت في علي والصديقون ثلثة حبيب بن موسى النجار وهو مؤمن آل يس وحزقيل وهو مؤمن آل فرعون وعلي بن أبي طالب وهو أفضلهم رواه أحمد ابن حنبل في مسنده بثلث طرق ورواه الثعلبي في تفسيره بطريقين وقوله تعالى والذي جاء بالصدق وصدق به ورووا في تفاسيرهم عن مجاهد عن النبي أنه قال هو علي بن أبي طالب عليه السلام وقوله وكونوا مع الصادقين ورواه الثعلبي وغيره من المفسرين انها نزلت في علي عليه السلام وقوله تعالى ومن عنده علم الكتاب روى الثعلبي في تفسيره بطريقين انه علي بن أبي طالب وكذا أية المناجاة وآية المباهلة وصالح المؤمنين وقوله تعالى قوم يحبهم ويحبونه وقوله اخوانا على سرر متقابلين إلى غير ذلك واما الاخبار فلا حصر لها وانما نذكر منها شطرا صالحا منها ما دل على أنه أولي بالخلافة لما في مسند ابن حنبل انه لما نزلت أية وانذر عشيرتك الأقربين جمع النبي صلى الله عليه وآله أهل بيته فأكلوا وشربوا ثم قال لهم من يضمن عني ديني وينجز مواعيدي ويكون خليفتي ويكون معي في الجنة فقال علي عليه السلام انا يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وآله أنت ورواه الثعلبي وفيه أنه قال ذلك ثلاث مرات فلم يجب أحد سوى علي عليه السلام وفي المسند عن سلمان رضي الله عنه أنه قال له يا رسول الله صلى الله عليه وآله من وصيك فقال يا سلمان من كان وصى اخى موسى عليه السلام فقال يوشع قال فان وصيي ووارثي الذي يقضي ديني وينجز مواعيدي علي بن أبي طالب عليه السلام وفي كتاب المناقب لأحمد بن مردويه وهو حجة عند المذاهب الأربعة باسناده إلى أبي ذر قال دخلنا على النبي صلى الله عليه وآله فقلنا من أحب أصحابك إليك فإذا كان أمر كنا معه فقال هذا علي عليه السلام أقدمكم سلما واسلاما وفي كتاب ابن المغازلي الشافعي باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله أنه قال لكل نبي وصى ووارث وان وصيي ووارثي علي بن أبي طالب وبعد ان ذهبوا إلى أنه لا مال للنبي موروث فالمراد بالإرث إرث العلم والولاية وليس له شريك في ذلك كما يفيده قوله صلى الله عليه وآله ان لكل نبي وصي ووارث وكفاك قول سلمان إذا كان أمر كنا معه يعطى انه منفرد بهذه الخاصة وفي صحيح ابن حنبل من عدة طرق وصحيحي البخاري ومسلم ان النبي صلى الله عليه وآله لما خرج إلى تبوك استخلف عليا عليه السلام على المدينة وعلى أهله فقال علي ما كنت أؤثر ان تخرج في وجه الا وانا معك فقال إما ترضى أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي وعموم المنزلة يقتضى المساواة ولا ريب هارون لو بقى بعد موسى لم يتقدم عليه أحد وفي مسند ابن حنبل والصحاح الست عن النبي من عدة طرق علي مني وانا من علي وهو ولي كل مؤمن بعدي لا يؤدي عني الا انا أو علي وفي قوله صلى الله عليه وآله ولى كل مؤمن بعدي ولا يؤدي عني الا انا أو علي عليه السلام أبين دلالة على أنه أولي بالناس من كل أحد وانه لا أحد له أهلية التبليغ غيره ومنها ما دل على جلالة قدره وعلو شانه بحيث لا يرضى العقل بتقدم أحد عليه كما رواه ابن حنبل في مسنده عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال كنت انا وعلي نورا بين يدي الله قبل ان يخلق ادم بأربعة عشر الف سنة فلما خلق ادم قسم ذلك النور جزئين فجزء انا وجزء علي وفي رواية ابن المغازلي الشافعي فلما خلق الله ادم ركب ذلك النور في صلبه فلم يزل في شئ واحد حتى إذا افترقنا في صلب عبد المطلب ففي النبوة وفي علي الخلافة وفي خبر اخر رواه ابن المعاذلي عن جابر تتمة فاخرجني نبيا واخرج عليا وصيا وهذا الخبر بهذين الطريقين حاله حال الأخبار المتقدمة في الدلالة على المطلوب وروى الجمهور عنه صلى الله عليه وآله انه لما نزل علي عليه السلام إلى براز بن عبد ود قال صلى الله عليه وآله أبرز الايمان كله للكفر كله وفي مسند بن حنبل عنه صلى الله عليه وآله انه آخى بين الناس كلهم وبقى علي عليه السلام فقال علي عليه السلام آخيت بين أصحابك وتركتني فقال إنما تركتك لنفسي فأنت أخي وانا أخوك وأنت مني بمنزلة هارون من موسى وأنت أخي ووارثي وفي الجمع بين الصحاح الست مكتوبا على باب الجنة محمد رسول الله صلى الله عليه وآله وعلي مقيم الجنة قبل ان تخلق السماوات بألفي عام وروى ابن المغازلي الشافعي في كتاب المناقب عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال لعلي عليه السلام ان الأمة ستغدر بك بعدي وروى الحافظ ابن مردويه من أكابرهم باسناده إلى ابن عباس ان رسول الله بكى حتى علاء بكائه فقال له علي عليه السلام ما يبكيك يا رسول الله فقال ضغاين في صدور القوم لا يبدونها لك حتى يفقدوني وفيه من الدلالة كما في السوابق وفي مسند ابن حنبل ان النبي صلى الله عليه وآله قال إن منكم من يقاتل على تأويل القران كما قاتلت على تنزيله فقال أبو بكر انا يا رسول الله فقال لا ولكنه خاصف النعل وكان علي يخصف نعل رسول الله في حجرة فاطمة وفي الجمع بين الصحاح الست يا معشر قريش أو ليبعثن الله عليكم من أمتي رجلا امتحن الله قلبه للايمان يضرب رقابكم على الدين قيل يا رسول الله أبو بكر قال لاقيل عمر قال لا ولكنه خاصف النعل في الحجرة وفي مسندين
Página 10
ابن حنبل والجمع بين الصحاح الست عن انس بن مالك قال كان عند النبي طائر قد طبخ له فقال صلى الله عليه وآله اللهم آتني بأحب الناس إليك يأكل معي فجاء علي عليه السلام واكل معه وعن ابن عباس انه لما حضرته الوفاة قال اللهم إني أتقرب إليك بولاية علي وفي مسند ابن حنبل وصحيح مسلم لم يكن أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يقول سلوني غير علي وفي المسند عنه صلى الله عليه وآله انا مدينه العلم وعلي بابها وفي الجمع بين الصحاح الست عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال اللهم أدر الحق مع علي عليه السلام حيث دار وروى الجمهور انه صلى الله عليه وآله قال لعمار سيكون في أمتي بعدي هناة واختلاف يا عمار تقتلك الفئة الباغية وأنت مع الحق والحق معك ان سلك الناس كلهم واديا وسلك علي عليه السلام واديا فاسلك واديا سلكه علي عليه السلام وخل الناس طرا يا عمار ان طاعة علي عليه السلام من طاعتي وطاعتي من طاعة الله وروى أحمد بن موسى بن مردويه من الجمهور من عدة طرق عن عايشة ان النبي صلى الله عليه وآله قال الحق مع علي وعلي مع الحق لن يفترقا حتى يردا علي الحوض وهذا القسم من الاخبار كثيرة منها دالة على وجوب طاعة علي عليه السلام والانقياد إليه في جميع الأوقات بعد النبي صلى الله عليه وآله فلو لم تكن الإمامة مستحقة له بعد موت النبي صلى الله عليه وآله لكان كأحد من الصحابة وفي الباقي منها ما يؤذن برفعة منزلته وعلو قدره على ساير الصحابة فيكون هو الأحق بالخلافة لاستحالة ترجيح المفضول على الفاضل ونظير هذه الرواية ما دل على أن حبه ايمان وبغضه كفر كما في مسند ابن حنبل والجمع بين الصحيحين والجمع بين الصحاح الست من أن رسول الله صلى الله عليه وآله (قال يا علي) لا يحبك الا مؤمن ولا يبغضك الا منافق وفي مسند ابن حنبل ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام ان فيك مثلا من عيسى بن مريم أبغضه اليهود حتى اتهموا امه وأحبه النصارى حتى أنزلوه المنزلة الذي ليس باهل ومن كان بعضه كفر وحبه ايمان لا يكون الأنبياء أو إماما واما الاخبار المنقولة في بيان غزواته وبعض كراماته فلا حصر لها كحديث الكساء وحديث المباهلة وخبر فتح خيبر وفيه انه بعد أن بعث الأول والثاني فرجعا خائبين ثم قال رسول الله صلى الله عليه وآله لأعطين الراية (رايتي خ ل) غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله كرار غير فرار فلما أصبح الصبح جاء جماعة من الصحابة يزعم كل منهم انه المعنى بذلك فأعطاها عليا عليه السلام وحديث بعثه ببرائة بعد أن بعث الأول ثم نزل جبرئيل برده وقال عليه السلام لا يؤدها الا أنت أو رجل منك فأرسل خلفه وأرسل عليا بها وخبر مبيته على فراش النبي صلى الله عليه وآله ليقيه بنفسه وحديث المناجاة وانه لم يعمل بآية المناجاة من تقديم الصدقة عندها سوى علي وخبر تسميته أبا تراب وحديث حمل النبي صلى الله عليه وآله له حتى كسر الأصنام وخبر انه لا يجوز على الصراط الا من كان معه كتاب من ولاية علي بن أبي طالب (ع) وحديث رد الشمس عليه بعد الغروب مرة أو مرتين وروى ستين مرة وخبر نزول لا سيف الا ذو الفقار ولا فتى الا علي عليه السلام في واقعة أحد وروى أنها نادى بها المنادي يوم بدر إلى غير ذلك مما لو أمعنت النظر واقتفيت الأثر لعلمت من مجموعه انه ليس من بعد النبي صلى الله عليه وآله أهل للنهوض بأعباء الخلافة سوى من نصبه الله تعالى لها على انها لا يخفى على من له أدنى خبرة بأحوال السلف ان في البين فريقين مختصمين أشد الخصومة ولا زالت الحرب بينهما قائمة فهذا علي عليه السلام كان في زمن المشايخ جالسا في داره مشغولا بعبادة ربه لا يولى على جانب وخالد بن الوليد واضرابه أقدم منه وبقى على هذه الحالة إلى قيام الثالث الذي قتله المهاجرون والأنصار ومعظمهم من أصحاب علي ليت شعري كيف يرضى العاقل بوثوق علي بايمان عثمان ويقتل بمرئ منه ومسمع والعجب انهم يستندون في رضا علي بخلافة القوم بسكوته مع أنه سيف الله ولا يستدلون بسكوته عن قتل عثمان على رضاه به سبحان الله كيف يخفى على العاقل رضاه وقد كان القاتل له بيد أخص خواصه محمد ابن أبي بكر ثم الرابع الذي تلقى الامر منه معوية كاتب الوحي الذي وضع سب أمير المؤمنين في خطبه وفرضه على نفسه ودام على ذلك ما شاء الله وروى أن قوما من بنى أمية (لعنهم الله) قالوا لمعوية (يا أمير الفاسقين) انك قد بلغت ما أملت فلو كففت عن لعن هذا الرجل فقال لعنه الله لا حتى يربوا عليها الصغير ويهرم عليها الكبير ولا يذكر له ذاكر فضلا ثم تورثها منه ولده الملعون لعنه الله يزيد وقد قتل فرخ رسول الله وقرة عينيه مع جماعة من الصحابة الذين مدحهم الله تعالى في القران ولا يجتمعون على باطل ثم تورثها باقي بني أمية وساروا مع أولاد رسول الله ما علم به كل سامع ثم تورثها بنوا العباس وصنعوا مع أولاد رسول الله من القتل والصلب والبناء في الجدران والدفن في الأرض ما ليس له عد ولا حد ثم استمرت دولة بين الأغنياء يتوارثها القوم صاغرا عن كابر كل ذلك مضافا إلى ما علمت من حال عايشة مع علي عليه السلام وحربها له مع الصحابة الممدوحين في القران وحال معوية مع الحسن عليه السلام وغير ذلك لكن القوم لحدة أذهانهم وجودة انظارهم يعتذرون مرة بالاجتهاد وهو عذر مسموع كيف لا وايمان علي عليه السلام واسلامه كان نظريا أو ان تحريم لعن المسلم كان نظريا والأولى في الجواب ان هذا الاجتهاد لا يزيد على اجتهاد الدباب التي دحرجوا بها لناقة رسول الله إلى غير ذلك من الكرامات التي نشير إليها وان رجعوا إلى التوبة فكان معنى التوبة عقر الجمل وهزيمة الجند وموت معوية ونحو ذلك ثم سرى الخلاف إلى هنام واجتهاد التخلف عن جيش أسامة واجتهاد أذية بنت رسول الله إلى فقهاء القوم مع ذرية رسول الله فكان الرجوع إلى الفقهاء منهم وعترة النبي صلى الله عليه وآله معزولون معتكفون في دورهم كل له طريقته ينفرد به فالباقر والصادق وأولادهما عليهم السلام و أصحابهم لا يألفون إلى أولئك ولاهم يألفون إليهم فان صح ان باب الاجتهاد انسد واختص الرجوع بالأربعة فقد نسبوا العترة التي أمروا بالتمسك بها إلى الضلال وإذا ظهر البون بين الفريقين قديما وحديثا فعلى العاقل ان يختار أحد الجادتين ولا يجمع بين أمرين متضادين الله أكبر الله أكبر ما أكثر البقر واما الأئمة الاثنا عشر فأولهم علي بن أبي طالب عليه السلام بن عبد المطلب بن هاشم وأمه فاطمة بنت
Página 11
أسد ولد في الكعبة يوم الجمعة ثالث عشر رجب وروى سابع شعبان بعد مولد رسول الله بثلثين سنة واصطفاه الله إليه واختار له جواره قتيلا بالكوفة ليلة الجمعة لتسع ليال بقين من شهر رمضان سنة أربعين عن ثلاثة وستين سنة على نحو ما عمر رسول الله صلى الله عليه وآله ودفن بالغرى من نجف الكوفة بمشهده الان الثاني ولده الحسن عليه السلام وهو الإمام ابن الإمام الزكي ولد بالمدينة يوم الثلاثاء منتصف شهر رمضان سنة اثنين من الهجرة وقال المفيد سنة ثلث واصطفاه ربه مسموما في المدينة أيضا يوم الخميس سابع صفر سنة سبع أو ثمان وأربعين وقيل سنة خمسين من الهجرة عن سبع وأربعين سنة الثالث اخوه الحسين وهو الإمام ابن الإمام أبو عبد الله عليه السلام الشهيد المظلوم ولد بالمدينة آخر ربيع الأول سنة ثلاث من الهجرة وقيل يوم الخميس ثالث عشر شهر رمضان وقال المفيد لخمس خلون من شعبان سنة أربع واصطفاه ربه إليه قتيلا بكربلا يوم السبت عاشر محرم سنة إحدى وستين عن ثمان وخمسين سنة واما أمهما فهي فاطمة الزهراء بنت رسول الله محمد المختار زوجة علي حيدر الكرار والدة الأئمة الأطهار سيدة نساء العالمين وروى في حقها ما تواتر نقله بين الفريقين عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال فاطمة بضعة مني من اذاها فقد آذاني ومن آذاني فقد اذى الله وقال الله تعالى الذين يؤذون الله ورسوله أولئك يلعنهم الله ويلعنهم اللاعنون وانها ولدت بعد المبعث بخمس سنين واصطفاها ربها بعد أبيها بنحو أربعين يوما وأوصت إلى علي بان تدفن ليلا وان لا يصليا عليها وماتت وهي ساخطة عليهما واما التسعة المعصومين من ذرية الحسين عليهم السلام فأولهم الإمام علي بن الحسين زين العابدين والساجدين الذي انتهى إليه العلم والزهد والعبادة كما لا يخفى على مسلم ولد بالمدينة يوم الأحد خامس شعبان سنة ثمان وثلثين واصطفاه الله ربه بالمدينة يوم السبت ثاني عشر محرم سنة خمس وتسعين عن سبع وخمسين سنة وامه شاه زنان بنت شيرويه ابن كسرى وقيل بنت يزدجرد الثاني الامام ولده محمد الباقر عليه السلام لعلم الدين سمى بباقر العلم لاتساع علمه وانتشار خبره وأخبر النبي صلى الله عليه وآله جابر الأنصاري ره انه سيدركه وان اسمه اسم رسول الله انه يبقر العلم بقرا وقال إذا لقيته فاقرء عليه منى السلام ولم ينكر أحد تلقيبه بباقر العلم بل اعترفوا بأنه وقع موقعه وحل محله ولد بالمدينة يوم الاثنين ثالث صفر سنة سبع وخمسين واصطفاه الله بها إليه يوم الاثنين سابع ذي الحجة سنة أربع عشرة ومائة وروى سنة ست عشر وامه أم عبد الله بنت الحسن بن علي عليه السلام فهو علوي بين علويين الثالث الامام ولده أبو عبد الله جعفر ابن محمد الصادق عليه السلام العالم الذي اشتهر علمه من العلوم (و) أبهر العقول حتى غال فيه جماعة واخرجوه إلى حد الإلهية ودون العامة والخاصة ممن برز ومهر بتعلمه من الفقهاء والعلماء أربعة آلاف رجل كزرارة بن أعين وأخويه بكير وحمران وجميل بن دراج ومحمد بن مسلم ويزيد بن معوية العجلي وهشام بن حكم وهشام بن سالم وأبى بصير وعبد الله بن سنان وأبى الصباح وغيرهم من أعيان الفضلاء من أهل الحجاز و العراق والشام وخراسان من المعروفين والمشهورين من أصحاب المصنفات المتكثرة والمباحث المشهورة الذين ذكرهم العامة في كتب الرجال واثنوا عليهم بما لا مزيد عليه مع اعترافهم بتشيعهم وانقطاعهم إلى أهل البيت وقد كتب من أجوبة مسائله هو فقط أربعمائة مصنف يسمى الأصول في أنواع العلوم ولد بالمدينة يوم الاثنين سابع عشر ربيع الأول سنة ثلاث وثمانين واصطفاه الله فيها في شوال وقيل منتصف رجب يوم الاثنين سنة ثمان وأربعين ومائة عن خمس وستين سنة وامه فاطمة أم فروه بنت الفقيه القاسم بن محمد النجيب بن أبي بكر وقبر أبيه محمد وقبر جده وقبر عمه الحسن بالبقيع في مكان واحد الرابع الامام ولده موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام وكنيته أبو الحسن وأبو إبراهيم وأبو علي وسمي بالكاظم لكظمه الغيظ ولد بالإيواء (بالأبواء) بين مكة والمدينة سنة ثمان وعشرين ومائة وقيل سنة تسع وعشرين ومائة يوم الأحد سابع صفر واصطفاه الله مسموما ببغداد في حبس السندي ابن شاهك لعنه الله لست بقين من رجب سنة إحدى وثمانين ومائة ودفن في مقابر قريش في مشهده الان وامه حميدة البربرية الخامس الامام ولده علي بن موسى الرضا عليه السلام ولي المؤمنين الذي أجمعت أولياءه وأعدائه على عظم شانه وغزارة علمه وحاول أعدائه من بني العباس وغيرهم الغض عنه لما راو ميل المأمون لعنه الله إليه وحبه له وأراد ان يجعله ولى عهده فاحضر الرؤساء والعلماء في كل فنون العلم فافحمهم جميعا وأعجزهم مرارا شتى وكانوا يخرجون خجلين مدحورين وهو يومئذ صغير السن واعترف المأمون بفضله على كل الناس فجعله ولى عهده لما لا يخفى على أهل الفضل ولد بالمدينة سنة ثمان وأربعين سنة ومائة وقيل يوم الخميس حادي عشر ذي القعدة واصطفاه الله مسموما بطوس في صفر سنة ثلث ومأتين وقبره بسناباد بمشهده الان وامه أم البنين أم ولد السادس الامام ولده محمد الجواد عليه السلام ولد بالمدينة في شهر رمضان سنة خمس وتسعين ومائة واختار الله له جواره ببغداد في اخر ذي القعدة وقيل يوم الثلاثاء حادي عشر ذي القعدة سنة عشرين ومأتين ودفن في ظهر جده الكاظم عليه السلام بمقابر قريش في مشهدهما الان وامه الخيزران أم ولد وكانت من أهل بيت المارية القبطية سرية النبي صلى الله عليه وآله السابع الامام ولده علي بن محمد الهادي النقي ولد بالمدينة منتصف ذي الحجة سنة اثنى ومأتين واختاره الله جواره بسر من رأى في يوم الاثنين ثالث رجب سنة أربع وخمسين ومأتين ودفن بداره التي هي مشهده الان وامه سمانة أم ولد الثامن الامام ولده الحسن بن علي العسكري ولد بالمدينة في شهر ربيع الأخر رابعة يوم الاثنين سنة اثنين وثلثين ومأتين واختاره الله بسر من رأى يوم الأحد وقال المفيد يوم الجمعة ثامن شهر ربيع الأول سنة ستين ومأتين ودفن إلى جانب أبيه وامه حديثة أم ولد التاسع الامام ولده
Página 12
محمد بن الحسن القائم بالحق المهدى صاحب الزمان يملأ الأرض عدلا وقسطا كما ملئت ظلما وجورا باخبار النبي صلى الله عليه وآله بذلك الذي رواها في كتبهم ولم ينكروها ولد بسر من رأى يوم الجمعة ليلا خامس عشر شهر شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين وامه ريحانه ويقال لها نرجس ويقال لها صقيل وسوسن وقيل مريم بنت زيد العلوية وغيبته الصغرى أربع وسبعون سنة وكان وكلائه على شيعته وسفرائه بينهم وبينه الذين ترد عليهم التوقيعات من جانبه أربعة عثمان ابن السعيد السمان وابنه محمد بن عثمان والحسين ابن روح النوبختي وعلي بن محمد السيمري ومن الوكلاء ببغداد حفص بن عمر المدعو بالجمال عمر بن سعيد العمري وابنه وحاجز ويقال له الوشا والبلالي وهو محمد بن علي بن بلال والعطار وهو محمد بن يحيى ومحمد بن أحمد بن جعفر ومن وكلائه من أهل الكوفة العاصمي ومن الأهواز محمد بن إبراهيم بن مهزيار ومن قم احمد ابن إسحاق ومن أهل همدان محمد بن صالح ومن الري البسامي ومحمد بن أبي عبد الله الأسدي ومن أهل أذربايجان القاسم بن العلا ومن نيشابور محمد بن شاذان وغيرهم جمع كثير وهو المتيقن ظهوره وروى أحمد بن حنبل في مسنده عن انس بن مالك ان النبي صلى الله عليه وآله كان يمر بباب فاطمة الزهراء ستة أشهر إذا خرج إلى صلاة الفجر ويقول الصلاة يا أهل البيت انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا وفي صحيح البخاري من مسند أبي السرداء قالت أم الدرداء دخل على أبو الدرداء وهو مغضب فقلت له ما أغضبك فقال والله ما اعرف من أمة محمد شيئا الا انهم يصلون جميعا وروى البغوي في كتاب المصابيح في حديث طويل في صفة الحوض قال قال رسول الله انا فرطكم على الحوض من مر علي شرب ومن شرب منه لم يظمأ ابدا وليردن علي أقوام أعرفهم ويعرفوني ثم يحال بيني وبينهم فأقول انهم أمتي فيقال انك ما تدري ما أحدثوا بعدك فأقول لهم سحقا لمن غير بعدي وقد رووا في صحاحهم من شكوى النبي صلى الله عليه وآله منهم ومن مخالفتهم له أشياء كثيرة لو عددناها لطال الكلام وكفاك أبين شاهد ان تجردت عن العصبية النظر في بعض المناقب التي لأمير المؤمنين والمثالب التي لأعدائه لعنهم الله واما القسم الأول وهي المناقب فلا تحصى كثيرة روى احطب (اخطب) خوارزم من الجمهور باسناده إلى ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لو أن الرياض أقلام والبحر مداد والجن حساب والانس كتاب ما احصوا فضائل علي عليه السلام وروى اخطب خوارزم أيضا عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال إن الله تبارك وتعالى جعل لاخي علي بن أبي طالب فضايل لا تحصى كثيرة فمن ذكر فضيلة من فضائله مقرا بها غفر الله له ما تقدم من ذنبه و ما تأخر ومن كتب فضيلة من فضائله لم تزل الملائكة تستغفر له ما بقى لتلك الكتابة رسم ومن استمع فضيلة من فضائله غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالاستماع ومن نظر إلى كتاب فيه فضيلة من فضائل علي عليه السلام غفر الله له الذنوب التي اكتسبها بالنظر ثم قال النظر إلى علي عليه السلام عبادة وذكره عبادة ولا يقبل الله ايمان عبد الا بولايته والبرائة من أعدائه وروى اخطب خوارزم من علماء الجمهور عن ابن مسعود ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال لما خلق الله ادم عليه السلام ونفخ فيه روحه عطس فقال الحمد لله فأوحى الله تعالى عبدي حمدني فوعزتي وجلالي لولا عبدان أريد ان أخلقهما في دار الدنيا ما خلقتك فقال إلهي فيكونان مني قال نعم يا ادم ارفع رأسك وانظر فرفع رأسه وإذا مكتوب على العرش لا إله إلا الله محمد نبي الرحمة وعلي مقيم الحجة من عرف حق علي زكى وطاب ومن أنكر حقه لعن وخاب أقسمت بعزتي وجلالي ان ادخل الجنة من اطاعه وان عصاني وأقسمت بعزتي وجلالي ان ادخل النار من عصاه وان أطاعني وكان السر ان من اطاعه تمت عقائده ولا يلزم ذلك فيمن أطاع الله وذكر البغوي في الصحاح عن أبي الحمراء قال قال النبي من أراد ان ينظر إلى ادم عليه السلام في علمه والى نوح في فهمه والى يحيى في زهده والى موسى في بطشه فلينظر إلى علي بن أبي طالب وروى البيهقي باسناده إلى النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من أراد ان ينظر إلى ادم عليه السلام في علمه والى نوح عليه السلام في تقواه والى إبراهيم عليه السلام في حلمه والى موسى في هيبته والى عيسى في عبادته فلينظر إلى علي ابن أبي طالب وروى الترمذي في صحيحه عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال انا مدينة العلم وعلي بابها وذكر البغوي في الصحاح عنه صلى الله عليه وآله أنه قال انا دار الحكمة وعلي بابها وروى عنه صلى الله عليه وآله أنه قال أقضاكم علي عليه السلام وإذا أردت بيان فضائله على التفصيل وحصر عددها فقد طلبت محالا كما اذنبته الرواية السابقة لكن نشير إلى بعض منها وما أحسن قول الشافعي في هذا الباب حيث قيل له صف لنا عليا عليه السلام فقال ما أقول في رجل أخفت أعدائه مناقبه حسدا وأوليائه خوفا وظهر من بين ذين وذين ما به ملؤ الخافقين ولقد أجاد ابن أبي الحديد المعتزلي قال ما أقول في رجل أقر له أعداؤه بالفضل ولم يمكنهم جحود مناقبه ولا كتمان فضائله وقد علمت أنه استولى بنوا أمية على سلطان الاسلام في شرق الأرض وغربها واجتهدوا بكل حيلة ان يطفئوا نوره والتحريف عليه ووضع المعايب والمثالب له ولعنوه على جميع المنابر وتوعدوا مادحيه بل حبسوهم وقتلوهم و منعوا رواية حديث تتضمن له فضيلة أو ترفع له ذكرا حتى منعوا ان يسمى أحد باسمه فما زاده ذلك الا رفعة وسموا كالمسك كلما ستر انتشر عرفه وكلما كتم تصوغ نشره وكالشمس لا تستر بالبراح وكضوء النهار ان حجبت عنه عين واحدة أدركه عيون كثيرة أخرى وما أقول في رجل تعزى إليه كل فضيلة وتنتمي إليه كل فرقة وتجاد به (وتجادل به) كل طائفة فهو رأس الفضائل وينبوعها وأبو غدرها وسابق مضمارها ومجلى حليتها كل من بزع (بزغ) فيها فمنه اخذ وله اقتفى وعلى شاله احتذى وانتهى وان أردت تفصيل بعض فضائله فاولها الاخبار بالمغيبات وهو القائل سلوني قبل ان تفقدوني فوالله لا تسئلوني عن فئة تضل باية وتهتدي باية الا نبأتكم بناعقها وسائقها وقائدها إلى يوم القيمة فقام إليه رجل فقال اخبرني كم على رأسي من طاقة شعر فقال له لولا أن الذي سئلت عنه يعسر برهانه لأخبرتك وان في بيتك سخلا يقتل ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وكان ابنه صغيرا وهو الذي تولى قتل الحسين عليه السلام وأخبر بقتل ذي الثدية من الخوارج وعدم عبورهم النهروان لما أخبر
Página 13
بالعبور وعن قاتل نفسه وتقطيع يدي جويرية وصلبه فوقع في أيام معاوية لعنه الله وبصلب ميثم التمار واراه النخلة التي يعذب عليها فكان ذلك من عبيد الله بن زياد لعنهما الله وتقطيع يدي رشيد الهجري ورجليه فصنع به ذلك وبقتل قنبر فقتله الحجاج وبأفعال الحجاج التي صدرت منه وأخبروه بموت خالد بن عرفطة فقال عليه السلام لم يمت وسيقود جيش ضلالة وصاحب لوائه حبيب بن جمار فقام إليه حبيب بن جماز (جمار) وقال اني لك محب فقال إياك ان تحمل اللواء ولتحملنها وتدخل من هذا الباب يعني باب الفيل فلما كان زمان الحسين عليه السلام جعل ابن زياد خالدا على مقدمة عمر بن سعد وحبيب صاحب لوائه وقال للبراء بن غارب يقتل ولدي الحسين عليه السلام وأنت حي لا تنصره فكان ذلك ولما اجتاز بكربلا في وقعة صفين قال عليه السلام هذا والله مناخ ركابهم وموضع قتلهم وأخبر بعمارة بغداد وملك بني عباس واخذ هلاكو دولتهم وكان ذلك السبب في سلامة الحلة والنجف وكربلا منه لان والد العلامة وابن طاوس وابن أبي العزا أخذوا منه الأمان قبل الفتح وذهب إليه والد العلامة لطلب الأمان فقال كيف تأخذ الأمان قبل الفتح فقال علمنا أن الفتح لك باخبار أمير المؤمنين وكفى بالملاحم المنسوبة إليه كخطبة البصرة ونحوها إلى غير ذلك ثانيها استجابة الدعاء فإنه دعى على انس بن مالك بالبرص حين جحد الشهادة على خبر الغدير فأصابه البرص ودعى على مغيرة بالعمى لنقل اخباره إلى معوية فعمى ودعى برد الشمس فردت مرتين وروى ستون مرة ودعى على الماء لما خاف أهل الكوفة الغرق فجف الماء حتى ظهرت الحيتان وكلمته الا الجري والمارماهي والزمار فتعجب الناس ثالثها شرف النسب وهو غني عن البيان رابعها فضيلة المصاهرة وهو الذي اختص ببنت رسول الله بعد أن خطبها الشيخان وردهما النبي صلى الله عليه وآله كما نقله الجمهور وخص بالحسنين عليهما السلام وجعلت منه العترة الطاهرة خامسها جامعية العلوم باقسامها وساير العلماء راجعون إليه ومستمسكون به ومعتمدون عليه إما الشيعة فرجوعهم إليه واضح واما المعتزلة فأولهم أبو هاشم وهو تلميذ أبيه وأبوه تلميذه عليه السلام واما الأشاعرة فينتهون إلى أبي الحسن الأشعري وهو تلميذ الجبائي أبي على وأبو علي أحد مشايخ المعتزلة هذا حال المتكلمين واما الفقهاء الأربعة فالحنفية إلى الحنفي وهو تلميذ الصادق عليه السلام ينتهى إليه والشافعية إلى الشافعي وهو تلميذ محمد بن الحسن ومحمد بن الحسن تلميذ أبي حنيفة واما الحنابلة فإلى احمد ابن حنبل وهو تلميذ الشافعي واما المالكية فإلى مالك وهو تلميذ ربيعة وربيعة تلميذ عكرمة وعكرمة تلميذ ابن عباس وابن عباس تلميذ علي عليه السلام واما المفسرون فمرجعهم إما إليه أو إلى تلميذه ابن عباس واما أهل الطريقة فإليه ينتهون كما صرح به الشبلي والجنيد والسرمي وأبو زيد البسطامي ومعروف الكرخي وغيرهم واما (علماء) العربية فإليه يرجعون لأنه المؤسس لعلم العربية حيث املى على أبي الأسود الدئلي جوامعه من جملتها الكلام كله ثلاث أشياء اسم وفعل وحرف ومن جملتها تقسيم الكلمة إلى معرفة ونكره وتقسيم وجوه الاعراب إلى رفع ونصب وجر وجزم واما الشجاعة فإنه عليه السلام انسى ذكر من كان قبله ومحيى اسم من يأتي بعده ومقاماته في الحروب مشهورة تضرب بها الأمثال إلى يوم القيامة وهو الذي ما فر قط ولا ارتاع ولا بارز أحدا الا قتله ولا ضرب ضربة فاحتاج إلى ثانية وفي الحديث كانت ضرباته وترا وافتخر ابن الزبير بوقوفه في الصف المقابل لعلي ومقالة معوية لابن العاص حيث أشار عليه بمبارزة علي عليه السلام مشهورة ومقالة أخت عمرو بن عبد ود لو كان قاتل عمرو غير قاتله بكيته ابدا ما دمت في الأبد لكن قاتله من لا نظير له وكان يدعى أبوه بيضة البلد في القوة يضرب به المثل قال ابن قتيبة ما صارع أحدا الا صرعه وهو قالع باب خيبر وقالع هبل من أعلى الكعبة وقالع الصخرة العظيمة فخرج الماء من تحتها وله من المواقف الكريمة والمشاهد العظيمة في الغزوات في زمن النبي صلى الله عليه وآله وبعده ما تحير به الأذهان وما يستحيل صدوره من ساير افراد الانسان منها (فمنها) غزوة بدر بعد ثمانية عشر شهرا من قدومه إلى المدينة وروى الواقدي ان القتلى فيها من المشركين تسعة وأربعون تفرد علي عليه السلام بثمانية عشر وشارك في أربعة منهم ونقل علماء العامة والخاصة ان القتلى أكثر من ذلك وانه عليه السلام قتل ستة وثلثين منهم من الأبطال وأسمائهم مرسومة في كتب التواريخ ومنها غزوة أحد وكان عمره عليه السلام أقل من تسع وعشرين سنة وفيها قتل حمزه قالوا وقد فر المسلمون الا ثلثة أولهم علي عليه السلام وقيل بل فروا جميعا سوى علي ونقل أرباب المغازي ان القتلى من المشركين اثنان وعشرون رجلا وقتل علي عليه السلام منهم تسعة وذكر أهل السير قتلى أحد من المشركين وذكروا ان جمهورهم قتلى علي عليه السلام وهم اثنى عشر وروى العامة والخاصة ان في هذه الواقعة سمع النداء لا سيف الا ذو الفقار ولا فتى الا علي ورواه عاصم ابن ثابت ومنها غزوة الخندق وقد كان مقدامها وقتل فيها ابن ود وابنه حبل واضطرب المشركون لقتله وقتل ابنه وآلوا إلى الشتات وسئل ربيعة حذيفة عن علي عليه السلام ومناقبه (فقال حذيفة صح) وما تسئلني والذي نفسي بيده لو وضعت أصحاب محمد منذ بعث الله إلى يوم القيمة في كفة ووضع عمل علي عليه السلام يوم قتل ابن ود في كفة أخرى لرجح عمل علي عليه السلام على أعمالهم فقال ربيعة هذا المدح الذي لا يقام له ولا يقعد ومنها غزوة بني النظير وهو سبب الفتح فيها فإنه جاء بطل من اليهود وضرب القبة المضروبة على النبي صلى الله عليه وآله ورجع حتى إذا جاء الليل فقدوا عليا عليه السلام فأخبر النبي صلى الله عليه وآله فقال إنه فيما يصلح شأنكم فما لبث قليلا حتى القى رأس اليهودي الذي ضرب القبة بين يدي النبي فقال له كيف ظفرت به فقال علمت أنه شجاع ما اجراه ان يخرج ليلا يطلب غيره فكنت (فكمنت) له فوجدته اقبل ومعه تسعة فقتلته وافلت أصحابه فأخذ علي بعض الأصحاب وتبعهم فوجدهم دون الحصن فقتلهم وأتى برؤوسهم و كان ذلك سبب الفتح ومنها غزوة بني قريظة وكان سبب فتحهم حيث إنه عليه السلام وقد (وفد) إلى حصنهم فقالوا جاءكم قاتل عمرو فحاصرهم النبي صلى الله عليه وآله خمسة وعشرين يوما فجاء الفتح ومنها غزوة بني المصطلق وقتل فيها علي مالكا وابنه وسبى علي جويرية بنت الحرث بن أبي ضرار فجاء بها إلى النبي فاصطفاها لنفسه فجاء أبوها إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال يا رسول الله ان ابنتي لا تسبي انها امرأة كريمة فقال اذهب فخيرها فقال لقد أحسنت وأجملت
Página 14
واختارت الله ورسوله فاعتقها وجعلها في جملة أزواجه ومنها غزوة الحديبية وكان أمير المؤمنين عليه السلام كتب بين النبي وبين سهل بن عمرو فقال النبي صلى الله عليه وآله اكتب يا علي فكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهل هذا كتاب بيننا وبينك فافتحه بما نعرفه واكتب باسمك اللهم وامح ما كتبت فقال النبي صلى الله عليه وآله امح يا علي فقال علي لولا طاعتك لما محوتها فمحاها وكتب علي بسمك اللهم فقال له النبي صلى الله عليه وآله اكتب هذا ما قاضى عليه رسول الله صلى الله عليه وآله فقال سهل لو أجبنك (أجبتك) في الكتاب لا قررت برسالتك امح هذا واكتب اسمك فامر النبي عليا بمحوه فقال علي عليه السلام ان يدي لا تطيع فاخذ النبي يد علي فوضعها عليه فمحاها فقال صلى الله عليه وآله لعلي انك ستدعى إلى مثلها فتجيب على مضض وفي هذه الغزوة طلب النبي صلى الله عليه وآله الماء فكل من يذهب بالروايا يرجع خاليا حتى ذهب علي عليه السلام فملا الروايا واتى به وعجب الناس وفي هذه الغزوة اقبل سهل بن عمرو إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال للنبي صلى الله عليه وآله إن أرقائنا لحقوا بك فارجعهم إلينا فغضب صلى الله عليه وآله وقال لتنتهن يا معشر قريش أو ليبعثن الله عليكم رجلا امتحن الله قلبه للايمان يضرب رقابكم على الدين فقال بعض من حضر أبو بكر قال لا قيل عمر قال لا قال صلى الله عليه وآله ولكنه خاصف النعل في الحجرة فنظروا فإذا بعلي عليه السلام يخصف نعل رسول الله صلى الله عليه وآله في الحجرة وقد ورد هذا المضمون في عدة روايات منها غزوة خيبر وقد روى عبد الملك بن هشام في كتاب السيرة النبوية يرفعه إلى ابن الأكوع عن النبي صلى الله عليه وآله انه نهض برايته إلى بعض حصون خيبر أبا بكر فقال صلى الله عليه وآله ورجع خائبا ثم بعث عمر فكان كذلك فقال لا عطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله يفتح الله على يديه كرارا ليس بفرار فدعى عليا عليه السلام وكان أرمد فتفل في عينيه ثم قال خذ هذه الراية وامضى حتى يفتح الله عليك وفيها عن أبي رافع ان عليا عليه السلام لما دنى من الحصن ضربه يهودي بحجر فسقط ترسه من يده فتناول باب الحصن وتترسه حتى فتح الله على يديه وألقاه من يده قال كان معي سبعة نفر وانا ثامنهم فجهدنا ان نقلب الباب فلم نقدر وقيل وكان الذي يغلقه عشرون رجلا وأراد المسلمون نقل الباب فلم ينقله الا سبعون رجلا ومنها غزوة الفتح وفيها أمر النبي صلى الله عليه وآله سعد بن عباده باعطاء الراية لعلي وفيها أرسله النبي لاخراج كتاب كتبه حاطب بن أبي بلتعة إلى أهل مكة يعرفهم فيه مجيئ النبي صلى الله عليه وآله إليهم وكان ابن أبي بلتعة أعطاه جارية سوداء وأمرها ان تأخذ على غير الطريق وكان معه الزبير فطلبا المكتوب فلم يجده فأراد الزبير الرجوع فقال علي عليه السلام يخبرني رسول الله بأنه عندها ويحلف معاذ الله فاخذ الجارية و تهددها بالذبح فأخرجت الكتاب من عقبصتها وفيها قتل علي عليه السلام الحويرث بن نفيل وأراد قتل جماعة اجارتهم أم هاني فشكت إلى رسول الله فعفى عنهم لقربها من علي ومنها غزوة حنين وفيها عجب أبو بكر من كثرتهم حتى نزلت فيه الآية وقد فر المسلمون سوى تسعة من بني هاشم اقدمهم علي وهو واقف بين يدي النبي وقد قتل فيها من المشركين أربعين رجلا فوقع فيهم القتل والأسر ومنها غزوة السلسلة وذلك أنه أخبر النبي صلى الله عليه وآله ان المشركين أرادوا بيته في المدينة فاستدعى أبا بكر فأرسله إلى الوادي الذي هم فيه فلما وصلهم كمنوا له وخرجوا إليه فهزموه وكذلك ذهب بعده عمرو بن العاص لأنه قال انا اذهب إليهم الحرب خديعة فذهب وخرج ورجع منهزما فساد إليهم أمير المؤمنين عليه السلام يكمن بالنهار ويسير بالليل فكبسهم بالليل وهم غافلون فاستولى عليهم ومنها غزوة تبوك وفيها خرج أمير المؤمنين عليه السلام فخرج لمبارزته عمرو بن معدي كرب فولى منهزما وقتل أخاه وابن أخيه وسبى امرأته ونساء غيرها واصطفى لنفسه جارية فوشوا به إلى رسول الله ظانين انه يغصب لمكان فاطمة عليها السلام فقال النبي صلى الله عليه وآله أنه يحل لعلي عليه السلام من الفيئ ما يحل لي واما حروبه في زمن خلافته فمنها وقعة الجمل بينه عليه السلام وبين (جند) عايشه وكان رئيسهم طلحة والزبير اللذان حركاها على الحرب وحسنا لها الطلب بذم عثمان بعد إن كانت تقول اقتلوا نعثلا قتله الله فقيل لها في ذلك فقالت قلت لهم وما فعلوا حتى تاب وصار كسبيكة الفضة ثم إنه لما تلاقى الفريقان قتل من أصحاب الجمل ست عشر ألفا وسبع مائه وتسعون وكانوا ثلثين ألفا وقتل من أصحاب علي الف وسبعون رجلا وكانوا عشرين ألفا وكان قتلى علي عليه السلام منهم ما لا يحصى ومنها وقعة صفين وقد أقامت اشهورا (شهورا) عديدة وكان من عظيم مواقعها ليلة الهرير وكان أولها المسابقة واخرها الملاقاة بالأبدان وكان لعلي عليه السلام فيها قتلى كثيرة وكلما قتل واحدا كبر فحسب له فيها خمس مائة وثلثين أو عشرين تكبيرة على عداد القتلى وقيل عرف قتلاه بالنهار فان ضرباته كانت على وتيرة واحده ان ضرب طولا قد وان ضرب عرضا قط وكانت كأنها مكواة بالنار وكان من جملة من قتل مع علي عليه السلام عمار الذي قال فيه النبي صلى الله عليه وآله تقتله الفئة الباغية ومنها وقعة النهروان مع الخوارج وكانوا اثنى عشر ألفا فكلمهم علي عليه السلام وناظرهم فرجع منهم ثمانية آلاف وبقى أربعة آلاف وكان رئيسهم ذي الثدية فقاتلهم عليه السلام فقتلهم ولم يفلت منهم سوى تسعة رجلان هربا إلى سبحسان (سجستان) من الخراسان وفيها نسلهما واثنان إلى بلاد عمان وبهما نسلهما واثنان إلى اليمن وفيها نسلهما وهم الأباضية وآخران إلى بلاد الجزيرة إلى قرب شاطئ الفرات واخر إلى تل معدن وكان عليه السلام هو الذي قتل فيه الأبطال وخذل الرجال وكان من شجاعته انها تعد من أعظم المعاجز فان له من الخصايص ما لم يكن لاحد ولا يكون مدى الأبد فإنه على كثرة حروبه وعظم مواقفه ما صرعه أحد ولا ولى منهزما ولا جرح أحدا وسلم من جراحته ولا قاد جيشا الا وكان النصر معه ولا أجرح جراحة أردته ولا هاب الاقران ولا خاف النزال فهو معدوم النظير في الشجاعة لا يماثله أحد واما الزهد فقد كان عليه السلام أزهد الخلق بعد النبي صلى الله عليه وآله كما شهد بذاك عمر بن عبد العزيز وروى سويد بن غفلة انه دخل عليه فوجد بين يديه صفحة لبن عظيم الرايحة من شدة الحموضة وفى يده رغيف يرى قشار الشعير في وجهه وهو يكسره بيده أحيانا فإذا عسر عليه كسر بركبتيه وكنس بيت المال يوما ورشه وهو يقول يا صفراء
Página 15
غري غيري يا بيضاء غري غيري ثم تمثل هذا جناي وخياره فيه إذ كل جان يده إلى فيه وكان (ع) أخشن الناس مأكلا وملبسا قال عبيد الله ابن أبي رافع دخلت عليه يوم عيد فقدموا جرابا مختوما فوجدنا خبز الشعير فيه يابسا مرضوضا فاكل وختم فقلت يا أمير المؤمنين لم تختمه فقال خفت هاذين الولدين يعني الحسنين ان يلثاه بسمن أو زيت وكان ثوبه مرقوعا بجلد تارة وبليف أخرى وكان يلبس الكرابيس الغليظة فإذا وجد كمه طويلا قطعه بشفرة ولم يخطه وكان لا يزال متساقطا على ذراعيه حتى بقى سدى بلا لحمه وكان يأتدم بخل وملح ان ائتدم فان ترقى عن ذلك فببعض نبات الأرض فان ارتفع ذلك فبشئ من البان الإبل ولا يأكل الا قليلا وكان عليه السلام يقول لا تجعلوا بطونكم مقابر للحيوانات وهو الذي طلق الدنيا ثلاثا وكانت الأموال تجيئ إليه مما عدى الشام فيفرقها ويمزقها ويقول هذا جنائي وخياره فيه إذ كل جان يده إلى فيه وكان يطوي يومين أو ثلثه من الجوع ويشد حجر المجاعة على بطنه الشريف وكان فراشه التراب ووساده الحجر ومن خبر ضرار بن ضمره الضبابي عند دخوله على معوية وسئله عن أمير المؤمنين قال فاشهد لقد رايته في بعض مواقفه وقد ارخى الليل سدوله وهو قائم في محرابه قابض على لحيته يتململ تململ السليم اي الملسوع ويبكي بكاء الحزين وهو يقول يا دنيا إليك عني أبي تعرضت أم إلي تشوقت لا حان حينك هيهات هيهات غرى غيري لا حاجة لي فيك قد طلقتك ثلاثا لا رجعت لي فيك فعيشك قصير وخطرك يسير واملك حقير اه من قلة الزاد وطول الطريق وبعد السفر وعظم المورد فقال له معوية لعنه الله يا ضرار صف لي عليا عليه السلام فقال له اعفني من ذلك فقال ما أعفيك يا ضرار قال ما أصف منه كان والله شديد القوى بعيد المدى ينفجر العلم من انحائه والحكمة من ارجائه يستوحش من الدنيا وزهرتها ويأنس بالليل ووحشتها لا يطمع القوي في باطله ولا ييأس الضعيف من عدله حسن المعاشرة سهل المباشرة خشن الماكل قصير الملبس غزير العبرة طويل الفكرة يقلب كفه ويحاسب نفسه وكان فينا كأحدنا يجيبنا إذا سألناه ويبتدأنا إذا سكتنا ونحن مع تقريبه إلينا أشد ما يكون صاحب لصاحبه هيبته لا نبتدئه الكلام لعظمه يحب المساكين ويقرب أهل الدين واشهد لقد رايته في بعض مواقفه وقد ارخى الليل سدوله وغارت نجومه قابضا على لحيته يتململ تململ السليم اي الملسوع ويبكي بكاء الحزين ويقول يا دنيا يا دنيا غري غيري أبي تعرضت أم بي تشوقت هيهات هيهات قد طلقتك ثلاثا لا رجعة لي فيك فعمرك قصير وخطرك حقير اه من قلة الزاد وبعد السفر ووحشة الطريق فبكى معوية لعنه الله وقال رحم الله أبا الحسن كان والله كذلك فكيف حزنك عليه يا ضرار قال حزن من ذبح ولدها في حجرها وغير ذلك كثير جدا واما العبادة فقد كان أعبد الناس وأكثرهم صلاة وصوما وكان يصلي في كل ليلة الف ركعة ومنه تعلم الناس النافلة والأوراد وكان يحفظ القران ولا حافظ هناك غيره وما ظنك برجل يبلغ من محافظته على ورده انه تبسط له نطع بين الصفين ليلة الهرير فيصلي عليه ورده والسهام تقع بين يديه وعن جانبيه فلا يرتاع لذلك وبلغ في العبادة إلى حيث يؤخذ النشاب من جسده عند الصلاة وكان زين العابدين عليه السلام يصلي في الليل الف ركعة ثم يلقى صحيفته ويقول انى لي بعبادة علي وهو الذي كان يقول والله ما عبدتك خوفا من نارك ولا طمعا في جنتك ولكن وجدتك أهلا للعبادة فعبدتك وكانت جبهته كثفنة البعير لكثرة طول السجود وقيل لعلي بن الحسين عليه السلام وهو أعبد العباد كيف عبادتك من عبادة علي فقال عبادتي منه كعبادته عليه السلام من رسول الله صلى الله عليه وآله ومن تأمل في دعواته ومناجاته واوراده المنقولة عنه وصلواته ظهر ذلك له كل الظهور واما الحلم فكان عليه السلام أحلم الخلق وأشدهم عفوا و ينبئ عن ذلك عفوه عن عايشة بعدما فعلت فعلها الشنيع وعفوه عن عبد الله ابن الزبير وكان أشد الناس له عداوة وعفوه عن سعيد بن العاص بعد ظفره به وعن أهل البصرة بعد انكسار شوكتهم ونادى مناديه لا يجهز على جريح ولا يتبع مدبر ولا يقتل مستأسر ومن القى سلاحه فهو امن ولم يأخذ اثقالهم ولا سبى ذراريهم وعن عسكر معوية لما منعوه من الماء فوقع عليهم وكشفهم عنه بعد المقاتلة العظيمة فشكوا إليه العطش فامر أصحابه بتخلية الشريعة لهم وقال في حد السيف ما يغني عن ذلك واما الفصاحة فهو امام الفصحاء وسيد البلغاء وفي كلامه قيل إنه فوق كلام المخلوقين ودون كلام الخالق وقيل في ذلك أنه لو لم يكن في البرية قران لكان نهج البلاغة قرآنهم وفي النظر في خطبه ومواعظه ومناجاته ودعواته ما يغني عن البرهان ولما قال محقن ابن أبي محيقن لمعوية جئتك من عند اعياء العرب يعنى عليا عليه السلام فقال له معوية ويحك والله ماسن الفصاحة لقريش غيره واما حسن الأخلاق وطلاقة الوجه فهى معروفة فيه حتى عابه أعدائه وقد قال في ذلك عمرو بن العاص انه ذو دعابة شديدة وقد اخذها من عمر حيث قال لعلي عليه السلام لله أبوك لولا دعابة فيك وقال معوية لقيس بن سعد رحم الله عليا عليه السلام كان هشاشا بشاشا ذا فكاهة فقال قيس كان رسول الله يمزح ويتبسم مع أصحابه انه والله لكان من تلك الفكاهة والطلاقة أهيب من ذي لبد قد مسه الطوى تلك هيبته التقوى لا كما يهابك طغاة أهل الشام قال ابن أبي الحديد وقد بقى هذا الخلق متوارثا في محبيه إلى الان كما بقى الجفاء والخشونة والوعورة في الجانب الآخر واما حاله سلام الله عليه في الرأي والتدبير وحسن السياسة فمعلوم لمن تأمل في مواقعه ومشاهده وخصوصا بعد ما صدر بعد استقامة الامر له وكانت تعظمه الفلاسفة وتصور ملوك الإفرنج والروم صورته في بيتها وبيوت عباداتها حاملا سيفه مشمرا للحرب وتصورها ملوك الترك والديلم على أسيافها وكانت على سيف عضد الدولة بن بابويه وسيف الله ركن الدولة وعلي سيف البارسلان وسيف ابنه ملك شاه واما السخاوة والجود في الله صلوات الله عليه فيه ظاهر كان يصوم ويظوى ويؤثر زاده وروى أنه لم يملك إلا
Página 16
أربعة دراهم فتصدق بواحدة ليلا وبدرهم نهارا وبدرهم سرا وبدرهم علانية وروى أنه يستقى بيده نخل قوم من يهود المدينة حتى نحلت يده ويتصدق بالأجرة ويشد على بطنه حجرا قال الشعبي انه كان أسخى الناس ما قال لسائل لا قط وقال معوية ابن أبي سفيان لمحقن ابن أبي محقن الظبي لما قال له جئتك من عند أبخل الناس يعني عليا عليه السلام قال له ويحك كيف تقول انه أبخل الناس ولو ملك بيتا من تبن و بيتا من تبر لا نفذ تبره قبل تبنه وهو الذي يكنس بيت الأموال ويصلي وهو الذي قال يا صفراء يا بيضاء غريا (غري) غيري وهو الذي لم يخلف ميراثا إلى غير ذلك من الفضايل والكرامات واما رتبته في الآخرة فإنها لا تكون لنبي صلى الله عليه وآله أو وصي نبي لأنه صاحب الحوض واللواء والصراط والاذن وروى الخوارزمي عن ابن عباس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله لا يدخل الجنة الا من جاء بحوار (بجوار) من علي بن أبي طالب عليه السلام وعن ابن عباس أيضا قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان يوم القيامة أمر الله جبرائيل ان يجلس على باب الجنة فلا يدخلها الا من معه براءة من العذاب من علي بن أبي طالب عليه السلام وعن جابر بن سمرة قال قيل يا رسول الله (من) صاحب لوائك في الآخرة قال صاحب لوائي في الآخرة صاحب لوائي في الدنيا علي بن أبي طالب عليه السلام وعن عبد الله ابن انس قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله إذا كان يوم القيمة ونصب الصراط على شفير جهنم لم يجر عليه الا من كان معه كتاب بولاية علي بن أبي طالب ولمحبيه أيضا المرتبة العالية ففي مسند ابن حنبل عن النبي صلى الله عليه وآله انه اخذ بيد الحسنين عليهما السلام وقال من أحبني وأحب هذين وأحب أباهما وأمهما كان معي في درجتي يوم القيمة وعن حذيفة قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله من أحب ان يتمسك بقبضته الياقوت التي خلقها الله تعالى ثم قال كوني فكانت فليتول علي بن أبي طالب عليه السلام من بعدي وقال رسول الله صلى الله عليه وآله لو اجتمع الناس (على حب) علي عليه السلام لم يخلق الله النار وقال صلى الله عليه وآله حب علي حسنة لا يضر معها سيئة وبغض علي سيئة لا تنفع معها حسنة وعن سلمان قال سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول من أحب عليا فقد أحبني ومن أحبني فقد أحب الله ومن أبغضني فقد أبغض الله ومن أبغض عليا عليه السلام فقد أبغضني وروى احطب خوارزم عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من أحب عليا عليه السلام قبل الله صلاته وصومه واستجاب دعائه الا ومن أحب عليا عليه السلام أعطاه الله بكل عرق في بدنه مدينة في الجنة الا ومن أحب آل محمد فانا كفيله في الجنة مع الأنبياء الا ومن أبغض آل محمد جاء يوم القيمة مكتوبا بين عينيه آيس من رحمة الله وفي مناقب الخوارزمي عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال من غضب عليا عليه السلام بعدي فهو كافر وقد حارب الله ورسوله وعن معوية بن وجيس القشري قال سمعت النبي صلى الله عليه وآله يقول لعلي عليه السلام لا يبالي من مات ويبغضك مات يهوديا أو نصرانيا وعن انس بن مالك ان النبي صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام كذب من زعم أنه يحبني وببغضك وعن أبي هريرة ان النبي صلى الله عليه وآله قال لعلي عليه السلام وفاطمة والحسنين انا حرب لمن حاربكم وسلم لمن سالمكم وعن ابن عباس قال قال النبي صلى الله عليه وآله لعلي عليه السلام أنت سيد من في الدنيا ومن في الآخرة من أحبك أحبني ومن أحبني أحب الله وعدوك عدوي وعدوي عدو الله ويل لمن أبغضك إلى غير ذلك من الاخبار التي ملأت الأقطار وظهرت ظهور الشمس في رابعة النهار لكنها لم تبلغ عايشة أم المؤمنين المطلعة على جميع الأخبار الصادرة عن خاتم النبيين ولا بلغت معوية كاتب الوحي فكتبها ولا كتب الآيات الدالة على فضل أمير المؤمنين عليه السلام وعلى لزوم مودة أولي القربى ولا بلغت المشايخ الأوليين حتى جعلوا أمير المؤمنين عليه السلام معزولا لم يأتمنوه على أدنى الولايات وليت شعري كيف تكون محبة من لم يكن نبيا ولا إماما ايمانا (وتركها كفرا صح) وكيف تثبت هذه المرتبة الجليلة المتاخمة مع مرتبة النبوة لمن يكون كبعض الصحابة وكيف كان فالاخبار متواترة معنى ان لم يكن التواتر اللفظي على أن اعتقاد ولاية علي عليه السلام ومحبته من أصول الدين وذلك انما يجرى على أصول الشيعة واما المثالب الثابتة للقوم التي يأبى كثير منها الاسلام فضلا عن الايمان والعدالة فكثيرة لا يمكن ضبطها ولكن نذكر نبذة منها إما ما صدر من الأول أمور منها التخلف عن جيش أسامة وقد تواتر تلك (ذلك) وتواتر لعن المتخلف وللتخلف باعث معنوي يدركه كل ذي رؤية ومنها شهادة عمر ان بيعته كانت فلتة وقد أوردوها في كتبهم وتأولوها بالفجائة وقوم قالوا فتنة ومنها استقالته المشهورة وهي مروية بأنحاء مختلفة ومنها منع فاطمة الزهراء ارثها برواية مخالفة للقران وقد روى البخاري بطريقين ان فاطمة عليها السلام أرسلت تطالبه بميراثها فمنعها من ذلك فغضبت على أبي بكر وهجرته ولم تكلمه حتى ماتت ودفنها علي عليه السلام ليلا ولم يؤذن بها أبو بكر وهذا لا يكون الا من عدم انذار النبي صلى الله عليه وآله لأهل بيته فيلزم ان يكون النبي قد خالف الله تعالى في قوله تبارك وتعالى وانذر عشيرتك الأقربين لأنه لم ينذر عليا وفاطمة والحسن والحسين عليهم السلام والعباس ولا أحدا من بني هاشم الا مرتين ولا أحدا من نسائه ولا أحدا من المسلمين وروى الحافظ بن مردويه باسناده إلى عايشة انها ذكرت كلام فاطمة لأبيها وقالت في اخره وأنتم تزعمون أن لا إرث لنا أفحكم الجاهلية يبغون الآية يا معشر المسلمين انه لا ارث أبي يا ابن أبي قحافة أفي كتاب الله ترث أباك ولا ارث أبي لقد جئت شيئا فريا فدونكها مرحولة مختومة في عنقك تلقاه يوم حشرك ويوم نشرك فنعم الحكم الله تعالى والمقيم محمد صلى الله عليه وآله والموعد يوم القيامة وعند الساعة يخسر المبطلون وروى الواقدي وغيرهم من العامة ان النبي لما افتتح خيبرا اصطفى لنفسه قرى من قرى اليهود فنزل عليه جبرئيل عليه السلام بهذه الآية وآت ذا القربى حقه فقال النبي صلى الله عليه وآله ومن ذا القربى وما حقه قال جبرئيل عليه السلام فاطمة عليها السلام فدفع إليها فدك والعوالي فاستعملتها حتى توفي أبوها فلما بويع أبو بكر منعها فكلمته فقال ما أمنعك عما دفع إليك أبوك فأراد ان يكتب لها فاستوقفه عمر فقال امرأة فلتأت على ما ادعت ببينة فأمرها أبو بكر فجائت بعلي عليه السلام والحسنين عليهما السلام وأم أيمن وأسماء بنت عمير فرد شهادتهم فقال لا إما علي فإنه يجر نفعا إلى نفسه والحسنان ابناك وأم أيمن وأسماء نساء فعند ذلك
Página 17
غضبت عليه فاطمة الزهراء وحلفت أن لا تكلمه حتى تلقى أباها وتشكو إليه وهذا يدل على نهاية جهله بالأحكام على أنهما لم يكن عندهما مثقال ذرة من الاسلام وهل يجوز على الذين طهرهم الله بنص الكتاب ان يقدموا على غصب المسلمين أموالهم وان يدلهم أبو بكر على طريق الصواب فاعتبروا يا اولي الألباب مع أنه قد روى مسلم في صحيحه بطريقين ان النبي صلى الله عليه وآله قال فاطمة الزهراء بضعة مني يؤذيني من اذاها وروى البخاري في صحيحه ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال فاطمة بضعة مني من أبغضها فقد أبغضني وكذلك روى هذين الحديثين في الجمع بين الصحيحين وروى في الجمع بين الصحاح الست ان رسول الله صلى الله عليه وآله قال فاطمة بضعة مني وسيدة نساء العالمين ثم قال سيده نساء أهل الجنة وروى بطريق اخر أيضا انه صلى الله عليه وآله أنه قال الا ترضين ان تكوني سيدة نساء العالمين أو سيدة نساء أهل الجنة وروى بطريق اخر أيضا قال صلى الله عليه وآله لها الا ترضين ان تكوني سيدة نساء المؤمنين أو سيده نساء هذه الأمة وكذلك رواه البخاري في صحيحه وكذلك رواه الثعلبي ومنه احراق بيت فاطمة الزهراء لما جلس فيه علي عليه السلام ومعه الحسنان وامتنع عليه السلام عن المبايعة نقله جماعة من أهل السنة منهم الطبري والواقدي وابن حزامة عن زيد ابن أسلم وابن عبد ربه وهو من أعيانهم وروى في كتاب المحاسن وغير ذلك واما ما صدر عن الثاني فمنه قول الزمخشري في ربيع الأبرار قد تمثل بهذه الأبيات عمر وهو سكران أيخبرنا ابن كبشة ان سنحيى * وكيف حياة اصدام وهام * إذا ما الرأس سائل منكبيه فقد شبع الأنيس من الطعام * ويقتلني إذا ما كنت حيا * ويحييني إذا دمت عظامي * الا من يبلغ الرحمن عني * باني تارك شهر الصيام * فقل لله يمنعني شرابي * وقل لله يمنعني طعامي ومنه مخالفته للنبي صلى الله عليه وآله الذي لا ينطق عن الهوى في احضار الدوات والقرطاس ليكتب للمسلمين كتابا لن يضلوا بعده ابدا فقال دعوه فإنه يهجر ورواه الأكثر بلفظ ان الرجل وهذا لا يجوز ان يواجه مثل النبي الكريم ذو الخلق العظيم وقد روى ذلك مسلم في صحيحه ورواه غيره من أهل النقل وكان ابن عباس يقول إن الرزية كل الرزية ما حال بيننا وبين كتاب نبينا صلى الله عليه وآله ومنه بيعة أبي بكر وخاصم عليها بغير دليل ومنه قصد بيت النبوة وذرية الرسول صلى الله عليه وآله بالاحراق ومنه أمر رجم الحامل ورجم مجنونة فنهاه علي عليه السلام فقال لولا علي عليه السلام لهلك عمر ومنه منع المغالاة في المهر فقالت له امرأة إما تقرأ القران قال الله تبارك وتعالى فان أتيتم إحديهن قنطار الخ الآية فقال كل الناس أفقه من عمر حتى المخدرات في البيوت ومنه انه اعطى عايشة وحفصة في كل سنة عشرة آلاف درهم من بيت المال واخذ أيضا مأتي درهم فأنكر عليه الصحابة فقال اخذتها من جهة القرض ومنه انه تسور على قوم فوجدهم على منكر فقالوا له أخطأت من جهات التجسس وقد نهى الله عنه والدخول من غير الباب وقد نهى الله عنه والدخول من غير اذن وقد نهى الله عنه فدخله الخجل ومنه انه منع خمس أهل البيت وكان عليه ثمانون ألف درهم ومنه انه عطل حدود الله في المغيرة بن شعبة ولقن الشاهد الرابع فامتنع حتى كان عمر يقول إذا رآه قد خفت ان يرميني الله بحجارة من السماء وكان يتلون في احكامه لجهله حتى قضى في الحد سبعين قضية وروى مائة قضية وكان ينضل في العطاء والغنيمة ويقول في الظنون على إقامة الحدود ومنه أنه قال متعتان كانتا على عهد رسول الله وانا انهى عنهما وأعاقب عليهما وقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما من عدة طرق عن جابر وغيره كنا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق على عهد رسول الله وأبى بكر حتى نهانا عنها عمر وقد روى في الجمع بين الصحيحين نحو ذلك من عدة طرق وروى أحمد بن حنبل في مستنده عن عمران بن حصين قال نزلت متعة النساء في كتاب الله وعملناها وفعلناها مع النبي صلى الله عليه وآله ولم ينزل قران بحرمتها ولم ينه عنها حتى قبض رسول الله صلى الله عليه وآله وروى الترمذي في صحيحه قال سئل ابن عمر عن متعة النساء فقال هي حلال فقيل له ان أباك قد نهى عنها وقال دعوا نكاح هذه النساء فاني لن أوتي برجل نكح امرأة إلى أجل الا رجمته بالحجارة فقال سبحان الله إن كان أبي قد حرمها فقد سنها رسول الله (أفترك) فترك سنة رسول الله (واتبع) وتبع قول أبي ومنه قضية الشورى ونصه على ذم الستة وجعل الامر إلى ستة ثم إلى أربعة ثم إلى واحد وفيها من الامر المخترع المبتدع ما الله أعلم به ومنه صلاة التراويح جماعة وقد أجمع على انها بدعة حتى هو فإنه قال بدعة ونعم البدعة وقد قال رسول الله كل بدعة ضلالة و كل ضلالة سبيلها إلى النار إلى غير ذلك واما ما صدر من الثالث فقد يولى شراب الخمور كالوليد بن عتبه الذي دعى فاسقا بقوله تعالى أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستون الخ وبقوله تعالى ان جاءكم فاسق بنبأ وكتب إلى عدو الله عبد الله ابن أبي سرح بقتل محمد بن أبي بكر وكان ذلك سبب حصره وقتله ومنه رد مروان ابن الحكم بن أبي العاص طريد رسول الله إلى المدينة وكان عثمان قد كلم الأول والثاني في رده فلم يقبلاه وربراه ولما رده جاء علي وطلحة والزبير وأكابر الصحابة وخوفوه من الله فلم يسمع وانه كان يؤثرا هل بيته بالأموال حتى زوج أربعة أنفس من قريش ببناته ودفع إليهم أربع مائة ألف دينار من بيت مال المسلمين واعطى مروان ابن الحكم مائة ألف دينار وروى الواقدي ثلث مائة ألف دينار وهي صدقات وصناعة وروى الواقدي أيضا ان عثمان قسم أموالا بعثها إليه أبو موسى الأشعري من البصرة بين أهله وولده بالصحاف وعنه انه ضرب أبا ذر مع تقدمه في الاسلام وعلو شانه عند النبي صلى الله عليه وآله ونفاه إلى الربذة ومنه ضرب عبد الله ابن مسعود حتى كسر بعض اضلاعه فعهد ان لا يصلى عليه عثمان وقال عثمان لما عاده في مرض موته استغفر لي فقال عبد الله اسئل الله ان يأخذ لي حقي حق منك ومنه ضرب عمار بن ياسر حتى حدث به فتق بغير جرم منه الا انه ما نهاه عن بعض المناكر وكان عمار ابن ياسر من الموليين على قتله هو
Página 18
محمد بن أبي بكر وكانا يقولان قتلناه كافرا وكان عمار يقول ثلاثة يشهدون على عثمان بالكفر وانا الرابع ومن لم يحكم بما انزل الله فأولئك هم الكافرون وقيل لزيد بن أرقم بأي شئ كفرتم عثمان فقال بثلاث جعل المال دولة بين الأغنياء وجعل المهاجرين والأنصار من الصحابة بمنزلة من حارب الله ورسوله وعمل بغير كتاب الله وكان حذيفة ابن اليمان يقول ما في كفر عثمان بحمد الله شك ومن عطل الحد الواجب على عبيد الله بن عمر حيث قتل الهرمزان مسلما وكان قد أوصى عمر بقتله فدافع عنه وحمله إلى الكوفة واقطعه بها دارا أو أرضا ونقم عليه المسلمون في ذلك ومن تبرء منه كل الصحابة فكانوا بين قاتل له وراض حتى تركوه بعد قتله ثلاثة أيام بغير دفن ومنعوا من الصلاة عليه وحكم بغير ما انزل الله وبدعه أكثر من أن تحصى واما معوية فإنه سماه النبي صلى الله عليه وآله رأس الفئة الباغية باخبار النبي صلى الله عليه وآله في قتل عمار انه يدعوهم إلى الجنة و يدعونه إلى النار ومن سمى دعيا ابن دعي روى هشام ابن السائب الكلبي قال كان معوية لأربعة لعمارة ابن الوليد ولمسافر بن أبي عمر ولأبي سفيان ولرجل مسماه وكانت امه من المغنيات وكان أحب الرجال إليها السودان وكانت إذا ولدت اسود قتلته وحمامة جدة معوية كانت من ذوي الرايات في الزنا ومن دعى عليه النبي صلى الله عليه وآله فقال لا أشبع الله بطنه واستجيبت واشتهر ذلك فكان لا يشبع ومن لم يزل مشركا مدة كون النبي صلى الله عليه وآله مبعوثا يكذب الوحي ويهزء بالشرع فالتجأ إلى الاسلام لما هدر النبي صلى الله عليه وآله ولم يجد ملجأ قبل موت النبي صلى الله عليه وآله بخمسة أشهر ومن روى عبد الله بن عمر في حقه فقال أتيت النبي صلى الله عليه وآله فسمعته يقول يطلع عليكم رجل يموت على غير سنتي فطلع علينا معوية وكان النبي صلى الله عليه وآله يخطب فاخذ معوية بيد ابنه يزيد وخرج ولم يسمع الخطبة فقال النبي صلى الله عليه وآله لعن الله القائد والمقود ومن حارب عليا عليه السلام الذي جاء فيه ما تلوناه طلبا لزهرة الحياة الدنيا وزهد في الله والدار الآخرة وتعظيم علي ثبت بضرورة الدين ووجوب طاعته ثبت لكونه ولي المؤمنين ومن قتل أربعين ألفا من الأنصار والمهاجرين وأبناءهم ومن سن السب على علي عليه السلام وقد ثبت تعظيمه بالكتاب والسنة و سبه بعد موته يدل على غل كامن وكفر باطن ومن سم الحسن عليه السلام على يد زوجته بنت الأشعث ووعدها (على ذلك) مالا جزيلا وان يزوجها يزيد فوفى إليها بالمال فقط ومن جعل ابنه يزيد الفاسق ولي عهده على المسلمين حتى قتل الحسين عليه السلام وأصحابه وسبى نساءهم وتظاهر بالمناكر والظلم وشرب الخمر وهدم الكعبة ونهب المدينة وأخاف أهلها وأباح نسائها ثلاثة أيام حتى قيل إن دم الابكار سال في مسجد النبي صلى الله عليه وآله المختار وانه تولد من الزنا ما لا حصر له وكسر أبوه ثنية النبي صلى الله عليه وآله وأكلت امه كبد الحمزة ومن قتل حجرا وأصحابه بعد أن أعطاهم العهود والميثاق وقتل عمر بن الجموح حامل راية رسول الله صلى الله عليه وآله الذي أبلت العبادة وجهه من غير جرم الا خوف ان ينكروا عليه منكرا وغير ذلك واما عايشة فهي الذي خرجت إلى قتال علي عليه السلام ومن معه من الأنصار والمهاجرين بعد أن بايعه المسلمون وخالفت الله تعالى في قوله وقرن في بيوتكن فخالفت أمر الله وهتكت حجاب رسول الله وتبرجت في جيش عظيم واعتلت بدم عثمان وليست هي ولية الدم ولا لها حكم الخلافة مع أنها أكبر الموليين على قتل عثمان وكانت تقول اقتلوا نعثلا قتله الله ولما بلغها قتله فرحت بذلك فلما بايعوا عليا عليه السلام أسندت القتل إليه وقامت تطالب بدمه لبغضها عليا عليه السلام وتبعها على ذلك ما يزيد على ستة عشر ألفا حتى قتل الأنصار والمهاجرين وقد قال الله تبارك وتعالى ومن قتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم وقال النبي صلى الله عليه وآله من أعان على قتل مؤمن ولو بشطر كلمة لقى الله يوم القيامة مكتوبا على وجهه ايس من رحمة الله وهذا نص في الشمول الكاتب الوحي وأم المؤمنين وروى البخاري في صحيحه عن نافع بن عمر قال قام النبي صلى الله عليه وآله خطيبا فأشار نحو مسكن عايشة وقال الفتنة تطلع من هنا ثلثا " حيث يطلع قرن الشيطان وروى فيه أيضا قال خرج النبي صلى الله عليه وآله من بيت عايشة وقال رأس الكفر من هنا من حيث يطلع قرن الشيطان ورووا عن النبي صلى الله عليه وآله نباح كلاب الحوأب وغير ذلك وكتبهم مملوة من ذمها وذم أبيها بأحاديث النبي ورووا ان عايشة لما أحضرتها الوفاة جزعت فقيل لها تجزعين يا أم المؤمنين وأنت زوجة النبي وبنت الصديق فقالت إن يوم الجمل معترض في حلقي ليتني مت وكنت نسيا منسيا ونقل في ربيع الأبرار قال جميع ابن عمر دخلت على عايشة فقلت لها من كان أحب إلى النبي قالت فاطمة قلت لها انما أسئلك عن الرجال قالت زوجها علي بن أبي طالب عليه السلام وما يمنعه فوالله انه كان صواما قواما وقد سالت نفس رسول الله صلى الله عليه وآله بيده فردها إلى فيه اي ودخل يماثله قلت فما حملك على ما كان فأرسلت خمارها على وجهها وقالت أمر قضى علي وغير ذلك وما كفاهم فعلهم بذرية النبي صلى الله عليه وآله حتى جعلوا بيت النبي صلى الله عليه وآله مقبرة لأبي بكر وعمر وهما أجنبيان فإن كان البيت ميراثا وجب استيذان كل الورثة وإن كانت صدقة وجب استيذان المسلمين جميعهم وإن كان ملك عايشة كذبها انها لم يكن لها ولا بيها في المدينة دار وقد روى في الجمع بين الصحيحين ان النبي صلى الله عليه وآله قال ما بين منبري وبيتي روضة من رياض الجنة وروى الطبري ان النبي صلى الله عليه وآله قال إذا غسلتموني وكفنتموني فضعوني على سريري في بيتي هذا على شفير قبري ولم يقل في الموضعين وغيره بيت عايشة وغير ذلك مما ذكر لهم فبالله عليك تأمل في الحالين واستعمل جادة الانصاف في البين والله الهادي إلى الصواب وانها لا تعمى الابصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور وصف نفسك عن متابعة الهوى وموافقة الأمهات والاباء وخيل النبي صلى الله عليه وآله كأنه قبض الان وكان قد قامت تلك الغوغاء التي صدرت في ذلك الزمان واحضر أحوال (أخوال) القوم بين يديك وتوجه لأبصارها بكلتا عينيك وتفكر في الفروع والاتباع لتعلم حال الأصول وينقطع
Página 19
النزاع لعل البصرة تذكرك وجملها ينذرك وصفين تصفيك ووقعة كربلاء تكفيك واختلاف ذات البين وحصول الشقاق في الجانبين أبين شاهد على أن الحق في جانب واحد وان الحكم بحقية الطرفين اعتقاد فاسد وفقنا الله لإصابة اليقين والموافقة لرضا رب العالمين الفن الثاني فيما يتعلق ببيان بعض المطالب الأصولية الفرعية وما يتبعها من القواعد المشتركة بين المطالب الفقهية فههنا مقصدان المقصد الأول فيما يتعلق ببيان بعض المطالب الأصولية الفرعية وفيه أبحاث البحث الأول ان الآثار الصادرة عن الذوات والصفات من السمع واللمس والابصار وبرودة الثلج وتبريده والحرارة والتسخين للنار ونحوها لها مقتضيات وليست من الأمور الاتفاقيات وكذا الاحكام العادية والعرفية واحكام الامرين من السادات وجميع مفترضي الطاعات فمن اهتدى إليها بطريق العقل أو الحس ضرورة أو بالنظر حكم بثبوت مقتضياتها من غير دليل ومن خفيت عليه لم يحكم الا عن قول من يهديه إلى سواء السبيل من عارف بالعرف أو العادة أو حكيم خبير من أهل الارشاد والإفادة أو مطلع على مقاصد السادة ثم وكذا حكم الشارع بنحو من الأحكام الخمسة أو الستة لم يكن عن عبث فيلزم نقص في الذات ولا لحاجة تعود إليه فتنقص صفة الغنى من الصفات فليس الا لمصالح أو مفاسد تتعلق بالمكلفين في الدنيا أو يوم الدين فمن أدرك شيئا منها بقلبه اهتدى بذلك إلى مراد ربه فمن علم بمقتضى عقله صفة تقتضي الندب أو الإباحة أو الايجاب أو الوضع أو الكراهة أو التحريم حكم بمقتضاها من غير حاجة إلى المرشد فإنها مبنية على صفتي الحسن والقبح لكمال أو نقص أو موافقة للغرض أو مخالفة أو ملائمة للطبع أو منافرة أو استحقاق مدح أو ذم إما مقومتان للذات كما في العدل والظلم والخير والشر أو عارضتان لها من حيث هي هي أو من حيث التأثير بالعقل أو لأمور مفارقة قد تعارض ما تقدم سوى المقدم أو يعارض بعضها بعضا بسبب فاعل أو منفعل أو زمان أو مكان أو وضع أو غيرها فينسخ الراجح المرجوح فلا تثليث ويجوز ان يكون الاظهار لمجرد الاختيار ولكن هذا القسم وان جاز عقلا لكن ينفيه ظاهر الكتاب والاخبار فمن علم بالصفة ضرورة وحصول ذلك العلم معلوم بالضرورة أو بالنظر اهتدى إلى معرفة الحكم المترتب عليها فيهتدى من ذلك إلى تحسين الشارع وقبحه ثم إلى مساواته أو إلى محبة وكراهة ثم إلى محبة وجوده ثم ايجاده من المكلف أو تركه ثم الإرادة منه ثم استحقاق المدح أو الذم على فعله أو تركه ثم الامر به والنهي عنه وبذلك تقوم الحجة ثم إلى استحقاق ثوابه أو عقابه ثم إلى فعلية الثواب أو العقاب مع عدم العفو ومدار تحقق الطاعة والعبادة والمعصية والاثم على الموافقة والمخالفة للإرادة ومن نظر في أحوال الموالي والعبيد وكل مطيع ومطاع مع عود النفع إلى الطرفين أو إلى أحدهما اهتدى إلى ما ذكرناه ففي البداهة والظهور للاخفاء غنى عن الاستناد إلى لزوم افهام الأنبياء ولا يفهم من قولهم لا نعذبكم الا إذا أرسلنا إليكم رسولا ولا نؤاخذكم الا بعد البيان الا إرادة انه مع الجهل بالإرادة لا تعذيب وما ادعى من وقوع الامر بالقبيح في عدة مردود بما لا يخفى وان قصر المكلف عن ادراك المقصود انحصر الامر بالرجوع إلى أبواب الملك المعبود فيدور الخطاب أمرا ونهيا وتخييرا مدار المصالح والمفاسد المترتبة على تلك الصفات والخلو عنها وهي إما دنياوية فقط أو أخروية كذلك أو جامعة بينهما مع أصالة الأولى وضميمة الثانية أو بالعكس أو مع التساوي والغرض قد يعود إلى العامل أو إلى غيره أو إليهما معا فان تجردت للآخرة أو كانت هي الأصل فالعمل المشتمل عليها عبادة ثم منها ما هي صحيحة ويثاب عليها قرنت بالنية أو لم تقرن كالعقايد الأصولية والنية ومكارم الأخلاق وما يلتحق بها فإنها تصح ويثاب عليها من دون نية وقد يجعل مدار التسمية على مقارنة النية ولو اتفاقية فتدخل المعاملات عقودا وايقاعات وكثير من الاحكام مع الرجحان ونية التقرب وقد يراد بها ما اشترط بالنية وإن كان الأصل فيها المصالح الدنياوية فيدخل فيها الوقف والعتق ونحوهما أو يراد منها ما قرن بالنية وان لم تكن شرطية مع الوضع للمصالح الأخروية وتعرف بما اشترطت بالنية وضعت للمصالح الأخروية فتكون جامعة للصفتين و هي العبادة الصرفة ويحتمل الاشتراك اللفظي بين المعاني أو بعضها والمعنوي كذلك والظاهر أن الحقيقي من المعاني هو العبادة الصرفة وما عداها معاني مجازية ويقابلها المعاملات والاحكام والفرق بينهما ان المعاملات تتوقف على ألفاظ تفيد المراد منها أو ما يقوم مقامها وان ثبوتها جعلي لا أصلي بالزام سماوي بخلاف الاحكام وتنقسم إلى قسمين عقود وايقاعات والفرق بينهما ان العقود مشتملة على العقد والربط ولا تقع الا من متعدد حقيقة أو حكما وتتوقف على خطابين ورضى من الطرفين وايجاب وقبول أو ما يقوم مقامهما بخلاف الايقاعات وقد تتداخل أبحاثها بعض في بعض لجهة جامعة بينها في مواضع كثيرة تعلم بالاستقراء فجملة مباحث الفقه مقصودة على أقسام أربعة البحث الثاني انه قد علم من تتبع السير والآثار والنظر في الطريقة المشهورة على مرور الدهور والاعصار ان كل من عني بتفهيم المعاني الكثيرة الدوران لعامة آحاد نوع الانسان أو لخصوص صنف منه كائنا من كان التزم بوضع المباني لتلك المعاني لكثرة حصول الاجمال في المجازات (وتحمل) وتجمل المؤنة بنصب القرائن وخفائها في أكثر الأوقات ولذلك أمر ادم بوضع الأسماء والتزم الاباء بوضع الاعلام للبنات والأبناء وأرباب العلوم بجملتها عقليتها ونقليتها بوضع الأسماء للمعاني المتكررة في مصنفاتهم المتكثرة الدوران في مناظراتهم ومخاطباتهم وأهل الصنايع في متعلقات صناعتهم وذوي الأعمال في ما يتعلق بعمالتهم والامراء في متعلق امارتهم والأنبياء والأوصياء
Página 20
في متعلق نبوتهم وإمامتهم فمن سلك جادة الانصاف علم أن الشارع أولي وأحرى بمراعاة الحكمة في رفع التعب ودفع الاشتباه عن رعيته والمعتنين باتباع امره وسماع كلمته بوضع ألفاظ مبتدئة حين البناء على اظهار الشريعة بكل ما يكثر دورانه من حج أو صلاة أو صوم أو زكاة أو نبوة أو امامة أو قضاء أو خطبة أو حكومة أو ايمان أو اسلام أو كفر ونحوها وكيف يخطر في البال أو يجري في الخيال ان الشارع مع زيادة سفقته وكثرة لطفه بالرعية وشدة عنايته ونهاية حكمته لا يلحظ ما يلحظه التاجر في تجارته والصانع في صناعته فثبوت الحقيقة الشرعية الدخول في الأوضاع الابتدائية غني عن الاستدلال غير محتاج إلى القيل والقال وفي الرجوع إلى حال السالفين من الأنبياء والى ما تضمنه الكتب المنزلة من السماء وكيفية استدلال الأئمة بكلاماتها وكلماتهم وفهم الاحكام من عباراتها وعباراتهم كفاية لمن نظر وتفكر وتدبر لوحدة الطريق وعدم الفرق بين المقامين على التحقيق ويكفى في اثبات هذا المطلب تكررها في الكتاب والسنة بحيث لا يحيط بها عدو لا تنتهي إلى حد (أحد) مع الخلو عن القرائن ومقبولية ذلك في الطبايع ولو كانت لنقلت في الاخبار لضرورة الاحتياج إليها وانصراف الذهن إليها من حيث ذاتها عند الاطلاق وكثرتها بهذا الحد يعني في اثبات كونها حقيقة واحتجاج الأئمة بالآيات القرآنية والأحاديث النبوية المشتملة عليها واستدلال الصحابة وجميع الأصحاب كذلك من غير ضم قرينة مع عدم معارضة الخصم لهم أبين شاهد على ما قلناه مع أن المسألة من الموضوعات ومطلق الظن كاف فيها وان لم يثبت الأصل لكن يترتب عليه العمل كما في أحوال الرجال ونحوها ويكفي في ثبوتها حكم بعض أهل اللسان كما في ساير اللغات وشهادة النافي غير مسموعة وفي الاجماع محصلا ومنقولا من عدة جماعة من الأعيان ما يغني عن البيان ومقتضى أكثر الأدلة انها موضوعة بالوضع الابتدائي دون الهجري كما مر بيانه سابقا على أن الهجر يوجب على المستدل بيان التاريخ ولم يذكر ذلك أصلا مع أنه مع التعويل على احتمال الهجر يتمشى مثله في كثير من ألفاظ اللغة فالقول به كالقول بالبقاء على المعاني اللغوية أو بأنها في زمن النبي صلى الله عليه وآله معان مجازية وانما صارت حقايق في أواسط أزمنة الأئمة أو أواخرها بالهجر حري بالهجر ثم على القول بمجازية هذه المعاني لابد من تقديمها على غيرها من المجازات للاجماع على ذلك من غير نكير ثم لو لم يثبت الوضع ثبت وجوب الحمل كما في كثير من الألفاظ التي جعل الشارع حكمها حكم الأسباب من غير اقتضاء دلالة الخطاب البحث الثالث في أن مقتضى القاعدة في التخاطب حمل كلام المتكلم في مكالمته أو المرسل في رسالته أو الكاتب في كتابته على مصطلحه وعلى ما وضع له في لغته اي عرفه العام أو الخاص في جميع اخباره واحكامه دون المخاطب في باب المخاطبة أو المرسل إليه في باب الرسالة أو المكتوب إليه في باب الكتابة ويجرى نحوه في الترجيح في موضوع الكلام في الخطاب ورسم الكتاب فيجري الانسان في جميع أقواله كافعاله على عادته وطريقته وذلك ظاهر فيما يتعلق بنفسه واما ما يتعلق بغيره فلا يفعل ولا يتكلم الا بما يترتب عليه غرض الغير أو فهمه فان جامع حصول الغرض البقاء على العادة لم يعدل عن عادته والا عدل عنها لمقتضى الحكمة والسلامة عن السفه فمن القى إلى شخص خطابا وكان مخالفا له في اللسان ان علم أو شك في عدم فهمه كلمة بلسانه ولم يتجسم ان يزجم (يزحم) له بعد المخاطبة بما لا يفهمه ولو مع الاحتمال ويجزي ذلك في السامعين له المطلوب أفهامهم ومن يصل إليهم الخطاب وان علم فهمه إما لجامعيته بين الموافق والمخالف أو لأنه يفهم الخطاب ولا يستطيع رد الجواب بقى استثناء الخطاب على عادته وان يلحظ مصطلح المخاطب ولا مكان التخاطب ولا من يسمع الخطاب ولذلك لا ترى في الاخبار النبوية والامامية ما يشتمل على غير العربية لان من يتردد من العجم إلى الأئمة عليهم السلام ليس الا من العلماء والعارفين وهم يفهمون لسان العرب فإذا وردت علينا رواية خوطب بها من لم يكن موافقا باللسان وجهلنا المقام بنيناها على مصطلح الإمام عليه السلام الا ان تقوم قرينة على إرادة المخاطب قرائن تدل على مراعاة المخاطب والبلد أو السامعين ولا تنتقض هذه القاعدة الا بحكم الشارع بطرح مدلولها واخراجها عن مفادها وتنزيلها على غيره فتكون من قبيل الأسباب لا من مقتضيات الخطاب كحكمه بتنزيل الوصية بالجزء على العشر أو السبع والسهم على الثمن أو السدس على اختلاف القولين في المقامين ويقوى رجحان الأولين ولولا حكم الشارع بالتنزيل لا غنى في العمل بالوصية الاتيان بأقل القليل ولا يتسرى الحكم إلى النذر وشبهها ولا الاذن والتوكيل وكحكمه بان من نذر ان يتصدق بمال كثير يزل (ينزل) الكثير في نذره على الثمانين وبان من نذر ان يعتق كل مملوك قديم ينزل القديم في نذره على من مضى في ملكيته ستة أشهر فصاعدا وبان من نذر صوم زمان وأطلق نزل على خمسة أشهر أو ستة أشهر ويقتصر على خصوص النذر بالتصدق بالمال والصوم في زمان وبالاعتاق للمملوك أو الوصية بالمتعلقات المخصوصة ولا تغنى الترجمة فيها وفي وصف الكثرة والقدم بالعربية لا بغيرها اقتصارا فيما خالف الأصل على المتيقن ويقرب من ذلك ما إذا نذر التصدق بجميع ماله ولا يسعه دفع الجميع فإنه ينزل على التصدق بالتدريج حكما ويشبه ما ذكرنا تنزيل سكوت البكر على الرضا مع كونه أعم منه وتنزيل اطلاق المهر على مهر السنة خمس مائة درهم ولا يبعد الحاق بيع جلد المصحف وورقه مثلا ووصية المرتد عن فطرة قبل الارتداد بما يصنع له بعد الموت في الصنيع له حيا والنيابة عنه فيما يناب به عن الأموات ولو كان من خصايص المسلم لان كفره موته وقد أوصى قبله به وكما يجرى في الأقوال يجرى في الادراك والافعال بالنسبة إلى الحكم الواقعي أو الظاهري البحث الرابع
Página 21